نفاثة الطاقة الكونية تكسر قوانين الفيزياء
اكتشف علماء الفلك انفجاراً هائلاً للطاقة من الفضاء يبدو أنه يفعل المستحيل: وهو الانطلاق بسبعة أضعاف سرعة الضوء. ولكن هذا خداع بصري – وهي ظاهرة نادرة ومحيرة للعقل تسمى الحركة المفرطة اللمعية Superluminal motion، والتي تحدث عندما تقترب الجسيمات كثيراً من الانطلاق بسرعة الضوء. في هذه الحالة، اكتشف العلماء نفاثة من الطاقة تنطلق من موقع للتصادم النجمي بسرعة مذهلة تبلغ 99.97% من سرعة الضوء، أي نحو 670 مليون ميل/ساعة.
نتجت النفاثة المعنية من كارثة كونية تردد صداها لأول مرة في المجتمع العلمي في عام .2017 في ذلك العام، اكتشف العلماء تصادماً عنيفاً بين نجمين نيوترونيين Neutron stars، وهي نوى نجمية منهارة شديدة الكثافة تحشد كتلة تعادل كتلة الشمس في كرة لا يزيد عرضها على مدينة، وتقع على بُعد نحو 140 مليون سنة ضوئية من الأرض. كان الاصطدام قوياً لدرجة أنه أحْدَثَ تموجاتٍ في نسيج الزمكان، وتُعرف هذه الاضطرابات بموجات الجاذبية .Gravitational waves
في عام 1916 تنبأ آينشتاين Einstein بوجود هذه التموجات، واستغرق العلماء 100 سنة للعثور على الدليل لإثبات صحتها بعد اكتشاف اصطدام ثقبين أسودين في عام 2016. وكانت موجات الجاذبية المنبعثة عن اصطدام النجمين النيوترونيين في عام 2017، وهي إشارة تدعىGW170817 ، أول ما اكتُشف من مصدر غير الثقوب السوداء، مما يثبت أنها ربما تنتج من أكثر من نوع واحد من الكوارث الكونية.
موجات الجاذبية غير مرئية للعين المجردة، ولكن يمكن اكتشافها باستخدام أدوات مثل مرصد تداخل موجات الجاذبية الكبير Large Interferometer Gravitational Wave Observatory (اختصاراً: المرصد لايغو LIGO) في باسادينا، كاليفورنيا. بعد أن اكتشف المرصد ”لايغو“ أول انفجار للموجات من النجمين المتصادمين في عام ،2017درب علماء الفلك حول العالم تلسكوباتهم على الاندماج لمعرفة كل ما يمكنهم عنه. ولم يمض وقت طويل حتى رأى علماء الفلك دليلاً مرئياً على انبعاث نفاثة عالية السرعة من الجسيمات في موقع الاصطدام ولمعان كرات من المادة التي تلفظها النجوم.
حلل علماء الفلك هذه النفاثة باستخدام تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة ناسا ومرصد غايا الفضائي Gaia space observatory التابع لوكالة الفضاء الأوروبية والعديد من التلسكوبات الراديوية الأخرى على الأرض. ومن خلال هذه المشاهدات، حسب الفريق السرعة الفعلية لهذه النفاثة والسرعة المخالفة لقواعد للفيزياء.
ينشأ وهم تجاوز سرعة الضوء من الاختلاف في السرعة بين الجسيمات الموجودة في هذه النفاثة وجسيمات الضوء، أو الفوتونات Photons، التي تنبعث منها. نظراً لأن جسيمات النفاثة تتحرك بسرعة تقارب سرعة الضوء الذي تنبعث منه، فقد يبدو الأمر كما لو أن الجسيمات في الجزء المبكر من النفاثة تصل إلى الأرض في الوقت نفسه تقريباً الذي تصل فيه فوتونات المراحل المتأخرة من النفاثة، مما يجعل الأمر يبدو كأن هذه النفاثة تتحرك فعلياً بأسرع من سرعة الضوء. ولاحظ علماء الفلك حدوث هذا الوهم في العديد من الأجرام الكونية الأخرى من قبل، بما في ذلك في نفاثة تنطلق بسرعة تقترب من سرعة الضوء من مجرة ميسييه 87 (Messier 87) في كوكبة العذراء .Virgo constellation حتى الآن، يمكن تفسير جميع حالات الحركة المفرطة اللمعية باستخدام المعادلات الرياضياتية بطريقة لا تحطم قوانين الفيزياء المعروفة.