مرحبا بكم في عصر الأنثروبوسين
هل تُنبئ التغييرات التي نجريها على كوكبنا بعصر جيولوجي جديد؟
يبلغ عمر الكوكب الذي نسميه وطننا نحو 4.6 مليار سنة، وقد تغيرت الأمور كثيرا منذ ذلك الوقت. لقد انحرفت القارات، وتذبذبت المناخات، وظهرت أنواع حية وانقرضت أخرى. وبطبيعة الحال، فقد تطور البشر. تم توثيق كل هذه المعالم بشكل جيد في تغيرات الأحافير والإشارات الكيميائية الموجودة في الطبقات الصخرية للأرض، وهو ما مكّن الجيولوجيون من تقسيم الجدول الزمني للكوكب إلى عدة عصور متميزة. لقد سمعت غالبا بالعصور الترياسي، والجوراسي والطباشيري التي عاشت فيها الديناصورات، لكننا نعيش اليوم فيما يوصف رسميا باسم الهولوسين Holocene، وهو اسم مشتق من الإغريقية بمعنى “الحديث تماما”. بدأت هذه الحقبة منذ 11,700 سنة، بعد العصر الجليدي الكبير الأخير، وتميزت في معظمها بمناخ مستقر نسبيا.
وقد مكننا ذلك من التخطيط للمستقبل وتحسين طريقة حياتنا إلى حد كبير باختراع الزراعة، وتسخير أشكال جديدة من الطاقة وبناء المدن. ومع ذلك، يزعم بعض العلماء الآن بأن التأثير الهائل لهذا النشاط البشري على كوكب الأرض أدى بنا إلى عصر جيولوجي جديد تماما؛ هو الأنثروبوسين Anthropocene. هذا المصطلح، الذي يترجم من اليونانية إلى “عصر البشر” تقريبا، قد تمت صياغته لأول مرة في عام 2000 من قبل الكيميائي الحائز على جائزة نوبل بول كروتزن Crutzen.
وفي معرض تذكّره للحظة التي ابتكر فيها الاسم لأول مرة، قال كروتزن: “كنت في مؤتمر، حيث قال أحدهم شيئا عن الهولوسين. فكرت فجأة أن هذا خطأ. لقد تغير العالم كثيرا. كلا، نحن نعيش في عصر الأنثروبوسين. لقد اخترعت الكلمة هكذا فجأة. شعر الجميع بالصدمة. لكن يبدو أنها رسخت في الأذهان”.
لقد ازدادت شعبية هذا المصطلح في الواقع بين العلماء منذ ذلك الحين، بعد أن ظهر في نحو 200 مجلة محكّمة، كما ألهم اسم مجلة أكاديمية جديدة تماما: أنثروبوسين. ومع ذلك، فلا يزال غير معترف به كحقبة رسمية. ولكي يحدث ذلك، يجب أن يقوم الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS)، وهو المنظمة المهنية المسؤولة عن تحديد النطاق الزمني للأرض، بإعلان ذلك. في عام 2016، صوّت الفريق العامل المعني بالأنثروبوسين (WGA) للاعتراف رسميا بالعصر الجديد وعرض حجته على المؤتمر الجيولوجي الدولي، ولكن لم يتم التوصل إلى قرار نهائي بعد.
في الماضي، كان اتخاذ مثل هذا القرار يستغرق عقودا وحتى قرونا من الزمن، فمن أجل تعيين الحدود بين العصور المتميزة يجب أن توجد أدلة كافية على ثمة إشارة تحدث على الصعيد العالمي بين طبقات الصخور. فقد تم مثلا تحديد نهاية العصر الطباشيري بواسطة “ارتفاع ذهبي” في معدن الأيريديوم، والذي يوجد مبعثرا في الرواسب في جميع أنحاء العالم بفعل الكويكب الذي أزال الديناصورات من الوجود. وبرغم أنه يؤمل في أن يتم الإعلان عن عصر الأنثروبوسين خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن المشكلة الرئيسية التي تواجه الجيولوجيين هي التحديد الدقيق لوقت بدايته. يرى البعض أنه حدث منذ آلاف السنين مع ظهور واحدة من أكبر التغيرات التي قادها البشر: أي اختراع الزراعة. ومع ذلك، فلم يكن للمحاصيل التي زرعها أسلافنا الأوائل تأثير كبير على صخور الأرض، كما تطوّرت الممارسات الزراعية الجديدة بصورة تدريجية نسبيا.
