ماذا كان الصاروخ V-2؟
كيف أعيد استخدام هذا السلاح الفتاك كوسيلة لنقل رواد الفضاء إلى الفضاء
طوّر أول صاروخ واسع النطاق يعمل بالوقود السائل في العالم بألمانيا ما بين عامي 1936 و .1942 ويعتبر اختراقاً ثورياً في تكنولوجيا الصواريخ، إذ يزيد استخدام الوقود السائل من قدرات الدفع ويجعله أول جسم اصطناعي يدخل الفضاء. كان V-2 هو الصاروخ الأكثر تطوراً في وقته عند إطلاقه لأول مرة في عام 1944. لكن الغرض من إنتاجه كان مميتاً. ويرمز الحرف “V” في اسمه إلى ” ،“Vergeltungswaffeوتعني ”سلاح الانتقام“ بالألمانية. كأول صاروخ باليستي موجه بعيد المدى، استخدم النازيون الصاروخ لمهاجمة أعدائهم خلال الحرب العالمية الثانية. خلال الحرب، قتلت هذه الصواريخ نحو 9,000 شخص.
بلغ طول كل صاروخ 14 م وعرضه 1.6 م وحمل 900 كغم من المتفجرات. إلى جانب النطاق الأكبر الذي تحقق بفضل الوقود السائل، زوّد الصاروخ V-2 أيضاً بنظام توجيه- وهو ما منحه دقة محسنة مقارنة بالصواريخ السابقة. وتضمّن نظام التوجيه الأوتوماتيكي للصاروخ حاسوب مبرمج بالوجهة المستهدفة للصاروخ. إذا غيّر خط المسار، قد تعدّل الدفات في زعانف الصاروخ وضعيتها لإعادته إلى المسار الصحيح. وبعد الاستخدام الواسع النطاق للصاروخ V-2 كسلاح حرب، تحققت إمكانات تكنولوجيا الصاروخ في القتال والتطبيقات الفضائية المستقبلية.
بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب، مثّل الصاروخ ،V-2الذي تسبب في السابق في إزهاق الكثير من الأرواح، مفتاح تسريع استكشاف البشر للفضاء. لا يزال الوقود السائل حاليا هو وقود الدفع المفضل لبعثات الفضاء. يذكر الصاروخ V-2 لمساهمته في معرفتنا الحالية بالكواكب البعيدة، لكن أصوله واستخدامه في الحرب لم تُنس.
”مثّل الصاروخ V-2 مفتاح تسريع استكشاف البشر للفضاء“
إطلاق الصواريخ في الفضاء
هناك إرثان خلفهما الصاروخ V-2. فعلى الرغم من أن أحدهما تتسبب في كارثة ودمار، فقد استخدمت تقنية الصاروخ القاتل لاحقاً في أحد المعالم الرئيسية للسفر إلى الفضاء. انتقل فيرنر فون براون وبعض زملائه إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث عملوا على تطوير صاروخ ساتورن فايف SaturnV. وصار صاروخ V-2 أول صاروخ دخل الفضاء خلال اختبار أجراه النازيون في عام 1944. وخلال هذا الاختبار، تجاوز الصاروخ الحد الفاصل بين الغلاف الجوي للأرض والفضاء الخارجي. بعد الحرب، نقل الرئيس الأمريكي دوايت دي أيزنهاور Dwight D. Eisenhower مركز تطوير الصواريخ من الجيش إلى وكالة ناسا لتغيير تركيز عمل فون براون. في وكالة ناسا، كان على عالم الصواريخ تغيير التقنية المتقدمة لإنتاج صاروخ يمكنه البقاء في الفضاء بدلاً من صاروخ مصمم للسقوط على المدن. ساعدت خبرة فريقه على التعامل مع صاروخ V-2 الضخم الولايات المتحدة في سباق الفضاء، إذ صار فون براون المهندس الرئيسي لمركبة إطلاق ساتورن فايف. نجح هذا في إيصال رواد الفضاء الأوائل إلى القمر في عام 1969.
مهندس الصاروخ V-2
قاد المهندس الألماني فيرنر فون براون Wernher von Braun الفريق الذي صنع صاروخ V-2. كان فيرنر مفتوناً بالصواريخ منذ صغره وانضم إلى جمعية السفر إلى الفضاء في المدرسة، والتي وضعته في طريقه ليكون الرئيس الفني لمنشأة تطوير الصواريخ في بينيموندي Peenemünde، ألمانيا. ففي هذه المنشأة قاد عملية تصميم وتطوير الصاروخ. وكعضو في الحزب النازي، كان فون براون ملتزماً بإنتاج سلاح انتقامي ناجح. بعد الاستسلام للأمريكيين أثناء الحرب، زود فون براون الولايات المتحدة بمعرفته بصاروخ V-2. بعد الحرب العالمية الثانية، قبل منصب مدير مركز مارشال لرحلات الفضاء Marshall Space Flight Center التابع لوكالة ناسا. وخلال الفترة التي قضاها هناك، استخدم مهاراته في صنع الصواريخ لأغراض نافعة عن طريق المساعدة على تصميم الصاروخ الذي نقل رواد الفضاء إلى القمر.
التاريخ الزمني للصاروخ
2 سبتمبر 1944
أعلن عن نجاح إطلاق الصاروخ .V-2
7 سبتمبر 1944
أطلق أول صاروخين من طراز V-2 على باريس، لكن كليهما تحطم بعد وقت قصير من إطلاقه.
8 سبتمبر 1944
أطلق أول صاروخ V-2 نجح في إصابة هدفه المُحدّد بباريس.
12 أكتوبر 1944
نُقل مسؤولو الجيش الألماني عن إطلاق صواريخ V-2 إلى لاهاي بهولندا.
22 أكتوبر 1944
نصبت معدات الصاروخ V-2 في لاهاي لاستهداف لندن.
10 نوفمبر 1944
رفع رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل Winston Churchill الحظر الذي كان قد فرضه على الإبلاغ عن الهجمات الصاروخية للحفاظ على سرية دقتها.
11 مارس 1945
سقط أول صاروخV-2 غير منفجر في المملكة المتحدة، وخضع للفحص في 7 أبريل.
28 مارس 1945
استهدف آخر صاروخ أطلقه النازيون خلال الحرب مدينة أنتويرب البلجيكية.
24 أكتوبر 1946
التقطت كاميرا فيلم مثبتة في صاروخ V-2 أول صورة من الفضاء.
بقلم: إيلسا هارفي