اكتشاف نشاط بركاني غير مسبوق على كوكب الزهرة
اكتشف علماء الكواكب أدلة على وجود نشاط بركاني حديث على كوكب الزهرة Venus. يُظهر أرشيف بعثة ماغلان Magellan mission لوكالة ناسا علامات تدل على أن بركان جبل ماعت Maat Mons، وهو بركان يبلغ ارتفاعه 5 أميال، والذي نشط في عام .1991 أطلقت بعثة ماغلان في مايو ،1989وكانت أول مركبة فضائية ترسم خريطة لسطح كوكب الزهرة بالكامل. كشفت صور الرادار التي التقطتها البعثة أن كوكب الزهرة ممتلئ بالبراكين، لكن في ذلك الوقت لم يتمكن العلماء من معرفة ما إذا كان أي منها لا يزال نشطاً.
الآن، كشف تحليل جديد لهذه الصور الأرشيفية التي تعود إلى 30 سنة عن وجود فوهة بركانية متضخمة بفعل الحمم البركانية في منطقة أتلا ريجيو ،Atla Regio بالقرب من خط استواء الكوكب. استوحي هذا الاكتشاف من بعثة ناسا القادمة إلى كوكبنا الشقيق، والتي ستطلق في غضون عقد من الزمن. ستتولى بعثة فيريتاس VERITAS (وهي اختصار القدرة الانبعاثية، والعلوم الراديوية، ورادار الفتحة التركيبية التداخلي، والطوبوغرافيا والتحليل الطيفي لكوكب الزهرة Venus Emissivity, Radio science, InSAR, Topography and Spectroscopy)، بقيادة مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion Laboratory التابع للوكالة في جنوب كاليفورنيا، مهمة مسح كوكب الزهرة من السطح إلى اللب لفهم كيف تحوّل كوكب صخري مشابه جداً لكوكبنا إلى بؤرة حارقة.
قال روبرت هيريك Robert Herrick، أستاذ الأبحاث في جامعة ألاسكا فيربانكس University of Alaska Fairbanks وعضو فريق فيريتاس: ”ألهمني اختيار وكالة ناسا لبعثة فيريتاس للبحث عن النشاط البركاني الأخير في بيانات بعثة ماغلان. لم أكن أتوقع حقاً أن أنجح، لكن بعد نحو 200 ساعة من مقارنة الصور يدوياً والتمحيص في مدارات ماغلان المختلفة، رأيت صورتين للمنطقة نفسها تفصل بينهما 8 أشهر تظهران تغيرات جيولوجية تُشير إلى حدوث ثوران بركاني“.
جبل ماعت هو أطول بركان على كوكب الزهرة، حيث يبلغ ارتفاعه 8,000م فوق السهول البركانية القاحلة والتضاريس المشوهة على سطح الكوكب. في صورة التقطت في فبراير ،1991 تبدو فوهة بركانية مرتبطة بـجبل ماعت دائرية تقريباً، مع وجود علامات لانسياب الحمم البركانية على منحدراته الخارجية، التي تغطي مساحة تقل عن ميل مربع واحد. وفي أكتوبر من العام نفسه، التقطت بعثة ماغلان صوراً للفوهة نفسها المليئة ببحيرة من الحمم البركانية الفقاعية – لكنها بدت مشوهة وتضاعف حجمها. لكن المسبار صوّر الفوهة من مدارات مختلفة وبمّيْز ضعيف، مما جعل من الصعب على العلماء مقارنة الصور. لكنهم تمكنوا من ترتيبها يدوياً، ومن ثم تطوير نماذج حاسوبية للفوهات، مما ساعدهم على تحديد سبب التغيرات الجيولوجية.
قال سكوت هينسلي،Scott Hensley كبير الباحثين في المختبر JPL التابع لوكالة ناسا: ”طابقنا الصور باستخدام عدة عمليات للمحاكاة، والسيناريو الأرجح هو أن النشاط البركاني حدث على سطح كوكب الزهرة أثناء بعثة ماغلان. وعلى الرغم من أن هذه ليست سوى نقطة بيانات واحدة بالنسبة لكوكب بكامله، إلا أنها تؤكد وجود نشاط جيولوجي حديث“.
قال الباحثون إن تدفق الحمم البركانية من فوهة جبل ماعت ربما كان مشابهاً في الحجم لثوران بركان كيلويا Kilauea volcano في هاواي في عام 2018. أعطى هذا الاكتشاف العلماء لمحة عن الاكتشافات التي يحتمل أن تكشفها بعثة وكالة ناسا القادمة. فيريتاس هي أول مركبة فضائية تعود إلى الزهرة منذ تسعينات القرن العشرين، وتتمثل مهمتها في بناء نماذج ثلاثية الأبعاد للكوكب لسبر أعمق أسراره.
بقلم: ساشا باري