صنع الحياة في المختبر
اكتشف التجربة التي تحاكي نشأة الكون
بعد سلسلة من التجارب التي أجريت في ستينات القرن التاسع عشر، وصف لويس باستور Louis Pasteur قانون النشوء الحيوي الذي يبين أن كل أشكال الحياة تأتي من أشكال أخرى للحياة. ولم يمض وقت طويل حتى نشر تشارلز داروين Charles Darwin نظريته عن التطور التي شرح فيها كيفية تطوّر الحياة المعقدة من كائنات حية بسيطة على مدى ملايين السنين. فقد أجابت النظريتان عن كثير من الأسئلة، لكن قطعة واحدة من الأحجية ظلت مفقودة- كيف بدأت الحياة بالتحديد أصلا؟
اقتُرحت إجابة في عام 1924 من قبل عالم الكيمياء الحيوية الروسي ألكسندر أوبارين Alexander Oparin، الذي وصف المحيطات الأرضية المبكرة باسم “الحساء البدائي” Primordial soup. وقد اعتقد أن البحار كانت مملوءة بالجزيئات المعقدة التي شملت اللبنات الأساسية للحياة، مثل الأحماض الأمينية والمركبات العضوية الأخرى التي ستتفاعل لاحقا، وتتحد بجزيئات أخرى لتكوين الخلايا الأولى. فقد عرف العلماء أنه يمكن صنع هذه اللبنات بداخل الكائنات الحية، لكن أوبارين اعتقد أنها كانت تُنتج في البداية بواسطة التفاعلات الكيميائية وحدها.
وفي عام 1952، حاول الكيميائيان الأمريكيان ستانلي لويد ميلر Stanley Lloyd Miller وهارولد كلايتون أوري Harold Clayton Urey تفسير الكيفية التي وجدت بها هذه اللبنات طريقها إلى البحار المفعمة بالحساء، فأجريا تجربة مختبرية تُحاكي ظروف المحيطات التي كانت موجودة على الأرض المبكرة؛ فباستخدام الماء والغازات والكهرباء بداخل شبكة من القوارير والأنابيب، بنى العالمان دائرة تُحاكي بنية الغلاف الجوي، ودورة الماء، مع صواعق متكررة. وبعد أسبوع من إجراء تلك التجربة، توصل الباحثان إلى اكتشاف مذهل؛ فقد تفاعلت الجزيئات البسيطة مكوّنةً العديد من الجزيئات المعقدة، بما في ذلك الأحماض الأمينية، وكل ذلك بفعل الكيمياء وحدها.