ثوران بركاني حوّل دماغ رجل إلى زجاج
بقلم: نيكوليتا لانيس
عندما ثار بركان جبل فيزوف Mount Vesuvius في عام 79 ميلادي أطلق البركان سيلاً من الغاز والصخور الساخنة بدرجة كافية لغلي الدم وتبخير اللحم وحتى تحويل أجزاء من أنسجة الدماغ إلى زجاج، وفقاً لدراسة جديدة.
ونادراً ما يكتشف علماء الآثار أدمغة بشرية أثناء عمليات التنقيب، وإذا فعلوا ذلك، فهذه الأعضاء تبدو كالصابون وتكون ملساء. فخلال عملية تسمى التصبُن Saponification، تتفاعل الغليسريدات الثلاثية Triglycerides الموجودة في الأنسجة الدهنية للدماغ مع الجسيمات المشحونة في البيئة المحيطة، وتتحول إلى صابون بمرور الزمن.
وجد العلماء شيئاً مختلفاً تماماً عندما فحصوا رفات رجل مات في هيركولانيوم Herculaneum أثناء ثوران بركان فيزوف. فقد غلّف الرماد الساخن دماغ الضحية؛ فحوّله إلى قطع سوداء ملتوية عبر عملية تسمى التزجيج Vitrification. “كست” المادة الزجاجية سطح جمجمة الرجل. وتوصل إلى الاكتشاف غير العادي الدكتور بيير باولو بتروني Pier Paolo Petrone، أستاذ بيولوجيا العظام البشرية والأنثروبولوجيا الجنائية من مستشفى جامعة فيديريكو الثاني في نابولي بإيطاليا. ففي دراستهم الجديدة فحص بتروني وزملاؤه أحد ضحايا بركان فيزوف، والذي توفي على سرير خشبي في مبنى يُعرف بــ كوليجيوم أوغستاليوم Collegium Augustalium.
عُثر على الجثة في ستينات القرن العشرين مدفونة داخل كومة من الرماد البركاني. ومثل الضحايا الآخرين، فإن الهيكل العظمي المتفحّم يحمل البقايا المتناثرة لجمجمة انفجرت خلال ثورة البركان. واكتشف الفريق شظايا من مادة سوداء زجاجية استقرت داخل بقايا الجمجمة المتفجرة وتناثرت بين بقايا تجويف الجمجمة. وكشف التحليل عن بروتينات معروف وجودها في مناطق مختلفة من الدماغ البشري، بما في ذلك القشرة المخية Cerebral cortex المجعدة المسؤولة عن وظائف الدماغ العليا مثل اتخاذ القرار؛ أي اللوزة المخية Amygdala، وهي مهمة لمعالجة العواطف، والمادة السوداء Substantia nigra التي تساعد على التحكم في الحركة وفي استجابتنا للمكافآت.
بناء على تحليل الخشب المتفحم الذي عثر عليه بالقرب من الجثة، قرر الفريق أن الغرفة وصلت على الأرجح إلى درجة حرارة قصوى بلغت 520 درجة سيليزية. وكانت درجة الحرارة المتطرفة من السخونة بحيث “بخرت الأنسجة الرخوة” في جسم الضحية وحرقت كل أثر للدهون. ولاحظ المؤلفون أنه بعد التعرض الوجيز للحرارة الشديدة برد الجسم بسرعة، تاركاً وراءه البقايا المروعة لجمجمة منفجرة مغلفة بقطع دماغية مزجّجة.