أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم الطبيعيةعلم الإنسان

كيف يتذكر الدماغ

اكتشف كيف يخزن هذا العضو الحيوي الذكريات ويستخدمها في عملية ضرورية للحياة كما نعرفها

بقلم: أيلسا هارفي

أين سنكون من دون ذاكرة؟ من دون القدرة على تذكر الأحداث المهمة في حياتنا، سنفقد الإحساس بهويتنا، ولن نتمكن من تخزين المعلومات التي نتعلمها، مما سيتركنا على الدوام بذكاء طفل حديث الولادة.
تتألف ذاكرتك من معلومات مخزنة في الدماغ يمكن استرجاعها. وهي تمكننا من التعلم من التجارب، وبناء الثقة والتفاهم، وتطوير المهارات من خلال التدريب وبناء الأفكار. ولا تسمح لنا الذاكرة فقط بحفظ قائمة التسوق- بل تمكننا من عيش حياة ذات مغزى.
التركيب المثير للإعجاب للدماغ من التعقيد بحيث يعكف العلماء على الدوام لاكتساب فهم أفضل لقدراته الحقيقية. لدى معظم الحيوانات ذاكرة عاملة Working memory، لكنها تتباين بصورة كبيرة- من الكلاب التي يمكنها نسيان الأحداث بعد دقيقتين فقط إلى الدلافين التي يُعتقد أنها تمتلك أفضل ذاكرة طويلة المدى في المملكة الحيوانية بأسرها.
للأفعال المتخذة بناء على استدعاء ذكريات الماضي وتخيل الخطط المستقبلية أهمية قصوى لبقاء نوعنا البشري. فقد تكيفت غالبية الحيوانات الأخرى لتخزين الذكريات التي ستساعدها على البقاء فقط. فبعضها، مثل السناجيب وطائر القُرْقُف Chickadee، تخبِّئ الطعام لمساعدتها على البقاء على قيد الحياة خلال الشتاء القاسي. ولن يكون هذا مفيداً على الإطلاق إذا لم تكن مزودة بذاكرة لتذكرها. و قدرة تذكّر طيور القُرْقُف المثيرة للإعجاب تمكنها من العثور على 80,000 بذرة مخفية باستخدام ذاكرتها فقط.
لا تؤدي ذكرياتنا دوراً يمثل الفرق بين الحياة أو الموت. ويرجّح أن نتذكر الأحداث التي تحمل أهمية كبيرة بالنسبة إلينا لاحقاً. فمثلا، تلك التي تثير عواطف قوية تظل معنا، حيث تتشكل روابط قوية في الدماغ.
وبمجرد إنشاء الذاكرة، ينبغي تخزينها. ولأن تذكر كل شيء من شأنه أن يرهق أدمغتنا، تُمرر الذكريات عبر عملية للترشيح. ويستقبل الدماغ كل ما تلتقطه الحواس. ومن هذه الكتلة من الأحداث، تخزّن الأحداث التي كان لها أكبر تأثير في الدماغ أولاً كذكريات قصيرة المدى. لا تُسترجع هذه الذكريات سوى لفترة محدودة فقط، كما يكون بعضها عابراً للغاية فلا تستمر سوى 20 ثانية فقط.
أما تلك التي يعاد استخدامها فتعتبر مهمة، وتزداد قوتها في كل مرة يتم فيها استدعاؤها. ومع ذلك، ففي كل مرة تستدعى فيها الذاكرة نفسها لحدث ما من دماغك، ستتغير قليلاً بصورة ما. وبسبب هذا، لا تظل الذكريات متطابقة على الإطلاق طوال الحياة؛ فهي أقرب لكونها تحديثات تعدّل باستمرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى