وحوش ما قبل التاريخ
تعرّف على المفترسات القديمة الهائلة التي جابت الأرض، وسادت المحيطات وأرهبت السماء
آكل اللحوم الضخم من العصر الطباشيري
اِنس التيرانوصورس ريكس: كانت السحلية الفقارية هي الملك الحقيقي
بارتفاعه الذي يقترب من ثلاثة طوابق وجسمه الأطول من الحافلة، كان السبينوصور أكبر الديناصورات آكلة اللحوم التي سارت على الأرض. جابت هذه “السحلية الفقارية” السهول الساحلية والمستنقعات في شمال إفريقيا خلال منتصف العصر الطباشيري. وعلى عكس التيرانوصورس ريكس، لم تكن أسنان السبينوصور مسنّنة، فهي لم تكن تُستخدم في تمزيق اللحم؛ فأسنانه مخروطية الشكل، وفكاه القويان وخطمه الطويل كانت أكثر ملاءمة لقضم الأسماك الكبيرة. يُعتقد أن السبينوصور كان أول ديناصور يمكنه السباحة، وأنه كان يقضي وقتا طويلا في الماء حيث يمكنه اصطياد المخلوقات المائية بمخالبه الحادة جدا تشير الأدلة إلى أن فتحتي أنف السبينوصور وتجاويف جمجمته كانت جزءا من نظام لاكتشاف الضغط، بحيث يمكنه استشعار حركات الأسماك حتى في المياه العكرة. كانت السمة المميزة لآكل اللحوم العملاق هذا هي “شراعا” على ظهره يبلغ ارتفاعه 1.5 متر، والذي تشكله الفقرات الطويلة لعموده الفقاري. قد يكون هذا استعراضا لجذب الإناث أو لترهيب المنافسين، أو المساعدة على تنظيم درجة الحرارة، أو ربما لدعم سنام شبيه بسنام الجمل من الدهون المخزنة التي يخزنها السبينوصور عندما يكون الطعام وفيرا.
مفترس بحري جبار
كان اللوبلوريدون واحدا من أقوى الحيوانات المفترسة التي عرفتها الأرض، مع عضة ربما كانت أقوى من عضة التيرانوصورس ريكس. وهو ينتمي إلى مجموعة من الزواحف البحرية تسمى البلنصورات pliosaurs ، والتي كانت حيوانات ضخمة ذات أعناق قصيرة. تكون طعام اللوبلوريدون أساسا من الأسماك والحبار، لكنه كان يسعى من حين إلى آخر لالتهام فرائس أكبر منه بكثير. تشير علامات العضات الهائلة التي وُجدت في أحافير البلنصورات إلى أنها كانت ضحايا لفكي اللوبلوريدون الهائلين، اللذين كانا ممتلئين بالأسنان الحادة. يقدّر العلماء أن هذه الحيوانات الهائلة الآكلة للحوم لا بد أنها كانت قوية بما يكفي لقضم سيارة إلى نصفين، لو كانت موجودة حينذاك! ربما كان للوبلوريدون أيضا جانب سفلي شاحب ليساعد على الحفاظ عليه مموها عن الفريسة أسفله، مما سمح له بالهجوم من مكمنه على رغم من حجمه الهائل.
عمالقة السماء
المفترسات الجوية الضخمة التي جلبت الموت من السماء.
طائر كاسر عملاق
بمخالبها التي تشبه في الحجم مخالب النمور، كانت هذه النسور المتوحشة تفترس الحيوانات العاشبة التي لا حول لها ولا قوة في الجزيرة الجنوبية من نيوزيلندا. وعن طريق الانقضاض بسرعة تصل إلى 80 كلم/الساعة، كانت تباغت فرائسها بفعل القوة الخالصة للارتطام. كانت فرائسها المفضلة هي طيور عملاقة لا تقوى على الطيران تدعى الماو، والتي يمكن أن يصل وزنها إلى 250 كلغ. ومقارنة بحجم جسمها، كانت المسافة بين جناحي نسور هاست – البالغة ثلاثة أمتار – قصيرة نسبيا. وهذا يعني أنها كانت تقتل طيور الماو على الأرض بدلا من حملها بعيدا. كان بوسع مخالبها المروعة والحادة جدا أن تشل ضحاياها بسرعة عن طريق توجيه ضربات ساحقة لرؤوسها أو رقابها.
زاحف مجنح بحجم الطائرة
كان كويتزالكوتلس أكبر الأنواع المعروفة من الزاحف المجنح Pterosaur، وهي مجموعة من الزواحف الطائرة التي عاشت جنبا إلى جنب مع الديناصورات. كثيرا ما كانت المسافة بين جناحيها تبلغ عشرة أمتار أو أكثر، كانت تقترب في الحجم من طائرة نفاثة صغيرة. ويشير منقارها العديم الأسنان إلى اصطيادها فرائس صغيرة لا تتطلب المضغ، مثل الديناصورات الرضيعة، وربما أكلت الجيف أيضا. يعتقد أن الكويتزالكوتلس كان يجوب الأرض أيضا، بالنظر إلى قدميه المبطنتين الملائمتين للتحرك على أرض صلبة. وإذا كان هذا صحيحا، فربما كان يصطاد مثل طائر اللقلق في العصر الحديث، الذي يخطف الفرائس الصغيرة في منقاره.
أكبر الطيور
لأنه أضخم حتى من نسر هاست، كان الأرجنتافيز واحدا من أضخم الطيور التي عاشت على الأرض. تعني المساحة بين جناحيه، التي تبلغ سبعة أمتار، أنه كان مناسبا للتحويم أكثر من الرفرفة بجناحيه، وأنه استخدم التيارات الهوائية للبقاء عاليا. جعل الحجم الهائل للأرجنتافيز من المستحيل عليه الإقلاع بعد الركض، ولذلك اعتمد على الارتفاع لكي يحلق في الهواء، مع الاستفادة من المنحدرات والرياح المعاكسة مثلما يفعل قائد طائرة شراعية. كان بوسع ذلك “الطير الوحش” أن يستخدم مخالبه الحادة ومنقاره المعقوف لمهاجمة فريسته، كما كان يحلق فوق مساحات شاسعة من الأراضي بحثا عن ضحاياه. كان الأرجنتافيز رمّاما يأكل الجيف أيضا، فكان حجمه المخيف كفيلا بإبعاد الصيادين الآخرين عن الجثة، من أجل الاستمتاع بالتهامها بمفرده.
لماذا كانت حيوانات ما قبل التاريخ بهذه الضخامة؟
كان من المقبول سابقا أن حجم حيوانات ما قبل التاريخ كان نتيجة لقاعدة كوب Cope’s Rule. لأنها سُمِّيت على اسم الإحاثي الأمريكي إدوارد درينكر كوب، اقترحت النظرية أن عملقة الديناصورات كانت بسبب فكرة أن الحيوانات تتطور بشكل طبيعي لكي تصير أكبر حجما. عندما تحدث حالات الانقراض الجماعي، تحل حيوانات جديدة أصغر حجما محل تلك الكبيرة التي انقرضت، وتبدأ العملية من جديد. ولأنه لم يمر “سوى” 66 مليون سنة على الانقراض الجماعي للعصر الطباشيري، و12 ألف سنة منذ العصر الجليدي الأخير، فالحيوانات على الأرض هي الآن أصغر حجما لأنها لم تحصل بعد على الوقت الكافي لتتطور وصولا إلى هذه الأحجام الكبيرة مرة أخرى. وتشير نظرية أخرى إلى أن العوامل البيئية، مثل مستويات الأكسجين العالية وارتفاع درجات الحرارة قد أدت دورا مهما في حدوث العملقة. استفادت الزواحف ذات الدم البارد من المناخ الدافئ لأنها سمحت لعمليات الهضم والدورة الدموية والتنفس بأن تحدث بكفاءة، وكذلك وفرة الغطاء النباتي الذي كانت تلتهمه. ومع ذلك، فقد ألقت الأبحاث والاكتشافات الأحفورية الحديثة بظلال من الشك على كلتا النظريتين. يبدو أن بعض المخلوقات تتطور لتصبح أصغر وليس أكبر حجما بمرور الوقت، كما وجدت الكثير من الحيوانات المتباينة الأحجام في ذلك الوقت. من بين تفسيرات السبب وراء ضخامة الديناصورات على وجه الخصوص أنها كانت مماثلة من الناحية الفيسيولوجية للطيور. كانت عظامها تحتوي على جيوب هوائية، مما جعل حتى الأنواع الكبيرة منها خفيفة الوزن نسبيا، بحيث لا تنهار تحت وطأة أجسامها. ومع ذلك، لم تكن أضخم الوحوش تعيش جميعها في عصور ما قبل التاريخ. والواقع أن أثقل حيوان عاش على كوكب الأرض على الإطلاق لا يزال على قيد الحياة اليوم: الحوت الأزرق. ويمكن للحيوانات البحرية أن تنمو إلى أبعاد أسطورية، لأن الطفو على الماء يساعد على موازنة قوة الجاذبية. وهذا يدعم امتلاك كتلة كبيرة، ويسمح بأحجام جسدية أكبر بكثير مما يمكنها العيش على الأرض.