حيوانات تتغذى بالطاقة الشمسية
تعرف على المخلوقات التي استلهمت عملية البناء الضوئي في النباتات واستخدمت ضوء الشمس لإطعام أنفسها
بقلم: سكوت داتفيلد
باعتبارها الألواح الشمسية الطبيعية للأرض، تحصل النباتات على الطاقة من تحويل ضوء الشمس إلى طعام في عملية تسمى البناء الضوئي Photosynthesis. وهي قدرة ضمنت بقاء الكائنات الذاتية التغذي Autotrophs- وهي مخلوقات تنتج طعامها بنفسها- لنحو بليوني سنة. ولكنه اتضح أن النباتات لا تحتكر عملية البناء الضوئي، إذ وجد أيضاً عدد قليل من أنواع الحيوانات التي تهوى فن تحويل الضوء.
خذ حشرة المَنّ أسرثوسيفون بايسوم Acyrthosiphon pisum، مثلا. تُرى حشرات المَنّ عادة وهي تلتهم سيقان وأوراق وزهور نباتات البرسيم حول العالم، وقد تطورت ليحاكي مظهرها الخارجي شكل طعامها المورق. وبدلاً من إنتاج صبغة الكلوروفيل Chlorophyll اللازمة لعملية البناء الضوئي، يمكن لهذه الحشرات الصغيرة أن تنتج صبغة أخرى تسمى الكاروتينويدات، والتي يمكنها أيضاً امتصاص ضوء الشمس وتوفير دفعة إضافية من الطاقة لحشرات المن. وعلى الرغم من أنها ليست بديلاً كاملاً عن طعام المنّ المرتكز على النباتات، فقد أظهرت الدراسات أن حشرات المن الأخضر Green aphids تُنتج مستويات أعلى بكثير من الأدينوزين ثلاثي الفوسفات Adenosine triphosphate (اختصارا: الجزئ ATP ) -وحدة الطاقة في الجسم- مقارنة بنظرائها البيضاء، التي تفتقر إلى الأصباغ الكاروتينويدية. حشرات المَنّ هي مثال رائع على كيف يمكن لنوع ما أن يحاكي فصيلة أخرى لجني الفوائد نفسها عبر التطور.
وتحت السطح المائي السبخات المالحة Salt marshes حول الخط الساحلي لأمريكا الشمالية، هناك أيضاً مجموعة من البزاقات Slugs المعتمدة على الشمس التي تميل إلى سرقة القدرة على البناء الضوئي من جيرانها من الطحالب. وعلى الرغم من أنها أقرب شبهاً بإحدى أوراق الجميز Sycamore منها ببزاقات البحر، فإن زقّيات اللسان Sacoglossans هي مجموعة من اللافقاريات البحرية التي تتغذى بالطحالب وتمتص معها مصانعها للبناء الضوئي، أي البلاستيدات الخضراء Chloroplasts. وفيما يُعرف بسرقة البلاستيدات Kleptoplasty، يمكن لزقّيات اللسان نزع البلاستيدات الخضراء من فرائسها من الطحالب ونقلها إلى خلاياها الخاصة، حيث تستمر بإنتاج الطاقة والسكريات من ضوء الشمس. ولا تحتاج هذه الرخويات البحرية سوى إلى تناول الطحالب البحرية في الأسبوعين الأولين من حياتها، مما قد يوفر لها الغذاء لمدة 12 شهراً تقريباً.
وانتقلت إحدى البزاقات بهذا الهوس بسرقة البلاستيدات الخضراء إلى مستوى أعلى بسرقة المعلومات الوراثية للطحالب لإنتاج البلاستيداتها الخضراء. وعلى الرغم من أن البزاقات الزقّية اللسان يمكنها البقاء على قيد الحياة لمدة عام كامل دون تناول الطعام قبل نفاد طاقة البناء الضوئي، طورت البزاقة الزمردية أليسيا كلوروتيكا Elysia chlorotica طريقة للتأكد من عدم نفاد احتياطياتها. وفي البداية، تلتهم الأليسيا الزمردية الطحالب وتحصل على البلاستيدات الخضراء عن طريق سرقة البلاستيدات، ثم تقتحم نواة الطحالب وتسرق المعلومات الوراثية التي ترمّز لإنتاج البلاستيدات الخضراء فيما يعرف بالنقل الجيني الأفقي Horizontal genetic transfer. وعندئذ، يمكن لهذه البزاقة البحرية أن تعيش على الطاقة المنتجة من البناء الضوئي، لكنها تستمر بالتغذي بالطحالب من وقت إلى آخر.
وفي وجود قليل من الأمثلة على حيوانات يمكنها الاستفادة من البناء الضوئي، خاصة في أنواع الفقاريات، لن ترى دببة خضراء في الغابة في أي وقت قريب. ومع ذلك، فقد اكتُشف نوع من الفقاريات التي تؤوي رهائن من الطحالب بداخل خلاياها. وكان يُعتقد سابقاً أنه خلال دورة حياة السمندل المرقط أمبيستوما ماكيولاتوم Ambystoma maculatum، تنشأ بين الطحالب وجنين السمندل علاقة تكافلية Symbiotic relationship فيستفيد كلاهما من الآخر بمبادلة المغذيات بالأكسجين. ومع ذلك، فقد أظهرت الدراسات أنه أثناء النمو، تندمج الطحالب في خلايا السمندل، حيث تعيش وتزود السمندل البالغ بالطاقة. ولا يزال من غير الواضح نسبياً كيف تدخل الطحالب بالتحديد إلى خلايا السمندل ولماذا لا يتعامل جهازها المناعي مع الطحالب بمثابة تهديد. ولكن الواضح هو أنه بمجرد دخولها، لا يعود هذا التبادل المجهري مفيداً لكلا الطرفين. ولكونها محاصرة ضمن حدود جسم تلك البرمائيات ذات الصبغة الداكنة، يصعب الوصول إلى مصدر الضوء. وبدلاً من ذلك، تتحول هذه الطحالب التي كانت فيما مضى قادرة على البناء الضوئي إلى التخمير Fermentation لإنتاج الطعام في أمعاء السمندل.