أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
هل كنت تعلم؟

مصنوع من الطفرات

نحن من نحن بفضل سلسلة من الطفرات الجينية

تتشابه جيناتنا مع جينات الشمبانزي بنسبة %98.8. وعلى الرغم من أن هذا الاختلاف قد يبدو طفيفا، ففي متوالية طولها 3 بلايين حرف، فذلك يساوي الكثير من التعليمات البرمجية.

نحن نتشارك سلفا مشتركا مع القردة العليا الأخرى. منذ ما بين 15-10 مليون سنة، لم يكن للشمبانزي والغوريلا والبشر أي وجود. وبدلا منّا، عاش سلفنا المشترك الذي ينتمي إلى الرئيسيات، والذي احتوى على جين مهم يُسمّى RNF213.

إن وظيفة هذا الجين ليست مفهومة على وجه التحديد، لكن طفرة توجد في البشر المعاصرين تؤدي إلى تضيّق الشريان السباتي. ويقوم هذا الوعاء الدموي الرئيسي بتوصيل الدم إلى الرأس، ويُعتقد أن التغيرات التي حدثت في الجين عندما كان سلفنا القديم على قيد الحياة ساعدت على تحسين إمدادات الدم إلى الأدمغة المتنامية للقردة العليا. لكن القردة الأخرى لم تطور ذكاء مثل ذكاء البشر؛ فقد أسهمت جينات أخرى في تطوير قدراتنا المعرفية بمرور الزمن.

لقد تطورت منطقة من الجينوم تدعى منطقة التسارع البشرية الأولى (HAR1) بسرعة بعد أن تباعد أسلاف البشر والشمبانزي منذ ما بين 7-5 ملايين سنة. ويُعبَّر عنها في القشرة المخية الجديدة؛ وهي أحدث جزء تطور من الدماغ. ففي الشمبانزي، يتسم الجزيء المصنوع باستخدام الشيفرة HAR1 ببنية غير مرتبة، لكنه في البشر يشبه ورقة البرسيم. ويغير هذا الترتيب المنظّم من تعبير الجينات الأخرى؛ مما يغيّر الطريقة التي تتطور بها أدمغتنا.

انتهى أسلافنا أيضا إلى ازدواج في جين يدعى SRGAP2؛ مما سمح للخلايا العصبية في القشرة المخية الحديثة بصنع روابط أقوى. فقد تراكمت التغيرات لاحقا في جين يدعى FOXP2، وهو يساعد على تعلم اللغات عن طريق مساعدتنا على تحويل ذاكرتنا التقريرية (تذكّر الحقائق والأحداث) إلى ذاكرة إجرائية أو اعتيادية (الذاكرة اللاواعية الطويلة المدى التي تمكننا من أداء المهام).

أفاد كل من هذه الطفرات الثلاث المعزّزة للدماغ أبناء عمومتنا، النياندرتال، أيضا. ولكن بعد أن تباعد أسلافنا منذ ما بين 600,000-500,000 سنة، واصلت التغيرات الجينية الأخرى منح الأفضلية لجنس هوموسابين. وكان أحدها تحرير جين يدعى AHR؛ مما ساعد على حمايتنا من الآثار السامة للحرائق الدخانية، وتمثل آخر بتضاعف جين يدعى AMY1، الذي يرمّز للأميليز، وهو إنزيم يساعد على تكسير الكربوهيدرات الموجودة في الطعام الذي نأكله. وبمرور الزمن، سمحت لنا هذه التعديلات الجينية الطفيفة بالتكيف مع بيئاتنا المتغيرة، والتي تضافرت معا لجعلنا النوع المهيمن على الكوكب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى