أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
نقل ومواصلات

كيف يستطيع البشر الطيران

منحت هذه الابتكارات العبقرية البشر أجنحة للتحليق في السماء

بقلم: سكوت داتفيلد

هل كنت تعلم؟ في العام 2016، حلق طيار المروحيات السابق كايل لوبريس Kyle Lobpries مسافة 19.94 ميل مرتديًا بذلة مجنحة.

على الرغم من افتقار البشر إلى الأجنحة وعدم قدرتهم على الطيران، لم يمنعهم ذلك من السعي إلى التحليق في السماء. فقد تحدّى أشجعهم قوى الجاذبية باستخدام «بذلة الأجنحة» Wingsuit للانزلاق من الطائرات أو القفز من أعالي الجروف. ومنذ أواخر تسعينيات القرن العشرين، دخلت هذه البذلة حيّز الاستخدام التجاري، وهي بذلة تغطي كامل الجسم وتحتوي على أقمشة ديناميكية هوائية تمتد بين الذراعين والساقين. وعند تنفيذ قفزة جوية أو قفزة الثوابت BASE jump – وهي اختصار لأربعة مواقع: مبانٍ Building، هوائيات Antennae، وامتداد (جسر) وأرض (عادة قمة جُرف) – يفرد المغامر ذراعيه وساقيه لشدّ النسيج الموصل بينهما.

يُحوِّل استعمال بذلة الأجنحة هواة القفز الحر إلى ما يشبه السناجب الطائرة، إذ تستغل هذه البذلة قوةً تُعرف باسم «قوة الرفع»

تزيد بذلات الأجنحة من مقاومة الهواء

Lift للتحكم في الهبوط عبر الهواء، بحيث يحلق القافز بشكل أفقي بدلًا من السقوط عموديًا. تضطلع البذلة بذلك عن طريق زيادة المساحة السطحية لجسم القافز، إلى جانب تعزيز مقاومة الهواء الصاعدة ضد الأجنحة.
للحصول على أفضل أداء في الانزلاق وتوليد قوة الرفع، تحول البذلة شكل الجسم إلى ما يُعرف باسم «الجناح الانسيابي» Airfoil. ومثلما هي الحال مع أجنحة ومراوح الطائرات، ينشئ الشكل المنحني للجناح الانسيابي بيئة يكون فيها ضغط الهواء المار فوق السطح العلوي للجناح أقل من الضغط أسفله، ما يولِّد قوة الرفع المطلوبة.
يولِّد هذا الاختلاف في الضغط ما يكفي من الرفع لكي تنزلق البذلة المجنحة نحو 3م أفقيًا لكل متر تسقطه عموديًا. لتوجيهها، لا يحتاج القافز إلا إلى تغيير شكل أو زاوية البذلة المجنحة لتغيير اتجاهها. وفي نهاية القفزة، ينشر القافز مظلة مربوطة على ظهره لإنزاله برفق إلى الأرض بأمان.

هل كنتَ تعلم؟ نُفذت أعلى قفزة من الثوابت باستخدام بذلة مجنحة من ارتفاع 7,700م
بدلة طيران مكهربة معروضة في مهرجان
غرينيتش في العام 2021

لكن الأمر ليس بهذه البساطة دائمًا. فقفزات بذلة الأجنحة تُعَد من أخطر الرياضات في العالم، وتتطلب مهارة عالية وخبرة متقدمة لتنفيذها بنجاح. فما بين العامين 2002 و2019، سُجّلت 344 حالة وفاة في أثناء التحليق ببذلة الأجنحة، بمعدل وفاة تقريبي يبلغ حالة واحدة لكل 500 قفزة. وما يُميز بذلة الأجنحة عن الطائرة هو عجزها عن توليد قوة رفع كافية للارتفاع في أثناء الطيران. ولكن بمساعدة بعض الدافعات الكهربائية، يمكن لبذلات الأجنحة التحليق سريعًا عبر السماء.

ابتكرت شركة بي إم دبليو BMW أول بذلة مجنحة كهربائية في العالم، والتي جربها بيتر سالتسمان Peter Salzmann في العام 2020. وقد منحته التوربينات الكهربائية المزدوجة المثبّتة على الصدر سرعة وصلت إلى 186 ميلًا/ساعة، مقارنة بانحدار غير كهربائي تقليدي بلغت سرعته نحو 62 ميلا/ساعة. وللتحكم في سرعته أثناء الطيران، استخدم سالتسمان دواسة تسارع تُشغَّل بإصبعين، إضافة إلى مفتاح إيقاف للطوارئ. وبطريقة مماثلة طوّرت شركة «سكاي فايبريشن» SkyVibration للقفز بالمظلات مشروعًا يُعرف باسم «إي وينغز» E-Wings بذلة مجنحة مجهزة ببطاريتين و4 توربينات، يمكن لكل منها توليد ما  يصل إلى 14 كغم من الدفع وسرعات طيران تزيد على 173 ميلا/ساعة.

ولكن إذا لم يكن التحليق بواسطة بذلة شراعية قماشية يُلبي رغبتك في الطيران، فقد يكون ارتداء حقيبة نفاثة صغيرة على الظهر

الطيار إيف روسي Yves Rossy يطير ببذلته المجنحة المزودة بمحرك نفاث في منطقة بيكس، سويسرا

هو الحل. ففي العام 2006، صمّم الطيّار السويسري في سلاح الجو، إيف روسي، بذلة صلبة مزوّدة بمحركات نفاثة تُعرف الآن باسم الجناح النفاث (جيت وينغ Jetwing)، حلّق بها في الجو مدّة 6 دقائق. وبعد سنتين، صار روسي أول شخص يعبر القنال الإنجليزي باستخدام هذه البذلة نفسها. وقد استغرق عبور القنال أقل من 10 دقائق، بعد أن أُسقط من طائرة على ارتفاع 2,500م فوق مدينة كاليه الفرنسية. ووصلت سرعته إلى نحو 186 ميلًا/ساعة في أثناء العبور، قبل أن يفتح المظلة ويهبط بسلام في خليج سانت مارغريت، إنجلترا. وعلى مرّ السنين، استخدم روسي الجيت وينغ لعبور أجزاء من جبال الألب وحتى وادي غراند كانيون، وفي العام 2015 أسّس شركة جيت مان دبي Jetman Dubai لتطوير وتصنيع مزيد من هذه الأجنحة النفاثة.
في العام 2020، أطلقت الشركة أول رحلة طيران بشري مستقلة من سطح الأرض وصولًا إلى ارتفاع 1,800م. وتُدفع الأجنحة الصلبة المصنوعة من ألياف الكربون بواسطة 4 محرّكات نفاثة صغيرة، يمكنها توليد قوة دفع تُتيح للطيّار الوصول إلى سرعة تقارب 250 ميلًا/ساعة. وبفضل قدرته على التحويم والدوران وبلوغ ارتفاعات تصل إلى 6,100م، يُحوِّل الجيت وينغ الطيّار إلى طائرته الخاصة.

خمس حقائق عن: تطور البذلات المجنحة

1 فكرة أول رحلة طيران
كان ليوناردو دافنشي Leonardo da Vinci أول من درس إمكانات الطيران البشري في أواخر القرن الخامس عشر. ومن بين مئات الرسومات التي رسمها دافنشي حول نظريات الطيران كانت الطائرة المجنحة «أورنيثوبتر»Ornithopter. لكن التصميم لم يُنفذ مطلقًا.


2 فشل الإطلاق

صمّم الخيّاط الفرنسي فرانز رايشلت Franz Reichelt بذلة للطيّارين تتمدد عند القفز من الطائرة، على غرار المظلة. وفي العام 1912، اختبر البذلة بنفسه بالقفز من برج إيفل. وللأسف، لم تنفتح البذلة، فلقي رايشلت حتفه.


3 «الرجل الطائر»

في العام 1937، اختبر المظلي كليم سون Clem Sohn بذلة الطيران التي اخترعها، فقفز من طائرة على ارتفاع نحو 3,650م. وعلى الرغم من أن الأجنحة المصنوعة من القماش أعطته بعض الحركة في الهواء، إلا أن مظلته فشلت، وسقط سون ليلقى حتفه.


4 أجنحة خشبية

في خمسينيات القرن العشرين، صنع المغامر الفرنسي ليو فالنتين Léo Valentin بذلة مجنحة خشبية مثبتة بمشد فولاذي أنبوبي. وفي العام 1954، انزلق بالبذلة مسافة 3 أميال من ارتفاع نحو 2,700م إلى نحو 900م قبل أن يهبط بالمظلة على الأرض.


5 بيردمان 1990S

صنع لاعب القفز المظلي المحترف ياري كوسما Jari Kuosma أول بذلة مجنحة تجارية. عرض كوسما بذلة «الرجل الطير» BirdMan الجديدة في العام 1999 عندما نفذ أول قفزة من أعلى منحدرات أركو بإيطاليا باستخدام البذلة.

 

 

 

طيران بلا أجنحة لقد حل عصر حقائب الظهر النفاثة الواقعية. فقد صار ممكنًا الآن الطيرانُ من دون حاجة إلى الإطلاق من طائرة محمولة جوًا أو ربط جناحين، وذلك بفضل شركة تُدعى غرافيتي إنداستريز Gravity Industries. باستخدام 5 توربينات غازية، طورت الشركة حزمة ديدا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى