أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

كيف تسقط الأقمار الاصطناعية على الأرض

تسقط الأقمار الاصطناعية من المدار، لكنها تستغرق وقتاً أطول مما قد تظن

القول المأثور “ما طار طير وارتفع، إلا كما طار وقع” ليس صحيحاً دائماً. في القرن السابع عشر، أظهر إسحق نيوتن Isaac Newton أن الجسم الذي يُطلق بسرعة كافية يصل إلى المدار بدلاً من السقوط مرة أخرى على الأرض. وفي غياب مقاومة الهواء، سيظل في المدار إلى الأبد، ولكن من الناحية العملية، فإن الكمية الضئيلة من سَحْب الغلاف الجوي عند الارتفاعات المدارية تبطئ سرعته تدريجياً. تسقط الأقمار الاصطناعية عائدة إلى الأرض- ولكن ببطء شديد.

كلما كان القمر الاصطناعي أعلى، استغرق رجوعه إلى الأرض وقتاً أطول. من بين أسباب ذلك أن كثافة الهواء- وهي منخفضة في الفضاء لكن- تنخفض بشدة مع تزايد الارتفاع، لذلك تقل مقاومة الهواء أكثر فأكثر. هناك سبب آخر هو أنه على الرغم من أن الأقمار الاصطناعية في المدارات العالية تتحرك بوتيرة أبطأ من تلك الموجودة في المدارات المنخفضة، إلا أنها تمتلك طاقة أكبر- وهي دالة Function لكل من السرعة والارتفاع- ومن ثم ففقدانها للطاقة، وليس السرعة، هو ما ينزلها إلى الأرض.

قد يبدو سقوط قمر اصطناعي أمراً خطيراً، لكنه ليس كذلك في الواقع. ما لم يكن القمر الاصطناعي ضخماً جداً، فمن المرجح أن يحترق بكامله في أثناء دخوله مرة أخرى إلى الغلاف الجوي السفلي الكثيف. حتى الأجسام الكبيرة، مثل مراحل الصواريخ والمحطات الفضائية، تتفتت إلى شظايا غير ضارة نسبياً قبل أن تصل إلى السطح. المشكلة الأكبر بكثير من سقوط قمر اصطناعي هي مشكلة عدم سقوطه بعد اكتمال مهمته- لأنه يضيف إلى كل الحطام الفضائي غير المرغوب فيه في المدار ويزيد من خطر الاصطدام بالأقمار الاصطناعية الأخرى. تبحث وكالات الفضاء مثل وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency (اختصاراً: الوكالة إيسا ESA) عن طرق لجعل الأقمار الاصطناعية التي تدور على ارتفاعات شاهقة تسقط بوتيرة أسرع، مثل إضافة “شراع سَحْب” Drag sail كبير لزيادة تأثيرات مقاومة الهواء.

سقوط الأقمار الاصطناعية
يمكن جعل الأقمار الاصطناعية تسقط بوتيرة أسرع بإضافة “أشرعة السَّحْب” التي تشبه المظلة
عندما دخلت المرحلة الثالثة من الصاروخ دلتا الغلاف الجوي مرة أخرى في العام 2001، سقط الحطام في المملكة العربية السعودية

 

 

 

 

 

 

مدفع نيوتن

في غياب الجاذبية، فإن الجسم الذي يُطلق في الفضاء سينطلق في مماس Tangent ويستمر هناك إلى الأبد. من الناحية العملية لا يحدث هذا إلا إذا كانت سرعته أعلى من سرعة الإفلات Escape velocity للأرض. عند السرعات البطيئة، تسبب الجاذبية انحناء مسار الجسم عائداً باتجاه الأرض. وعند السرعات المتوسطة يمكنه أن يدخل المدار ويستمر في الدوران إلى أجل غير مسمى. شرح إسحق نيوتن الموقف باستخدام “تجربة فكرية” تُطلق فيها قذيفة مدفعية بسرعات مختلفة من قمة جبل عالٍ.

(A) بضعة أمتار في الثانية: تسقط الكرة سريعاً على الأرض.سقوط الأقمار الاصطناعية

(B) 6,000 م/ثانية: تقطع الكرة ثُمن الطريق.

(C) 7,300 م/ثانية: تدخل الكرة في مدار دائري.

(D) 8,000 م/ثانية: المدار عبارة عن قطع ناقص ممدود.

(E) 11,200 م/ثانية: سرعة الإفلات.

 

 

“كلما كان القمر الاصطناعي أعلى، استغرق رجوعه إلى الأرض وقتاً أطول”

إعادة الدخول المحكوم وغير المحكوم

تصوُّر لمحطة الفضاء تيانغونغ -1 مع مركبة فضائية من طراز شنتشو Shenzhou إلى اليمين

في أثناء عودة قمر اصطناعي عاطل إلى الغلاف الجوي، حاول مشغلوه التأكد من هبوطه في مكان آمن، مثل منطقة جنوب المحيط الهادي غير المأهولة- أو “مقبرة المركبات الفضائية”، كما تُعرف- على بعد 2,485 ميلاً من نيوزيلندا. لكنهم لا يستطيعون ذلك إلا إذا ظل القمر الاصطناعي تحت السيطرة. إذا لم يكن الأمر كذلك فمن المحتمل أن يسقط في أي مكان تحت مساره المداري. هذا ما حدث لمحطة الفضاء الصينية تيانغونغ 1 Tiangong-1 البالغ وزنها 8.5 طن وطولها 10 م. بعد بضع سنوات من مغادرة آخر زوارها من البشر في العام 2013، توقفت المحطة بنحو غير متوقع عن الاستجابة للتحكم الأرضي. لا يزال بالإمكان تعقبها باستخدام التلسكوبات والرادار، لكن لا يمكن فعل أي شيء لمنع عودتها النهائية غير المحكومة. حدث هذا في 2 أبريل 2018، ولحسن الحظ، تناثر الحطام بنحو غير مؤذٍ في المحيط الهادي، غير بعيد عن المقبرة الرسمية للمركبات الفضائية.

هل كنت تعلم؟

في المتوسط سقطت قطعة واحدة مفهرسة من الحطام الفضائي على الأرض كل يوم على مدار الخمسين سنة الماضية.

 

1 مشكلة متنامية

يتزايد عدد الأقمار الاصطناعية في المدار باستمرار. أطلق أكثر من 1,200 منها في العام 2020، ويرجح أن يشهد هذا العام عدداً أكبر من ذلك.

2 شبه فراغ

هناك القليل جداً من الهواء لإبطاء سرعة الأقمار الاصطناعية. يقل الضغط عند ارتفاع 310 أميال عن جزء من تريليون جزء من قيمته عند مستوى سطح البحر.

3 أكبر جسم يسقط من المدار

بلغ وزن محطة مير Mir، وهي سلف روسي لمحطة الفضاء الدولية، 135 طناً. أُخرجت مير عن مدارها عمداً لتسقط في المحيط الهادي في مارس 2001.

4 لا داعي للقلق

وفقاً للوكالة إيسا، فإن احتمال الإصابة بحطام فضائي متساقط يبلغ نحو واحد إلى 100 بليون سنوياً- وهو احتمال أقل بـ 60,000 مرة من التعرض لصاعقة.

5 تحدي الصعاب
أصيب شخص واحد بالفعل بحطام فضائي. حدث ذلك للوتي ويليامز Lottie Williams من أوكلاهوما في العام 1997، لكن الشظية ارتدت عن كتفها ولم تُصب بأذى.

بقلم: أندرو ماي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى