أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تكنولوجياهل كنت تعلم؟وسائل النقل

كيف تُصنع السفن الحربية

بقلم: مايك جينينغز

اشتهرت المملكة المتحدة بقوة أسطولها البحري الملكي منذ مئات السنين، ومن غير المرجح أن يتغير ذلك في أي وقت قريب. فقد شرعت المؤسسة في برنامج لبناء السفن لتحديث أسطولها الحالي. إنها مهمة مكلفة وطويلة الأجل، لكن البحرية على يقين من أن سفنها الجديدة من النوع 26 Type والنوع 31 Type ستكون حاسمة- وناجحة- عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على مكانة المملكة المتحدة كقوة عالمية رائدة. فالأمر لا يتعلق بإبقاء البحرية الملكية في المقدمة فحسب، إذ تقدم القوات البحرية مساعدات إنسانية أثناء الكوارث الطبيعية وتحمي المصالح التجارية وتدعم العلاقات الدولية للمملكة المتحدة. لديها قائمة واسعة من المهام، وهناك حاجة إلى معدات جديدة لإنجاز هذه الوظائف في العقود المقبلة.
إلى جانب ناقلات الجنود العاملة في البحرية الملكية الحديثة، هناك مجموعة من السفن ذات الأحجام المختلفة، بما في ذلك حاملات الطائرات والمدمرات الجاهزة للعمل بمجموعة واسعة من المهام في معظم أنحاء العالم، أينما احتاجت إليها الدولة. من بينها الفرقاطات Frigates، وهي أكبر السفن الحربية في الأسطول من حيث عدد أفراد الطاقم، والتي يمكنها تنفيذ كافة أنواع المهام تقريباً حول العالم. إنها قوة العمل الرئيسية في البحرية الملكية.
إضافة إلى فئات السفن الأساسية هذه، فهناك العديد من مركبات الدعم- من ناقلات الوقود إلى قوارب الدورية- والسفينة الطبية أرغوس RFA Argus. فلا يعني هذا مجرد احتياج البحرية الملكية إلى أسطول كبير ومتعدد الاستخدامات- بل يعني أن المؤسسة بحاجة إلى امتلاك أحدث التقنيات للحفاظ على مكانتها كواحدة من أفضل القوات البحرية في العالم.
هنا يأتي دور الفرقاطات من النوع 26 والنوع 31. فقد وصلت البحرية الملكية حالياً إلى منتصف عملية بناء هذه السفن الجديدة المذهلة، والتي صممت لتحل محل الفرقاطة الحالية من النوع Type 23، والمعروفة بالسفن من فئة الدوق Duke class.
خُطّط لترقيات السفن هذه منذ فترة طويلة. ففي عام 1998 زُرعت بذور النوع 26، وطُرح العديد من التصاميم والخطط المختلفة. ولكن في عام 2010 تقدمت الأمور بشكل كبير. فقد ظهر النوع 26 من مراجعة دفاعية حكومية حيث وصفت بالسفينة القتالية العالمية، حيث تنوي وزارة الدفاع إنتاج السفن للبحرية الملكية وكذلك تصديرها إلى دول أخرى. فلا عجب أن تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً عندما تفكر في أنها مصممة لتشكل جزءاً من أسطول بحري لعقود. ولا يمكن ترك أي شيء للمصادفة.
في الوقت الحالي، تخطط وزارة الدفاع لنشر ثماني سفن من النوع 26- اثنتان قيد الإنشاء حالياً كما طُلبت واحدة، في حين يُخطط لبناء خمس سفن أخرى في السنوات المقبلة. وجارٍ أيضاً تطوير أنماط مختلفة مرتكزة على تصميم النوع 26 للبحرية الملكية الأسترالية والبحرية الملكية الكندية، وهناك شراكات مع القوات البحرية في البرازيل ونيوزيلندا. وقد ظهر النوع 31 أيضاً من تلك المراجعة الحكومية لعام 2010، وتخطط وزارة الدفاع حالياً لطلب خمس من هذه الفرقاطات ذات الاستخدامات العامة.

