ضمت أكبر زمرة مسجلة
من الذئاب نحو 400 فردٍ
تُفسّر النظرية المتعلقة بكيفية استئناس كلاب ما قبل التاريخ من خلال عملية تُعرف بمسار التعايش Commensal pathway، حيث انجذبت الذئاب إلى المستوطنات البشرية بفعل أشياء جذابة للحيوانات البرية، مثل بقايا الطعام. فخلال الوقت الذي بدأ فيه البشر يركضون مع الذئاب في شمال أوراسيا، كانت الأرض مغطاة بالجليد في معظمها. وكان مصدر الغذاء الرئيسي في ذلك الوقت هو لحوم حيوانات ما قبل التاريخ الخالية من الدهون والمليئة بالبروتين. وعلى الرغم من استفادة البشر من تناول مصادر عالية البروتين، إلا أننا نحتاج إلى نظام غذائي متنوع للبقاء على قيد الحياة.
وفي المقابل، لا تتطلب الذئاب نظاماً غذائياً متنوعاً ويمكنها أن تعيش على الأطعمة الغنية بالبروتين وحدها. اقترح البعض أن البشر ربما تشاركوا الطعام مع الذئاب الأقل عدوانية والأكثر اجتماعية وطردوا الذئاب العدوانية، ومن ثم بدأت عملية الاستئناس. إلى جانب الاستفادة من غنائم الصيادين البشريين، يرجّح أن الذئاب شاركت بمرور الزمن في حماية الأراضي التي يتقاسمها الذئاب والبشر، وربما حتى العمل معاً للبحث عن الطعام. ربما تولى البشر أيضاً تربية صغار الذئاب اليتيمة أو حتى أخذوها من أوكارها. باستخدام الطعام الممضوغ مسبقاً وحليب الثدي، ربما شكلت صغار الذئاب روابط اجتماعية مع البشر منذ صغرها، مما أدى إلى استئناسها.
فإن صوت جزازة العشب يبلغ نحو 107 ديسيبل.
عينا الجرو الحزين
تسبب البشر في تغيير تشريح عضلات الوجه في الكلاب. قارن الباحثون التشريح العضلي للكلاب والذئاب، واكتشفوا عضلة تسمى رافعة زاوية العين الأنسية Levator anguli oculi medialis في جميع الكلاب، لكن ليس في الذئاب. تتمثل الوظيفة الأساسية لهذه العضلة برفع الحاجب الداخلي للكلب، والذي يشير الباحثون إلى أنه يشبه التعبير الذي يظهره البشر عندما يعبرون عن الحزن أو ”عيني الجرو الحزين“. وقد تكون هذه القدرة الوثيقة الصلة قد أثارت استجابة للتنشئة لدى البشر، وربما كانت سمة اختارها البشر أثناء عملية الاستيلاد.
أذنان مفلطحتان وفرو أبيض
يمثل المظهر أحد التغيرات الغريبة التي حدثت أثناء التحول من ذئب إلى كلب. في خمسينات القرن العشرين، درس العالم الروسي ديميتري بيلياييف Dimitri Belyayev دور الاستئناس في تغيير المظهر الجسدي لجيل من الثعالب الفضية البرية (فولبس فولبس فولفا Vulpes vulpes fulva)، والتي تنتمي إلى الفصيلة الكلبية. على مدى 40 عاماً، ربّى بيلياييف وفريقه البحثي الثعالب انتقائياً، فوجدوا أنها أظهرت زيادة اللطف تجاه البشر. بمرور الزمن، اكتشفوا أن فراء الثعالب قد تغير لونه، وصارت آذانها أكثر مرونة، وفقدت رائحة الثعالب، وصارت ذيولها أقصر وأكثر التواء.
وجد الباحثون أن الآلية التي تنظم الأدرينالين، وتُعرف بالمحور تحت المهاد – النخامي – الكظري Hypothalamic-pituitary-adrenal axis، قد تغيرت بدورها في الثعالب. فالأدرينالين Adrenaline هو هرمون ينظم استجابة الحيوان للكر أو الفر (القتال أو الهروب) Fight or flight response، والتي تقل بشكل كبير في الثعالب المستأنسة عند مقارنتها بالثعالب البرية. خلص بيلياييف إلى أن انخفاض مستويات الأدرينالين أدى إلى تناقص خوفها من البشر. يرتبط الأدرينالين أيضاً بإنتاج صبغ يسمى الميلاتونين Melatonin، والذي اقترح بيلياييف أنه يسهم في تغير اللون لدى الثعالب المستأنسة.
بقلم: سكوت داتفيلد