مستقبلك في الفضاء
لا تعني ولادتنا على الأرض أنه كُتب علينا البقاء هنا
غني عن القول إن الأرض تُعد موطنا مثاليا لنا. فمن آخر سلف شامل مشترك إلى البشر المنتشرين اليوم في كل أنحاء المعمورة، صقلنا أنفسنا ببطء من خلال التطور لكي نتلاءم تماما مع بيئتنا.
لكن الأمر ربما لا يسير بهذه الطريقة إلى الأبد. فنحن نواصل حرق الوقود الأحفوري بكثرة وتستمر أعدادنا بالازدياد، الأمر الذي يضر ببيئتنا ويفرض ضغوطا على الموارد الطبيعية. ومن الأسباب الرئيسية للقلق هو المدة التي يمكن فيها لكوكبنا أن يواصل دعم سكانه المتزايدين من البشر.
وبصرف النظر عن تدميرنا لحياتنا بأنفسنا، فقد نُجبر على الانتقال إلى مكان آخر. إننا نعرف بالفعل بوقوع واحد على الأقل من أحداث الانقراض الشاملة، والناتج من ارتطام كويكب بكوكب الأرض، ومن ثمَّ ما تعرضت له الديناصورات قد يحدث لنا أيضا. ففي عام 1908 سقط كويكب على سيبيريا ، مما تسبب في دمار البيئة المحلية. ولحسن الحظ، لم يكن يزيد عرضه على 50 مترا، ومن ثمَّ فقد ظل جنسنا البشري على قيد الحياة، لكن المذنبات والكويكبات الأكبر حجما من ذلك بكثير تحلّق على مقربة من مجرتنا بشكل منتظم. كم بقي من الوقت قبل أن يرتطم أحدها بنا في المرة المقبلة؟
لذلك، فإن البحث عن مستقبل خارج الأرض، عند مرحلة ما على الأقل، يبدو خيارا لا مفر منه. لكن بدلا من الهرب إلى الفضاء الواسع، هناك أيضا العديد من الأسباب الإيجابية لأن يقوم الجنس البشري بتوسيع آفاقه. ويمكن للسفر بعيدا تحسين الحياة في وطننا الأرضي بطرق عديدة. فعن طريق السفر إلى الكويكبات، وجلب المعادن منها، يمكننا الحصول على كثير من المواد المرغوب فيها ومن ثم المحافظة على تلك المترسبة في كوكبنا. ومن خلال نشر جنسنا البشري في جميع أنحاء الكون، سنكون أيضا أكثر أمنا من أحداث الانقراض الشاملة، ومن ثم الحفاظ- بقدر ما نعلم– على ذكائنا ووعينا الفريد من نوعه. ولا يمكن أن يكون تقليل أعداد البشر على الأرض إلا أمرا جيدا، فقد يتوسع التنوع البيولوجي للأنواع الأخرى ويزدهر في غيابنا.
وربما بالقدر نفسه من الأهمية، ستكون هذه خطوة ملهمة للبشرية. نحن مستكشفون بالولادة؛ فنحن نحب مواجهة المجهول واستكشافه. هل هناك طريقة أفضل لتغذية هذا الفضول من الاقتراب من التخوم الأخيرة للكون؟
في هذا الملف الخاص، سنستكشف المستقبل المحتمل للبشر باعتبارهم نوعا عابرا للكواكب. وهو هدف يعمل كثيرون في العالم بالفعل على تحقيقه.