يوصف التغير المناخي بأنه تحوُّل واسع النطاق وطويل الأمد في الأنماط المناخية للأرض ومتوسط درجات الحرارة. وقد صعَّد النشاط البشري هذه التحولات. فمثلاً وصلت انبعاثات غازات الدفيئة من ثاني أكسيد الكربون (CO2) إلى مستويات قياسية بلغت 417 جزءاً في المليون في شهر مايو 2020. يمتص ثاني أكسيد الكربون بنحو طبيعيٍّ الأشعةَ تحت الحمراء الواردة من الشمس، ويوزع الحرارة التي ينتجها في معظم أنحاء الأرض، فيعمل كمُلاءة كبيرة. يؤدي هذا إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، مما يسبب تغيرات واسعة النطاق في مناخ الأرض. منذ العام 1880، زادت درجة حرارة الأرض والمحيطات مجتمعة بمعدل 0.08°س كل عَقد.
نتيجة لذلك تتغير جوانب لا حصر لها من بيئتنا وأنظمتنا الإيكولوجية. من حرائق الغابات المحطمة للأرقام القياسية إلى التحوُّلات غير المسبوقة في الطقس، هناك عديد من العلامات التحذيرية من معظم أنحاء كوكبنا والتي تُظهر أن عالمنا يتغير.
هل كنت تعلم؟
منذ العام 1970 ارتفعت درجة حرارة سطح الأرض بوتيرة أسرع من أي فترة أخرى على مدار الألفي سنة الماضية.
هجرة الحيوانات
1 تؤدي التلميحات الموسمية دوراً في إبلاغ الحيوانات بحلول وقت الهجرة، ومتى تجد شريكاً للتزاوج، ومتى وأين يمكنها العثور على الطعام. وقد تغيرت الجداول الزمنية للهجرة والتكاثر لعديد من حيوانات القطب الشمالي على مر السنين استجابة لتأثيرات التغير المناخي. اكتشف الباحثون أن النسور في القطب الشمالي كانت تهاجر قبل نصف يوم من كل سنة ما بين العامين 1991 و2019، ما أدى إلى توقيت الهجرة الحالي الذي يبدأ قبل أسبوعين. وبالمثل تكيفت مجاميع الرنة في القطب الشمالي Arctic caribou مع الفصول المتغيرة، فهي تُنجب نسلها في وقت مبكر لتتزامن مع بيئتها المتغيرة.
تكاثر الطحالب
2 مع ارتفاع حرارة المياه حول العالم وزيادة الانبعاثات العالمية من ثاني أكسيد الكربون، يمكن أن تزدهر الطحالب الضارة. يميل ازدهار الطحالب الكبيرة إلى الظهور على البحيرات والشواطئ خلال فصل الصيف، لكن حجمها يتزايد. أجرى باحثون في معهد كارنيجي للعلوم دراسة عالمية في العام 2019، فوجدوا أن تكاثر الطحالب في الصيف زاد في أكثر من ثلثي البحيرات الـ 71 التي أُخذت منها عينات، والتي شملت 33 دولة عبر 6 قارات، على مدار العقود الثلاثة الماضية. ويمكن أن يكون تكاثر الطحالب هذا مميتاً: فقد يشكل مناطق ميتة تحرم الأحياء البحرية من الأكسجين والضوء، كما يمكن أن يُفرز بعضها سموماً قاتلة. في العام 2020 انجرف تكاثر الطحالب السامة البالغ طوله 14 ميلاً، والذي يُطلق عليه اسم المد ”الأحمر“ Red tide بطول ساحل فلوريدا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 خروف بحر و127 دلفيناً.
ابيضاض المَرجان
3 يعتمد ما بين ربع وثلث معظم الأنواع البحرية على الشعاب المرجانية للبقاء على قيد الحياة في مرحلة ما من حياتها، لكن أحداث الابيضاض Bleaching events الشديدة تدمرها. مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، أصبحت أحداث الابيضاض أكثر تواتراً. يؤدي ارتفاع درجة الحرارة، جنباً إلى جنب مع زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون، إلى إزالة الطحالب التقايضية Mutualistic algae ذات الأهمية الحيوية لبقاء المرجان، مما يترك المرجان أبيض وميتاً. في العامين 2016 و2017، قُتل %50 من الشعاب المرجانية في الحيد المرجاني العظيم Great Barrier Reef. قد تُفقد الشعاب المرجانية في معظم مواقع التراث العالمي الـ 29 المحتوية على الشعاب المرجانية بحلول نهاية القرن إذا لم تُخفَّض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الحالية.
كيف يُبيَّض المرجان
يؤدي انهيار العلاقة التكافلية إلى دمار المرجان
هل كنتَ تعلم؟
في العام 2019 سبَّب البشر انبعاث 36 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون
الفيضانات
4 تحدُث الفيضانات الجارفة في المناطق المشيدة، حيث أدى التحضر إلى تغيير مشهد السهول الفيضية Floodplains أو المناطق الساحلية المنخفضة. يؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى زيادة احتمال وقوع ظواهر جوية متطرفة، مما يؤدي إلى فيضانات. مع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، يُحتفَظ بمزيد من الرطوبة، مما يعني هطل أمطار أكثر غزارة. لكل زيادة قدرها 0.6°س، يمكن للغلاف الجوي الاحتفاظ بكمية أكبر بنحو %4 من بخار الماء. تشير الدراسات إلى أن عدد أحداث هطل الأمطار المفرطة في الولايات المتحدة قد يرتفع بقدر 3-2 أضعاف متوسِّطه التاريخي بحلول نهاية القرن.
إذابة الجليد
5 نحو %10 من أراضي الأرض مغطاة بالجليد، ويوجد نحو %90 منها في القارة القطبية الجنوبية. سببت انبعاثات غازات الدفيئة وارتفاع درجات الحرارة العالمية ذوبان مخازن الجليد الحيوية هذه. وقبل العام 2100 من المقدَّر أن يكون ما بين ثلث ونصف الأنهار الجليدية المتبقية في العالم قد ذاب. ومنذ تسعينات القرن العشرين فقدت غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية نحو 6.6 تريليون طن من الجليد. كما إن معدل فقدان الجليد آخذ في الازدياد؛ وجد الباحثون أنه ما بين العامين 1994 و2017 تسارع معدل فقدان الجليد بنسبة %57، من نحو 800 بليون طن إلى نحو 1.2 تريليون طن سنوياً.
ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية
كيف تغير القطب الجنوبي على مدى العقود الثلاثة الماضية
القارة القطبية الجنوبية Antarctica هي قارة جليدية كبيرة تتعرض لتقلبات في كمية الجليد البحري المحيط بها. خلال أشهر الشتاء، يتوسع هذا الجليد، ويتراجع مرة أخرى خلال فصل الصيف حيث يصبح الطقس أكثر دفئاً. منذ بداية عمليات رصد القارة الجليدية بالأقمار الاصطناعية في العام 1979، ازداد الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية بنسبة %1 كل عقد. ومع ذلك فمنذ العام 2014 شهدت القارة القطبية الجنوبية عدة انخفاضات في إنتاج الجليد البحري. وفي العام 2017 سجلت القارة القطبية الجنوبية رقماً قياسياً منخفضاً للغطاء الجليدي البحري السنوي بمقدار 815,000 ميل2 وهو أقل بـ 71,000 ميل2 من الحد الأدنى السابق، والذي سُجل في العام 1997. تُظهر الصور على الصفحة المقابلة كيف تغير هذا الغطاء الجليدي على مدى العقود، في أثناء التراجع الصيفي للقارة القطبية الجنوبية.
هل كنتَ تعلم؟
يتناقص الجليد البحري في القطب الشمالي بنسبة %13 في كل عَقد
تآكل السواحل
6 يحدُث التآكل الساحلي عندما تتكسر مياه المحيط على الصخور الساحلية وتحوِّلها إلى أنقاض، مما يؤدي في النهاية إلى سحقها في الرمال. مع ارتفاع مستويات سطح البحر في معظم أنحاء العالم- وهو تأثير غير مباشر لذوبان القمم الجليدية- يمكن أن تمتد المياه إلى الأعلى في المناطق الساحلية، مما يزيد من معدل التآكل. وقد يحدث التآكل على الساحل بعدة طرق: فقد يؤدي التآكل البسيط بفعل الأمواج إلى طحن الصخور والأحجار بعيداً، لكنه قد يؤدي أيضاً إلى تجريف الصخور والأحجار من قاع البحر وقذفها باتجاه الجروف، وتشظيها من الساحل. يحدث الفعل الهيدروليكي أيضاً عندما ينضغط الهواء المحتجَز بين صخور الجروف تحت قوة الأمواج، مما يضعف سلامتها البنيوية. تمتلك بريطانيا بعضاً من أسرع السواحل تآكلاً في أوروبا وتفقد نحو أربعة أمتار من الخط الساحلي سنوياً في المناطق الشديدة التضرر.
جفاف البحيرات غير الساحلية
7 البحيرات الداخلية Endorheic lakes غير ساحلية ولا تصب في مسطحات مائية أخرى. تتحدد مستويات المياه عن طريق هطل الأمطار ومعدل التبخُّر، مما يجعلها أداة مفيدة كمؤشرات للتغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة العالمية. ما بين العامين 2002 و2016، فُقد نحو 106.3 غيغا طن من المياه من منظومة البحيرات الداخلية في معظم أنحاء العالم. قد يؤدي فقدان المياه من هذه البحيرات إلى الضغط على المجتمعات المحلية المعتمدة عليها، فضلاً عن إزاحة المياه إلى أنظمة المياه الأخرى، مما قد يسبب حدوث فيضانات.
هل كنت تعلم؟
كان العام 2020 هو ثاني أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، حيث احتفظ العام 2016 بلقب الأكثر سخونة.
الحرائق البرية
8 يُسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية زيادة التبخر وجفاف غابات العالم، جنباً إلى جنب مع التربة التي تقف عليها، مما يجعلها أكثر قابلية للاشتعال. يُشعل البشر نحو %90 من الحرائق البرية؛ فيما تنتج البقية عن أسباب طبيعية، مثل البرق وحتى النشاط البركاني. وتحتاج النار إلى 3 مكونات لكي تشتعل: الوقود والأكسجين والحرارة. عندما يسخُن الخشب إلى نقطة اشتعاله- المعروفة باسم نقطة الرماد Ash point- فإنه يطلق غازات هيدروكربونية تتحد مع الأكسجين الموجود في الهواء وتشتعل لإنتاج النار. مع استمرار التغير المناخي في تحويل الغابات إلى حرائق ازداد حجم هذه الحرائق- خسرت كاليفورنيا رقماً قياسياً قدره 4,257,863 فداناً من الغابات في العام 2020.
كيف تنتشر الحرائق البرية
بمجرد اشتعال أحدها يلزم كثير من العمل لإيقافه