علماء يطورون نموذجاً ”باكياً“ لأنسجة العين البشرية
بقلم: إميلي كوك
ابتكر العلماء في المختبر أول نموذج ثلاثي الأبعاد للملتحمة Conjunctiva البشرية، وهو الغشاء الخارجي الواقي الشفاف للعين، بل إن نموذجهم يفرز الدموع. يقول الباحثون إنه يمكن استخدام النموذج الجديد لدراسة الأمراض التي تصيب ملايين الأشخاص، مثل التهاب الملتحمة Conjunctivitis. نسخة الملتحمة هذه عبارة عن ”عضيوة“ Organoid، وهي كتلة من الخلايا المُهندسة في المختبر لتشبه نسخاً مصغرة ثلاثية الأبعاد من أنسجة الجسم الكاملة الحجم. تُستزرع العضيوات عادة من الخلايا الجذعية Stem Cells وتُمكّن العلماء من إعادة تكوين بنية ووظيفة الأعضاء البشرية. ولهذا السبب، تظهر النماذج كبدائل واعدة لاستخدام الحيوانات في تجارب الأدوية.
حتى الآن، لم تكن هناك نماذج مختبرية واقعية للملتحمة البشرية، مما أدى إلى محدودية الأبحاث في هذا المجال. لصنع النموذج الجديد، جمع الباحثون الخلايا الجذعية من أنسجة الملتحمة المقدمة من متبرعين بالأعضاء ومرضى خضعوا لجراحة العيون. وباستخدام مركبات كيميائية تسمى عوامل النمو Growth Factors، حوّل العلماء الخلايا إلى بنى ثلاثية الأبعاد تحاكي الملتحمة البشرية. تحتوي هذه العضيوات على جميع الخلايا الموجودة عادة في الملتحمة، بما في ذلك الخلايا المنتجة للمخاط، مثل الخلايا الكأسية Goblet Cells والخلايا الكيراتينية Keratinocytes، التي تمكّن الأنسجة من إفراز دموع غنية بالمخاط تحمي وتليّن سطح العين. ولكن الباحثين وجدوا أن الخلايا الأخيرة تفرز أيضاً بروتينات مضادة للميكروبات.
قالت ماري بانييه-هيلاويت Marie Bannier-Hélaouët، باحثة ما بعد الدكتوراه في البيولوجيا التطورية وأبحاث الخلايا الجذعية في معهد هوبريخت Hubrecht Institute في هولندا: ”لقد اكتشفنا أن الملتحمة تُنتج مكونات مضادة للميكروبات، ومن ثمَّ تسهم في إفراز الدموع بطرق أكثر من مجرد صنع المخاط“. ويحاكي النموذج الجديد جميع السمات الرئيسية للملتحمة البشرية، بما في ذلك قدرتها على إنتاج دموع غنية بالمخاط. وإضافة إلى كشف هذه الخصائص المضادة للميكروبات للخلايا الكيراتينية، ساعد النموذج العلماء على التعرف على الخلايا الملفوفة Tuft Cells، وهي نوع من الخلايا لم يكن وجودها في الملتحمة معروفاً من قبل، فهي خلايا ظهارية Epithelial Cells توجد في الأنسجة المغطية لأسطح مختلفة من الجسم والتي رُبطت سابقاً بحالات الحساسية Allergies. قالت بانييه-هيلاويت: ”لقد اكتُشفت خلايا مماثلة في أنسجة أخرى، لكن ليس في الملتحمة البشرية“.
أجرى الباحثون تجاربهم على العضيوات الجديدة بتطبيق مواد كيميائية التهابية تسمى الإنترلوكينات Interleukins على النماذج لمحاكاة ما قد يحدث أثناء رد الفعل التحسسي Allergic Reaction. قالت بانييه-هيلاويت: ”بدأت العضيوات تفرز دموعاً مختلفة تماماً: أفرزت كمية أكبر من المخاط، لكن كان هناك أيضاً المزيد من المكونات المضادة للميكروبات“. وكذلك صارت الخلايا الملفوفة المكتشفة حديثاً أكثر عدداً بداخل العضيوة، مما يشير إلى أنها قد تؤثر في كيفية استجابة أعيننا للحساسية.
يعتزم الباحثون استخدام النموذج لاختبار أدوية جديدة لعلاج أمراض الملتحمة، بما في ذلك جفاف العين الناجم عن ضعف كمية أو نوعية الدموع، والعين الوردية Pink Eye، أو الالتهاب الناجم عن العدوى أو الحساسية أو المهيجات. وفي الدراسة الأخيرة، أصاب الباحثون العضيوات بفيروسات مختلفة معروف أنها تسبب التهاب الملتحمة الفيروسي، ثم عالجوا العدوى بالأدوية. فمثلاً، عولجت العدوى
بفيروس الهربس البسيط - (Herpes Simplex Virus 1) 1 المسؤول غالباً عن الهربس الفموي والتناسلي ولكنه قد يسبب أيضاً التهاب الملتحمة – باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات. هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث، لكن الباحثين يأملون في استخدام هذا النهج يوماً ما لصنع ملتحمة بديلة للمصابين بحروق العينين أو السرطان أو الاضطرابات الوراثية.