ولذلك تحدد واحدة من الحجج الرائجة الأخرى ذلك التاريخ بنحو عام 1750، عندما انطلقت الثورة الصناعية. في هذا الوقت، أدى استخدام الوقود الأحفوري إلى زيادة كبيرة في كمية ثاني أكسيد الكربون الموجودة في الغلاف الجوي، كما أدى تعدين الفحم والنفط والغاز إلى تغيير المشهد بشكل كبير. وبدلا من ذلك، اقترح البعض عقد الخمسينات من القرن العشرين باعتباره أكبر نقطة تحول في تأثيرنا على الأرض. عند نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت المؤسسات الاقتصادية القديمة في الانهيار وأصبح العالم أكثر ارتباطا.
بدأت أعداد السكان تتزايد بسرعة مذهلة، وهو حدث يشير إليه العلماء عادة باسم التسارع الأكبر Great Acceleration، كما بدأ فجر العصر النووي. يعتقد البعض أن التواقيع المشعة المترسبة في الأرض من التجارب الأولى للقنبلة الذرية هي ما سيساعد الجيولوجيين في المستقبل على تحديد بداية عصر الأنثروبوسين، في حين يشير آخرون إلى أن هذا الحدث قد يكون التلوث البلاستيكي، أو السخام المنبعث من محطات توليد الطاقة أو الخرسانة المستخدمة في البنية التحتية. وحتى الدجاج المنزلي يمكنه أن يصبح علامة حاسمة، لأنه بفضل رغبتنا في اللحوم والبيض، فقد أصبح الآن الطير الأكثر شيوعا في العالم.
في حين يعتبر هذا التاريخ الأكثر حداثة من قبل الكثيرين جديرا بالتأهل، يقول بعض الجيولوجيين أنه ليس هناك ما يكفي من الأدلة الواضحة لتحديد نهاية عصر الهولوسين. ومع ذلك، فسواء تم اكتشاف حدود مادية أم لا، لا يمكن إنكار أن البشر كان لهم تأثير دائم على البيئة. ربما لم نوجد على الأرض سوى لمدة تقل عن %0.01 من تاريخها، إلا أننا قمنا خلال ذلك الوقت بإعادة تشكيل الكوكب بشكل لا رجعة فيه، وذلك بوتيرة أسرع بكثير مما كانت ستغيره العمليات الجيولوجية الطبيعية. وفي الواقع أن القرن الماضي شهد قدرا أكبر من التغيير مما حدث خلال الـ 250,000 سنة السابقة من تاريخ البشرية، وليست هناك أية علامات على أن الوتيرة ستتباطأ. وبطبيعة الحال، لم تكن جميع التغييرات التي أحدثناها سلبية. تعني الزيادة الهائلة في الابتكار والاكتشاف خلال السنوات الأخيرة أن معظمنا يعيش الآن في مستوى معيشي أفضل بكثير مما توفر لأسلافنا. انتشل العمل في المصانع ملايين البشر من براثن الفقر، مما حررهم من دورات القحط والمجاعة الناجمة عن الاعتماد على الدخل المتحقق من الزراعة. يمكن للتقنيات الحديثة أيضا إطعام وكسوة أعداد من البشر أكبر من أي وقت مضى، حيث تقوم الآلات والأتمتة بتسريع طرق التصنيع وخفض تكاليفها.
