كيف يعمل استنساخ الحيوانات
عندما ولدت النعجة المستنسخة دولّي، بدأت معها حقبة جديدة من الأبحاث البيولوجية
بقلم: تشارلي إيفانز
«أجريت التجارب على استنساخ الحيوانات لأكثر من مئة سنة، بداية من الحيوانات البسيطة مثل السمندل»
ولدت إلى العالم مثل أي نعجة أخرى- صغيرة ومنفوشة ولها تمأمِئ، لكن دولّي لم تكن مثل أي نعجة أخرى. أو بالأحرى، كان تفردها هو أنها كانت مثل نعجة واحدة فقط. وفي الواقع، كانت مماثلة لنعجة أخرى- فقد كانت دولّي مستنسخة Clone.
والحيوانات المستنسخة هي كائنات حية أو خلايا متطابقة وراثيا مع والدها، وقد وجدت في الطبيعة منذ ملايين السنين. وبوسع الكائنات الحية والنباتات الأحادية الخلية إنجاب ذرية متطابقة وراثياً ومستنسخات طبيعية، فمثلاً، تحدث التوائم المتطابقة في البشر وفي الثدييات الأخرى. ولهذه الحيوانات المستنسخة حمض نووي شبه متماثل. ومع ذلك، فقد أجريت التجارب على استنساخ الحيوانات لأكثر من مئة سنة، بداية من الحيوانات البسيطة مثل السمندل وصولاً إلى الثدييات المعقدة مثل الأغنام والأبقار.
مشكلة مزدوجة: طرق الاستنساخ
هناك طريقتان رئيسيتان لاستنساخ الحيوانات: النقل النووي للخلايا الجسدية Somatic Cell Nuclear Transfer اختصارا: الاستنساخ (SCNT)، وشطر الأجنة Embryo Splitting. وقد استُخدم الاستنساخ SCNT لإنتاج النعجة دولّي. وكلتا الطريقتين من أشكال «الاستنساخ التناسلي»، وهو نوع من الاستنساخ الاصطناعي الذي يعتبر استنساخ الجينات والاستنساخ العلاجي جزءاً منه.
الاستنساخ التناسلي
يبدأ الاستنساخ SCNT بإيجاد متبرع مناسب بالنواة، التي يمكن أخذها من الحيوان مباشرة أو من المزرعة في المختبر. وعادة ما تكون هذه خلايا جلدية، فلها عمر طويل نسبيا ويمكنها أن تتحمل التجميد. أما الخلية الأخرى التي يجب الحصول عليها لإجراء الاستنساخ فهي خلية بويضة.
تُنزع نواة البويضة، وهي عملية تنطوي على شَفط النواة باستخدام إبرة صغيرة. عندما تُنزع نواة الخلية، فهي لا تترك وراءها أي حمض نووي، لكنها تظل ممتلئة بالسيتوبلازم. وتُنزع نواة الخلية المانحة للنواة بالطريقة نفسها، ولكن بدلاً من التخلص منها تُحقن النواة الوحيدة في البويضة. وتمرر عبرها صدمة كهربائية، تستهل انقسامها. فإذا سارت الأمور على ما يرام، فإن الجنين يُزرع في رحم بديل. وتنقسم الخلايا طبيعيّاً، وبعد بضعة أشهر يولد مستنسخ سليم. حتى الآن، لا يوجد دليل على أن العملية ضارة على الإطلاق بالحيوان المستنسخ. وكانت دولّي قادرة على التكاثر وكانت لها ذرية صحية؛ مما يشير إلى أن خصوبتها لم تتأثر بالطريقة التي دخلت بها الحياة.
الاستنساخ العلاجي
يستخدم الاستنساخ العلاجي الطرق نفسها، حتى نقطة الصدمة الكهربائية. غير أن الخلية المانحة تنتمي إلى خلية مأخوذة من مريض بحاجة إلى الخلايا الجذعية. وبعد انقسام الخلية المندمجة عدة مرات، تتحول إلى كرة قبل جنينية من الخلايا المعروفة بالكيسة الأريمية Blastocyst. للكيسة الأريمية طبقتان، خارجية وداخلية، وبداخل الطبقة الداخلية توجد الخلايا الجذعية الثمينة. وعلى الرغم من أن معظم الخلايا تتخصص بوظيفة معينة (مثل الخلايا العصبية والخلايا العضلية وغيرها)، فإن الخلايا الجذعية تمتلك القدرة على التطور إلى أي نوع من الخلايا. وتُحقن الخلايا الجذعية المستخرجة في المريض، وفي ضوء الظروف المناسبة، تبدأ عملها عند الحاجة.
شطر الأجنة
باعتبارها أبسط أشكال الاستنساخ الاصطناعي، تبدأ هذه الطريقة بتكوين زيغوت (بويضة مخصبة). وينقسم هذا الزيغوت ويمكن في النهاية فصل الخلايا الجنينية. وتستمر كل خلية معزولة بالنمو ويمكن زرعها في رحم بديل. وتكون الخلايا المزروعة متطابقة لأنها تشكلت في الأصل من الجنين نفسه. وتشبه هذه العملية تطور التوائم المتماثلة لكن إمكاناتها محدودة.
هل يمكننا استنساخ البشر؟
مما لا شك فيه أن الاستنساخ هو تقنية بيولوجية فعالة، استخدمها العلماء لاستيلاد الأنواع المهددة بالانقراض ومحاولة استعادة الحيوانات المنقرضة.
وتحدث البعض عن إعادة الماموث الصوفي للحياة بعد اكتشاف بقايا محفوظة للأنسجة الرخوة لعملاق ما قبل التاريخ هذا. ومع ذلك، فعلى الرغم من أن المختبرات تبحث وتطوّر طرقا للاستنساخ العلاجي باستخدام أنسجة بشرية، فلم يولد أي مستنسخ بشري فعلي حتى الآن. ويرجع ذلك جزئياً إلى المشكلة الأخلاقية المتمثلة في جلب الأفراد المستنسخين إلى حيز الوجود دون معرفة تامة بما إذا كانت الطريقة آمنة أو بتأثيرها المحتمل في حياة الإنسان المستنسخ. وتشمل المخاوف الأخرى حقيقة مفادها أن الاستنساخ للأغراض الإنجابية قد يكون عرضة لإساءة الاستخدام على نطاق واسع، مثل استخدام البشر المستنسخين كمصادر للأعضاء والأنسجة.
ما المغزى؟
الاستنساخ عملية مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً ومعدل نجاحها منخفض جدا. ومع ذلك، فإن لتطوير هذه الطرق أهمية حيوية بالنسبة إلى فهمنا للبيولوجيا التطورية البشرية، كما وفر خيارات علاجية جديدة في مجال الطب. ومن المأمول ألا يضطر المرضى المصابون بأمراض أو فشل الأعضاء إلى المخاطرة برفض أجسادهم للأعضاء المزروعة الجديدة. وبدلاً من ذلك، سيمكنهم استبدال العضو بآخر مماثل جينيّاً لكنه سليم. ولن يمر وقت طويل حتى نرى العلماء يزرعون كبداً جديدة للمصابين بأمراض الكبد، وقلوباً جديدة محل المعتلة، وحتى عصبونات دماغية جديدة لمن تعرضوا لإصابات دماغية- وكلها متوافقة تماماً مع جسد المريض.