تشتهر المنطقة القطبية الشمالية بدرجات الحرارة المتجمدة وشتاء جليدي معتم. تتوزع هذه الظروف القاسية بشكل غير متناسب على قطبي الأرض، لكن لماذا؟ تنشأ هذه المصائد الباردة بفعل دوامة متواصلة من الهواء البارد الذي يدور عكس اتجاه عقارب الساعة حول الكوكب في الغلاف الجوي فوق القطب الجنوبي والقطب الشمالي. تسمى هذه الأشرطة الهوائية ذات الضغط المنخفض بالدوامة القطبية .Polar vortex
في معظم الأوقات، تظل الدوامة القطبية قريبة من القطب. لكن قوتها تتغير دائماً، مما يتسبب في تغيير حدودها من حيث الشكل والحجم. عندما تقترب من خط الاستواء، تتعرض المناطق الموجودة أسفلها لهبوب رياح مفاجئة. على حافة الدوامة القطبية، يوجد تيار نفاث Jet stream. عادة ما يكون دوران الهواء هذا أقل في الارتفاع وخط العرض من الدوامة، ويتحكم في سرعته اختلاف درجة حرارة الهواء المحيط، وكذلك دوران الأرض. عندما يتراصف التيار النفاث مع الدوامة على خط العرض نفسه، يُحتجز الهواء البارد عند القطب وتزداد قوة الدوامة.
بسبب التغيرات المناخية القاسية بعد تحرك الدوامة القطبية جنوباً.
1 دوامة مستقرة STABLE VORTEX
عندما تكون الدوامة القطبية قوية، يتحرك التيار النفاث شمالاً، فتهب الرياح في اتجاه مستقيم وبسلاسة.
2 دوامة متموجة WAVY VORTEX
إذا ضعفت الدوامة القطبية، فلن يُسحب التيار النفاث شمالاً بالقوة نفسها، مما يجعل مسار الرياح أكثر تموجاً.
3 هواء بارد COLD AIR
عندما يُنشئ الهواء السريع التدفق شريطاً ضيقاً بالقرب من القطب، يُحتوى الهواء البارد فوقه.
4 تشتت الهواء AIR DISPERSAL
يسمح التيار النفاث الضعيف للهواء البارد بالابتعاد عن القطب ولبعض الهواء الدافئ بالتحرك نحوه.
5 تيار نفاث مستقيم STRAIGHT JET STREAM
عندما يكون الاختلاف في درجة الحرارة عبر جانبي التيار النفاث كبيراً، يكون التيار النفاث مستقراً.
6 تيار نفاث ضعيف WEAK JET STREAM
خلال فصل الصيف، يضعف التيار النفاث ويتحول بعيداً عن القطب.
7 منطقة الهواء الدافئ WARM AIR ZONE
يظل الهواء الدافئ بعيداً عن الدوامة القطبية.
8 احترار القطب الشمالي WARMING THE ARCTIC
عندما يكون الهواء الدافئ حراً للتحرك نحو القطبين، فقد يتسبب ذلك في ذوبان الجليد.
مشكلة مزدوجة
هناك نوعان من الدوامات القطبية في كل من نصفي الكرة الأرضية – واحدة في طبقة الستراتوسفير Stratosphere والأخرى في طبقة التروبوسفير Troposphere. طبقة التروبوسفير هي أدنى طبقات الغلاف الجوي للأرض ارتفاعاً، في حين طبقة الستراتوسفير هي ثاني أدنى الطبقات ارتفاعاً. عادة ما تكون الدوامة الأعلى في الغلاف الجوي أكثر دائرية لأنها تواجه عدداً أقل من العوائق. وفي الوقت نفسه، تكون دوامة الارتفاع المنخفض أكثر تموجاً، حيث توجد تضاريس جبلية وأنظمة ضغط أكثر تبايناً يجب التغلب عليها. ولكونها أقرب إلى سطح الأرض، يكون لدوامة التروبوسفير التأثير الأكبر على الطقس. في القطب الشمالي، على الرغم من كون هذه الدوامة مقيدة في الغالب بالقطب الشمالي، فعندما يضعف التيار النفاث، فمن الممكن أن تنجرف جنوباً. عندما يحدث هذا، تحدث ظروف مناخية قارسة البرودة. لكن دوامة الستراتوسفير ليست دائمة، فعادة ما تختفي بين شهري مارس وسبتمبر. عندما تتشكل هذه الدوامة وتحافظ على دورانها القوي، ويقل احتمال تحرّك أبرد درجات حرارة القطب الشمالي جنوباً إلى أراضٍ أكثر كثافة سكانية.
ارتفاع حرارة القطبين
يؤثر الاحترار العالمي Global warming على الكوكب بأسره، لكن معدل الاحترار يتباين باختلاف خطوط العرض. فمثلاً، ترتفع درجة حرارة سطح القطب الشمالي بوتيرة أسرع بمرتين من متوسط سطح الأرض. يؤثر هذا على الدوامة القطبية لأن استقرار الدوامة يُحفظ بفعل اختلاف درجة الحرارة على جانبي التيار النفاث. إذا زادت درجة حرارة القطب بدرجة أكبر بكثير من المناطق الواقعة عند خطوط العرض المنخفضة، فلن يكون الاختلاف في درجات الحرارة كبيراً. نتيجة لذلك، تصبح الدوامة القطبية أضعف ويمكن أن يتسلل المزيد من الهواء الدافئ إلى القطبين، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارتهما.
بقلم: إيلسا هارفي