مشاهدة ”الكيمياء الفائقة الكمّية“ لأول مرة على الإطلاق
لأول مرة، رصد الباحثون ”الكيمياء الفائقة الكمّية“ Quantum superchemistry في المختبر. وضعت نظريات حول الكيمياء الفائقة الكمّية منذ فترة طويلة لكنها لم تُشاهد من قبل، وهي ظاهرة تتفاعل فيها الذرات أو الجزيئات الموجودة في الحالة الكمّية نفسها كيميائياً بسرعة أكبر من الذرات أو الجزيئات الموجودة في حالات كمّية مختلفة. فالحالة الكمّية Quantum state هي مجموعة من خصائص الجسيم الكمي، مثل سرعة الدوران أو مستوى الطاقة.
لملاحظة هذه الكيمياء الجديدة فائقة الشحن، كان على الباحثين إجبار ليس الذرات فحسب، بل جزيئات بكاملها لدخول الحالة الكمّية نفسها. لكنهم عندما فعلوا ذلك، وجدوا أن التفاعلات الكيميائية حدثت جماعياً، وليس بشكل فردي. كلما زاد عدد الذرات، بمعنى أنه كلما زادت كثافة الذرات، زادت سرعة التفاعلات الكيميائية. قال تشينغ تشين Cheng Chin، أستاذ الفيزياء بجامعة شيكاغو: ”يتوافق ما رأيناه مع التوقعات النظرية. كان هذا هدفاً علمياً لمدة 20 سنة، ولذلك فهذه حقبة مثيرة جداً“.
لاحظ الباحثون الكيمياء الفائقة الكمّية في ذرات السيزيوم Caesium التي تقترن معاً لتكوين جزيئات. أولاً، برّدوا غاز السيزيوم إلى درجة قريبة من الصفر المطلق، وهي النقطة التي تتوقف عندها كل الحركة. في هذه الحالة الشديدة البرودة، أمكنهم إدخال كل من ذرات السيزيوم إلى الحالة الكمّية نفسها. وبعد ذلك غيّروا المجال المغناطيسي المحيط لتحفيز الترابط الكيميائي للذرات. تفاعلت هذه الذرات معاً بسرعة أكبر لتكوين جزيئات سيزيوم مكونة من ذرتين مقارنة بما حدث عندما أجرى الباحثون التجربة في وجود غاز عادي غير فائق التبريد. وكذلك تشاركت الجزيئات الناتجة الحالة الكمّية نفسها، على الأقل خلال عدة أجزاء من المللي ثانية، وبعدها بدأت الذرات والجزيئات بالاضمحلال، ولم تعد تتذبذب معاً. قال تشين: ”بمثل هذه التقنية، يمكنك توجيه الجزيئات للدخول إلى حالة متطابقة“.
وجد الباحثون أنه على الرغم من أن النتيجة النهائية للتفاعل تمثلت في جزيء مكون من ذرتين، إلا أنه في الواقع كان هناك دور لجزيئات من 3 ذرات، فهناك ذرة احتياطية تتفاعل مع الذرتين المرتبطتين بطريقة تسهل التفاعل. وقد يكون هذا مفيداً للتطبيقات في كيمياء الكم والحوسبة الكمّية، حيث تتشارك الجزيئات الموجودة في الحالة الكمّية نفسها في الخصائص الفيزيائية والكيميائية. تُعد هذه التجارب جزءاً من مجال الكيمياء فائقة البرودة Ultracold chemistry، التي تهدف إلى تحقيق تحكم مفصل على نحو مذهل في التفاعلات الكيميائية بالاستفادة من التفاعلات الكمية التي تحدث في هذه الحالات الباردة. يمكن استخدام الجسيمات الفائقة البرودة على شكل كيوبتات Qubits، أو البتات الكمّية التي تحمل المعلومات في الحوسبة الكمّية، مثلاً.
استخدمت الدراسة جزيئات بسيطة فقط، لذا فإن الهدف التالي هو محاولة إجراء تفاعلات كيميائية فائقة كمية باستخدام جزيئات أشد تعقيداً. قال تشين: ”إلى أي مدى يمكننا دفع فهمنا ومعرفتنا بهندسة الكم إلى جزيئات أكثر تعقيداً، يعد هذا اتجاهاً بحثياً رئيسياً في هذا المجتمع العلمي“.
بقلم: ستيفاني باباس