السفينة مايكل أنجلو
سفينة الركاب الفاخرة التي كانت واحدة من أواخر السفن التي بُنيت للسفر عبر الأطلسي فقطّ
في ستينات القرن العشرين، كانت التطورات الجارية في مجال الطيران تهدد صناعة سفن الركاب التي كانت تتمتع بشعبية كبيرة فيما مضى. ومن بين السفن التي حاولت مقاومة هذا الاتجاه، كانت السفينة مايكل أنجلو التي سميت على اسم فنان عصر النهضة الشهير. وجنبا إلى جنب مع شقيقتها، السفينة رافايللو SS Raffaello، كانت الباخرتان أطول عابرات المحيطات الإيطالية على الإطلاق.
وقد أعيد تصميم السفينة مايكل أنجلو مرات عديدة أثناء بنائها. ومن بين المشكلات المبكرة حدوث اهتزازات عنيفة في مؤخرة السفينة عندما تُبحر بسرعة. فقد اكتشف هذا العيب لأول مرة خلال التجارب البحرية للسفينة، وأُصلح في وقت لاحق بإجراء تعديلات على مراوح السفينة. وكذلك أدت تلك التغييرات إلى زيادة السرعة القصوى للسفينة مايكل أنجلو، وصولا إلى ما يقارب 60 كيلومترا في الساعة. وقد صُمِّمت المدخنتان على شكل شبكة Lattice، وهي خاصية لا تزال مستخدمة حتى الآن في السفن الحديثة لجعلها أكثر انسيابية.
استغرق بناء السفينة مايكل أنجلو خمس سنوات كاملة، وقد انطلقت في رحلتها الأولى إلى نيويورك في يوم 12 مايو 1965، حاملة على متنها 1495 راكبا. وباعتبار أنه لا يمكن حتى مقارنتها بسرعة السفر الجوي، فقد صمّمت السفينة بحيث تكون أفخم وسيلة لعبور المحيط الأطلسي. وفي عام 1966، أدت رحلة جرت خلال عاصفة إلى وفاة اثنين من الركاب وأحد أفراد الطاقم، كما أصيب أكثر من 50 شخصا بجروح. وقد دفع هذا بالمصممين إلى استبدال التصفيح الخارجي الذي كان من الألومنيوم برقائق من الفولاذ.
وعلى الرغم من هذه الانتكاسة، فقد كانت السفينة رائجة لدى الجمهور الإيطالي، الذي أطلق عليها الاسم الرمزي “مايك”. وعلى الرغم من ذلك، ففي نهاية المطاف أدى إنتاج طائرات أكثر قوة وسعة، مثل البوينغ 747، إلى إضعاف القدرة التنافسية للسفينة كثيرا. فقد أصبح السفر جوا أرخص وأكثر كفاءة، ومن ثم فبحلول نهاية عقد السبعينات، كانت الخطوط الملاحية المنتظمة العابرة للأطلسي شيئا من الماضي.
الحياة على متن السفينة
عمل الخط الملاحي بنظام الدرجات الثلاث: الدرجة الأولى، والدرجة الثانية والدرجة السياحية. فقد كان الفرق الوحيد على متن السفينة مايكل أنجلو هو أن الدرجة الثانية كانت تعرف رسميا باسم “فئة القمرة”، لعدم رغبة هؤلاء الركاب في أن يوصفوا بأنهم من “من الدرجة الثانية”. كان بوسع كل راكب تجربة عظمة السفينة ومشاهدة التقنيات الحديثة الموجودة على متنها.
كانت السفينة تضم 30 استراحة، وثلاثة نواد ليلية وحتى دار سينما. كانت المساحات الاجتماعية تضم أجهزة تلفزيون للترفيه وعندما كانت السفينة تبتعد عن الساحل بحيث لا يمكنها استقبال إشارة البث التلفازي، كانت منظومة الدائرة التلفزيونية المغلقة تُظهر جميع مناطق السفينة على الشاشات. وكانت حمامات السباحة على متن السفينة مزودة بمصابيح تعمل بالأشعة تحت الحمراء للحفاظ على المياه دافئة، في حين استخدمت أنظمة تكييف الهواء في جميع أنحاء السفينة للتحكم في درجة حرارة الطقس.
نهاية الخط الملاحي
أدى تحوّل السياح من البحار إلى الجو إلى الحيلولة دون تحقيق السفينة مايكل أنجلو لأي ربح على الإطلاق. كما كان الانخفاض السريع في عدد المسافرين خلال سنواتها الأخيرة يعني أن عدد أفراد الطاقم كان كثيرا ما يفوق عدد الضيوف. وخلال رحلتها الأخيرة عبر الأطلسي في يونيو 1975، أُغلقت المكتبة وقسم غسيل الملابس، كما أن الإمدادات من المشروبات والسجائر، والتي لم تُجدّد، سرعان ما بدأت بالتناقص.
وعند عودتها النهائية إلى إيطاليا، كان في استقبال السفينة مايكل أنجلو في ايطاليا آلاف الأشخاص. فقد سُحِبت السفينة إلى ترسانات بناء السفن، وأُنقذت مؤقتا من أن تتحول إلى خردة من قبل شاه إيران، الذي حولها إلى ثكنة عسكرية راسية. وتم التخلص منها في نهاية المطاف في عام 1991.