وقد أدت التطورات في مجال الطب، مثل إنتاج اللقاحات والهندسة الوراثية إلى تطوير العلاجات الدوائية والجينية، مما أدى إلى انخفاض كبير في معدل الوفيات، في حين ساعدت التنمية الاقتصادية على تقليل الحاجة إلى الأسر الكبيرة ومن ثم إبطاء وتيرة النمو السكاني. وكذلك فنحن نعرف المزيد عن كوكبنا وعن الكون من أي وقت مضى، مما يمكننا من التعلّم من تاريخهما، وفهم حاضرهما والتخطيط لمستقبلهما. ومع ذلك، فإن سعينا من أجل حياة أفضل لم يستفد منه الجميع بالتساوي. ففي الوقت الذي تتحسن فيه مستويات المعيشة إجمالا، فإن الفجوة في التفاوت في الثروات تزداد اتساعا، حيث يضطر المزيد من الناس في العالم النامي إلى شغل وظائف منخفضة الأجر لإنتاج السلع للبلدان المتقدمة. وباستخدام أساليب الإنتاج الحالية، لا يسعنا إلا أن ندعم سكانا يتراوح عددهم بين مليارين أو ثلاثة مليارات نسمة يتمتعون بنفس مستوى معيشة سكان الولايات المتحدة، لكن عدد سكان العالم ارتفع من مليار إلى أكثر من 7 مليارات منذ القرن التاسع عشر. يزيد ذلك أيضا من تأثيرنا على البيئة، وقد دفعتنا المساحة اللازمة لاستيعاب وتزايد عدد السكان المتزايد إلى تغيير أكثر من %50 من أراضي الكوكب عن طريق إزالة الغابات وبناء المدن والسدود على الأنهار. هناك الآن عدد مساو من الأشجار لما كان موجودا قبل ظهور البشر، وكل هذا يؤدي إلى انخفاض كبير في التنوع البيولوجي في جميع أنحاء العالم. فالنباتات والحيوانات غير النافعة لنا تنقرض بمعدل يُنذر بالخطر، والذي تزيد سرعته بنحو 100 إلى 1,000 ضعف ما كان سيحدث دون تدخل منا، ومن المقرر أن يزداد هذا أكثر خلال السنوات المقبلة. يجادل كثير من العلماء بأن هذا يمثل أقوى حجة لإعلان عصر جيولوجي جديد، فعندما يدرس الجيولوجيون في المستقبل السجلات الأحفورية لهذه الفترة الزمنية، سيجدون حدثا للانقراض الجماعي يناهز في شدته أحداث الانقراض الخمسة الأشد تدميرا في تاريخ الأرض، بما فيها ذلك الذي تسبب في انقراض الديناصورات. يتعلق أحد الآثار البيئية الرئيسية الأخرى بالتغير المناخي. منذ عام 1750، حدثت زيادة حادة في كمية غازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون الناجم عن حرق الوقود الأحفوري، وأكسيد النيتروز الناتج عن استخدام الأسمدة، والميثان المتولد عن روث الماشية ومكبات القمامة. تسبب هذا في ترقّق الأوزون، وهي طبقة واقية في الغلاف الجوي تقوم بترشيح الأشعة فوق البنفسجية الضارة من الشمس، مما يتسبب في تغيير المناخ بمعدل أسرع من أي وقت مسجّل من قبل. تؤدي الزيادة الكبيرة في درجة حرارة سطح الأرض إلى تسريع ذوبان القمم الجليدية في غرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية، وهو ما يرجّح أن يتسبب في ارتفاع مستويات البحار العالمية بأكثر من 5 م خلال القرون القادمة. سيؤدي هذا إلى فيضانات في المناطق الساحلية المنخفضة، مما يقلل من كمية الأراضي المتاحة لأعدادنا المتزايدة لزراعتها والعيش فيها. وكذلك تتأثر المناطق الساحلية سلبا بالزيادة في استخدام الأسمدة الاصطناعية المرتكزة على النيتروجين، واللازمة للتصنيع الزراعي. وبما أن المزارعین سیستخدمون حتما قدرا أكبر من هذه الكيماويات مما یحتاجون إليه فعلیا، فسيجد أي فائض منها طریقه إلى الممرات المائیة وينتهي على الشواطئ. وهناك يغذي فائض الكيماويات العوالق التي تزدهر، مما قد يخنق الأسماك والمحار، مما يُحدث مناطق ميتة هائلة حيث لا يمكن للمخلوقات الساحلية أن تظل على قيد الحياة. من خلال دراسة كل هذه التغيرات، جمع العلماء أدلة دامغة على أنها ناجمة عن الأنشطة البشرية. تُظهر معظم الرسوم البيانية التي تتبّع أموراً مثل تركيزات غازات الدفيئة، ومعدلات الانقراض، وإزالة الغابات وجود ارتفاع حاد مفاجئ بعد عام 1950 عندما بدأ التسارع الأكبر.
ومع ذلك، وكما أظهر لنا التاريخ، فإن هذه الأنواع من التغييرات لم تكن غير مسبوقة.
لقد تغير مناخ، والتنوع البيولوجي، وجيولوجية الأرض بشكل جذري من قبل، مما خلق ظروفا أكثر سخونة وبرودة بكثير من المتوسط العالمي الحالي.
فما الذي يجعل التحول إلى عصر الأنثروبوسين مختلفا؟
لأول مرة في تاريخ الأرض، يتسبب نوع واحد بمفرده في كل هذه التغيرات على كوكب الأرض.
والأكثر من ذلك أننا نعلم أننا نفعل ذلك.
يمثل هذا أحد الأسباب التي تجعل العديد من الجيولوجيين متحمسين للغاية لإعلان عصر الأنثروبوسين رسميا. عادة ما تكون تسمية عصر جديد مسألة تتعلق بالإجراءات الرسمية، لكنه من المأمول أنها قد تساعد في هذه المرة على تغيير وجهة نظر الناس بشأن العلاقة بين البشر والأرض. ومن خلال الاعتراف بأننا نتسبب في هذا التأثير الهائل على البيئة، فسنمتلك القدرة على تحديد ما سيبدو عليه مستقبلها. في الوقت الراهن، هناك العديد من السيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تتضح معالمها، والأمر متروك لنا لتحديد أيها سنختار. يمكننا، بطبيعة الحال، أن نستمر ببساطة كما نحن، لكن هذا لن يزيد إلا من احتمال وقوع بعض الأحداث الكارثية.
في القرن المقبل، يتوقع أن يزيد عدد سكان العالم إلى ما بين 10 و12 مليار نسمة، حيث يؤمل في أن يستقر بسبب انخفاض معدلات المواليد. نحن نكافح بالفعل لتزويد 7 مليار نسمة بمستوى معيشي لائق، وبالتالي فمع استمرار معدلنا الحالي في الاستهلاك، فإن دعم المزيد منا سيمثل تحديا كبيرا. قد يؤدي الاكتظاظ السكاني إلى نشوب صراعات عالمية، ويؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار، وكلها أمور ستزداد سوءا بسبب آثار الاحترار العالمي.
يتغير المناخ بسرعة مقلقة بالفعل، لكن توفير ما يكفي من الوقود لما بين 10 إلى 12 مليار نسمة لن يؤدي سوى إلى تسريع وتيرة هذه التغييرات أكثر فأكثر إذا واصلنا استخدام الفحم والنفط والغاز. لقد ارتفع متوسط درجة الحرارة العالمية بالفعل بمقدار درجة سلزية منذ أواخر القرن التاسع عشر، ومن شأن هذه الدرجة الواحدة أن تسفر عن بعض النتائج الجذرية. ستصير الوارث البیئیة مثل الفیضانات والجفاف والأعاصیر أثر شیوعا، وسترتفع درجات الحرارة إلی مستویات غیر صالحة للعيش، ما سیؤدي ارتفاع منسوب سطح البحر إلی غمر مزيد من الأراضي تحت الماء. سيتمكن الجيولوجيون في المستقبل، إذا ظلوا على قيد الحياة، من دراسة آثار مدننا بتفصيلات مذهلة حيث سيتم دفنها في الطين المترسب من المياه الغامرة.
وبالإضافة إلى ذلك، فلن نكافح من أجل التكيف مع هذا العالم الأكثر دفئا والأكثر رطوبة فحسب، بل إن معظم الأنواع الحيوانية والنباتية لن تتمكن من التطور بسرعة كافية للبقاء على قيد الحياة في موائلها الجديدة. هناك سيناريو محتمل آخر، وهو محاولة توجيه المجتمع البشري للعودة إلى حياة الحياة البسيطة التي عاشها الناس في أوائل القرن التاسع عشر، يشمل هذا قيام كل أسرة ببناء منزلها، وتفصيل ملابس أفرادها وإنتاج طعامها الخاص. ويعني هذا أيضا تسخير كل طاقتنا من مصادر متجددة مثل الشمس والرياح، والتخلي عن التقنيات الحديثة بما في ذلك السيارات والإنترنت. وبرغم أن هذا قد يقلل بالتأكيد من تأثيرنا على البيئة، فمن المرجح أن يكون غير واقعي وغير رائج لدى السكان الحاليين.
بادئ ذي بدء، هناك سبعة أضعاف البشر الذين عاشوا في أوائل القرن التاسع عشر، والذين يحتاجون إلى أن يدعمهم نمط الحياة هذا، والذين تعلق كثير منهم بالفعل بكماليات الحياة الحديثة. ولذلك، فإن الطريقة الأقرب احتمالا لإعادة تشكيل المستقبل هي ابتكار تقنيات جديدة وتنفيذ إجراءات جديدة لحل مشكلات العالم.
تفيد في ذلك حقيقة أننا نتلقى تعليما أفضل ونزداد ترابطا باستمرار، وهناك دلائل بالفعل على أن المواقف بدأت تتغير. تساعد الابتكارات في مجال الطاقة النظيفة وتطوير السيارات الكهربائية على تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري غير المتجدد، وفي عام 2015، تعهد ما يقرب من 200 بلد ببذل قصارى جهدها للمساعدة في التصدي للتغير المناخي، وذلك باعتماد اتفاقية باريس للمناخ.
تهدف هذه الاتفاقية إلى تقليل الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين سلزيتين فوق مستويات ما قبل التصنيع، كما توفر حوافز لتقليل كمية غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية. وفي الوقت نفسه، جار التصدي لتقلص التنوع البيولوجي من قبل خبراء الحفاظ على البيئة في جميع أنحاء العالم، والذين يعملون على استعادة الموائل المستنفدة وحماية الأنواع التي توشك على الانقراض.
وبرغم أنه جار بالفعل تنفيذ التغييرات، فلا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به إذا أردنا عكس الضرر الذي سببناه لكوكبنا وضمان مستقبل أكثر استقرارا. إذا لم نتمكن من تقليل المخاطر، فلن يتبقى أمامنا سوى حل واحد فقط: ترك هذا الكوكب والبحث عن آخر. بدأت وكالات الفضاء والشركات الخاصة بالفعل في استكشاف إمكانية إنشاء مستعمرات بشرية على المريخ، حيث يُخطط حاليا لإطلاق أول بعثة مأهولة إلى الكوكب الأحمر المقرر في ثلاثينات القرن الحادي والعشرين.
ومع ذلك، فبرغم أننا ما زلنا بعيدين عن أن نتمكن من صنع عوالم أخرى صالحة للسكنى، فمن المنطقي أن نفعل كل ما بوسعنا لإنقاذ العالم الذي نعلم أنه يستطيع دعمنا. وبرغم أن الغازات التي قمنا بضخها بالفعل في الغلاف الجوي ستبقى لعشرات الآلاف من السنين، فلم يفت الأوان بعد للتدخل. باستخدام ذكاءنا الجماعي، يمكننا أن نعمل معا للتوصل إلى حلول ناجعة لوقف انبعاثات غازات الدفيئة، وإزالة الغازات الموجودة بالفعل من السماء، وعكس الأضرار التي لحقت بالموائل الحيوية. إذا كنا نعيش في عصر الأنثروبوسين بالفعل، فإن الأمر يعود لنا لجعله العصر الذي يقوم فيه البشر بتغيير الكوكب نحو الأفضل، بدلا من جعله أسوأ.