من المخلوقات التي تعيش في قاع المحيط إلى الفيل الهائل الحجم، تحتاج معظم الكائنات الحية إلى الماء؛ فهو أحد المتطلبات الأساسية للحياة، على الأرض وما وراءها. إنه أثمن مورد في العالم، لكن معظمنا يعتبره من المسلمات لأنه يتدفق من صنابيرنا ويسقط من السماء ويغطي معظم الكوكب. يستهلك الشخص العادي نحو 142 لتراً من الماء يومياً. نحن نستخدم الماء في كل شيء: الطهي، والشرب، والغسل، وزراعة طعامنا، وفي الصناعة والبناء. من دون هذا السائل الثمين لن نتمكن من البقاء على قيد الحياة أكثر من بضعة أيام. وكذلك يتكون معظم جسمك من الماء، وهذا يتغير خلال حياتك. عندما نولد، تتكون أجسادنا من نحو %78 من الماء، لكن مع تقدمنا في العمر، تتناقص نسبة الماء في أجسادنا، فتنخفض إلى نحو %60 في مرحلة البلوغ.
كل جزيء من الماء على الأرض، بما في ذلك الموجود بداخلك، ظل موجوداً طوال معظم تاريخ الأرض البالغ 4.5 بليون سنة. لم يتسرب سوى جزء ضئيل منه إلى الفضاء، ولم تُنتَج مياه جديدة. يعني هذا أن المياه التي تشربها حالياً هي من المياه نفسها التي نهلت منها الديناصورات العطشى قبل 65 مليون سنة.
يرجع هذا إلى أن كل مياه الأرض يُعاد تدويرها باستمرار في عملية تُعرف باسم دورة الماء Water cycle. في هذه العملية، ترتفع حرارة المياه في بحيرة أو محيط أو نهر، وتتحول إلى غاز (بخار الماء) في أثناء انتقالها إلى الغلاف الجوي. عندما يبرد بخار الماء الموجود في الهواء، فإنه يتحول إلى قطرات صغيرة من الماء السائل، مكونة السحب. تصبح الغيوم ثقيلة جداً في نهاية المطاف، فتلقي بالمياه مرة أخرى على الأرض في شكل مطر أو ثلوج أو صقيع أو بَرَد. تتجمع مياه الأمطار في البحيرات والأنهار والمحيطات، وتبدأ الدورة من جديد.
على الرغم من أن الماء قد يوجد في كل مكان حولنا، فإن هذه السلعة الثمينة غير موزعة بالتساوي في معظم أنحاء العالم. من بين 7.8 بليون شخص يعيشون في العالم، لا يحصل نحو 884 مليون شخص- أي نحو 1 من كل 9 أشخاص- على مياه شرب آمنة، ويشرب 114 مليون شخص المياه السطحية غير المعالجة من البحيرات والأنهار والجداول، مما يعرضهم لأمراض مثل الكوليرا Cholera والزحار (الدوسنتاريا) Dysentery وشلل الأطفال Polio وحمى التيفوئيد Typhoid fever.
تشير التقديرات إلى أن مياه الشرب الملوثة تسبب 485,000 حالة وفاة مرتبطة بالإسهال سنوياً. بحلول العام 2050، تشير التقديرات إلى أن نصف سكان العالم لن يحصلوا على مياه شرب آمنة بسبب التغير المناخي وعوامل أخرى.
”من دون هذا السائل الثمين لن نتمكن من البقاء على قيد الحياة أكثر من بضعة أيام“
الماء في الفضاء
لا يوجد الماء على الأرض فقط، بل في كل أرجاء مجموعتنا الشمسية. يوجد الماء على شكل محيطات سائلة تحت السطح أو جليد أو بخار في كواكب عديدة، بما في ذلك القمر والمريخ والأقمار غانيميد Ganymede وتيتان Titan وإنسيلادوس Enceladus. يوجد الماء في المذنبات والكويكبات، وفي بقايا تكوُّن المجموعة الشمسية منذ نحو 4.5 بليون سنة، وفي الكوكبين القزمين بلوتو Pluto وسيريس Ceres. سيساعد اكتشاف الماء في كواكب أخرى على البحث عن حياة خارج الأرض. أحد أكثر الأهداف الواعدة هو قمر المشتري يوروبا Europa. يحتوي هذا القمر الجليدي على معظم مكونات الحياة: الماء والكيمياء والطاقة. يحتوي المحيط الجوفي ليوروبا على ضعف كمية المياه الموجودة في معظم محيطات الأرض.
انتقال أسرع
تنتقل الموجات الصوتية كجزيئات الهواء ويصطدم بعضها ببعض عندما تهتز، مما يسبب اهتزاز جزيئات الهواء الأخرى المجاورة أيضاً. في الماء تكون الجزيئات قريبة بعضها من بعض، مما يمكِّن من نقل طاقة الاهتزاز بسرعة أكبر. تبلغ
سرعة الصوت في الهواء 343م/ثانية، في حين تبلغ سرعة الصوت في الماء نحو 1,432م/ثانية، أي أسرع بأربعة أضعاف تقريباً. ومع ذلك تلزم طاقة أكبر بكثير لبدء موجة صوتية في الماء، لأن الموجة تحتاج إلى مزيد من الطاقة لإجبار جزيئات الماء على التحرك، لكن هذا يعني أن الموجات الصوتية يمكنها الانتقال مسافات أطول من الهواء.
هل كنت تعلم؟
يبلغ حجم المياه على الأرض نحو 1,260,000,000,000,000,000 لتر
نسبة الماء في جسم الإنسان