تحديد الأنواع
لنبدأ بالنوع 26 – وهو الأكبر والأغلى من بين السفينتين الجديدتين. وسيضطلع بأداء مجموعة واسعة من المهام التي تواجهها البحرية الملكية الآن وفي المستقبل. وستستخدم السفينة الجديدة تصميماً معيارياً يمكّن من بنائها بتجهيزات مختلفة وتزويدها بمكونات جديدة بسهولة أكبر في المستقبل.
سيحتوي النوع 26 على رادار بحث ثلاثي الأبعاد، و48 منظومة إطلاق لصواريخ الدفاع الجوي، وصواريخ مضادة للغواصات، وصواريخ مضادة للسفن وأسلحة أخرى، وسيكون بدنها مُخمّد صوتياً ليجعل من الصعب على الغواصات اكتشاف السفينة. وكذلك ستوجد مجموعة مذهلة من التقنيات على متن السفينة، بما في ذلك منظومات السونار والمدافع البحرية والتوربينات الغازية والمحركات الكهربائية، إلى جانب مولدات الديزل ومساحة لهبوط مروحيات ميرلين Merlin ووايلد كات Wildcat المتطورة.
إنها كمية مخيفة من المعدات، ولذلك تأتي هذه السفن من النوع 26 مع قائمة مذهلة من الأرقام القياسية. ففرقاطات النوع 26 سوف تسمى فئة المدينة City class. ويبلغ طول هذه السفن من فئة المدينة 149.9 متر وستبلغ إزاحتها 6,900 طن- وسيزيد ذلك إلى أكثر من 8,000 طن بمجرد تحميلها بالكامل. وتعني هذه الأرقام الضخمة أن هذه السفن ستكون بطول 1.5 ملعب لكرة القدم وتزن مثل برج إيفل تقريباً. ويبلغ مدى السفن 7,000 ميل بحري وتعمل بطاقم قياسي من 157 فرداً يمكن زيادتهم إلى 208 كحد أقصى.
يُطلق على النوع الأول 26 اسم سفينة صاحبة الجلالة غلاسكو HMS Glasgow تكريماً للمدينة التي تُبنى فيها، وسيُطلق على الفرقاطتين التاليتين سفينة صاحبة الجلالة كارديف HMS Cardiff وسفينة صاحبة الجلالة بلفاست HMS Belfast، وكذلك ستُسمى الفرقاطات الخمس المخطط لها بعد ذلك على اسم مدن أخرى في المملكة المتحدة. فقد بدأ التصميم المبتكر بصورة وحدات يؤتي ثماره بالفعل. وستطلق على السفن الأسترالية فئة الصيادين Hunter class، وستكون أثقل وستدعم طاقماً أكبر من سفن المملكة المتحدة، كما ستزود بمجموعة مختلفة من المدافع. وستكون السفينة الكندية سيرفس كومباتانت Surface Combatant أطول قليلاً من السفينتين الأخريين، مع تزويدها بأنظمة استشعار وأسلحة مختلفة وطاقم أكبر.
فرقاطات النوع 31 أقصر بنحو 10 أمتار من فرقاطات النوع 26، وهي أخف قليلاً في الوزن. وتحتاج إلى طاقم أصغر من نحو 100 فرد، ولديها أنظمة أسلحة أقل، لكنها أسرع، كما إن نطاقها أوسع. فليس من المستغرب أن هذه السفن ليست رخيصة. فقد قضت البحرية الملكية ووزارة الدفاع والحكومة الكثير من الوقت في المناقشات حول التصاميم والتكاليف، لكن أول طلب من ثلاث فرقاطات من النوع 26 جاء في عام 2017 مقابل 4.9 بليون دولار – لذا فالتكلفة تزيد على 1.35 بليون دولار لكل سفينة. وتكلف السفن الأصغر من النوع 31 نحو 340 مليون دولار لكل منها.
تشمل حجرات طاقم السفينة مناطق ترفيهية وصالة ألعاب رياضية

اللبنات
لا شك في أن فرقاطات النوع 26 والنوع 31 مثيرة للإعجاب. ولكنها أيضاً باهظة الثمن ومعقدة، كما أن البحرية الملكية لا تبنيها بنفسها. وبسبب المعدات والمهارات المتخصصة المطلوبة، فهي تكلف شركات بناء السفن للعمل بهذه المهمة الجسيمة. تصنع فرقاطات النوع 26 شركة بي أي إيه سيستمز، وينتج المكونات أكثر من 40 مورداً آخر، بما في ذلك شركة رولز رويس- تدعم العملية بكاملها أكثر من 3,000 وظيفة.
أول سفينة من النوع 26 في المملكة المتحدة قيد الإنشاء في قاعة تصليح وبناء السفن التابعة لشركة بي أي إيه سيستمز في غلاسكو. ويعني التصميم المكون من وحدات أن تُبنى السفينة في كتل ضخمة تُدمج معاً لتشكل النصفين الأمامي والخلفي للسفينة- من الناحية البحرية، هما القسمان “الأمامي” و“الخلفي”. ويجمّع هذان القسمان معاً، وتُربط جميع الأنابيب والكبلات فيكتمل البناء الهيكلي لبدن السفينة غلاسكو. وبمجرد الانتهاء من ذلك، ستُرفع المداخن والصاري والجسر إلى الهيكل بواسطة رافعات وتُربط بإحكام. فخلال عام 2021 ستدحرج السفينة بكاملها على بارجة ضخمة ستُستخدم لإنزال السفينة في مياه نهر كلايد.
بمجرد إنزال السفينة في النهر ستُسحب عبر نهر كلايد إلى حوض آخر لبناء السفن لشركة بي أي إيه سيستمز في سكوتستاون. وهناك “ستجهز” السفينة، مما يعني الانتهاء من بقية البناء. ويتضمن هذا الجزء من العملية في معظمه تجهيز الجزء الداخلي من السفينة. ومن المخطط أن تقبل البحرية الملكية أول فرقاطة من النوع 26 في عام 2025، لتكون جاهزة للعمل بحلول عام 2027. ومن المقرر أيضاً أن تشغل السفن الأولى من النوع 31 بحلول عام 2027.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى