تلسكوب هابل يرصد ”كوازارا مزدوجاً“ في حدث نادر جداً
بعد 33 سنة، لا يزال تلسكوب هابل الفضائي يكتشف مفاجآت كونية جديدة. أضافت تلك الأداة الموقرة مؤخراً إلى فهرسها الواسع من الاكتشافات رصدها كوازارا (نجم زائف/شبه نجم) مزدوجا Double quasar نادر وهو يلمع في التخوم البعيدة للكون. فالكوازارات Quasars هي من بين أكثر الأجرام سطوعاً في الكون، فتنبعث منها كمية من الضوء تزيد على ما تبثه مجرة درب التبانة بكاملها. تتشكل هذه الكوازرات عندما تسقط الغازات والغبار وقطع أخرى من المادة في ثقب أسود هائل في مركز المجرة. وتكون بعض هذه الجسيمات مضيئة جداً أثناء تسارع إلى ما يقترب من سرعة الضوء، وذلك بفضل الاحتكاك والجاذبية الهائلة التي يطبقها الثقب الأسود عليها.
إضافة إلى سطوعها، فالكوازارات قديمة جداً؛ يستغرق الأمر زمناً طويلاً لالتهام ما يكفي من المادة لبلوغ هذا الحجم العملاق، بما في ذلك زوج الكوازارات المكتشف حديثاً، والذي يبدو أنه تشكّل قبل نحو 10 بلايين سنة. ويفترض العلماء أن مثل هذه الأجرام كانت من الملامح المميزة للكون المبكر، لكن الطبيعة المزدوجة لهذين الجرمين تجعلهما مثيرين للاهتمام بشكل خاص. قال يو تشينغ تشين Yu-Ching Chen ، الباحث في جامعة إلينوي في أوربانا شامبين University of Illinois Urbana-Champaign: ”لا نرى الكثير من الكوازارات المزدوجة في هذا الوقت المبكر من الكون“.
بسبب طريقة انحناء الضوء حول مصدر جاذبية هائل – وهو تأثير يسمى المفهوم عدسة الجاذبية Gravitational lensing- قد يصعب على العلماء تحديد ما إن كان الكوازار المزدوج الظاهر حقيقياً أم خداعاً بصرياً. لكن في هذه الحالة، تمكن الفلكيون من استخدام التلسكوبات الأرضية للتحقق من صحة مكتشفات تلسكوب هابل. استخدموا البيانات من مرصد دبليو إم كيك WM Keck في هاواي لتأكيد أن النجمين الزائفين كانا نظاماً ثنائياً، وليس خدعة ضوئية.
على الرغم من الاكتشاف الأخير، يرجّح أن الكوازار المزدوج لم يعد موجوداً. خلال الحقب المتداخلة من الضوء المنبعث عن النجمين الزائفين وحتى اللحظة التي التقط صورتهما تلسكوب هابل، يرجّح أنهما اصطدما واندمجا ببعضهما البعض في ثقب أسود واحد أكبر من الثقبين اللذين دخلا فيهما. وبالمثل، فربما اندمجت المجرات التي كانت تدور حولهما في مجرة إهليلجية عملاقة واحدة. ويعتقد العلماء أن دراسة مثل هذه الاندماجات قد تساعدنا على تكوين فهم أعمق لكيفية ظهور مجرات مثل مجراتنا.
من المقرر أن يتوقف تلسكوب هابل عن العمل في عام 2026، لكن هذا لا يعني أن علماء الفلك سيضطرون إلى التخلي عن رصد الكوازارات. ومن المقرر إطلاق تلسكوب نانسي غريس رومان الفضائي Nancy Grace Roman Space Telescope التابع لوكالة ناسا في عام.2027 ستدرس هذه الأداة شريحة مماثلة من الطيف الكهرومغناطيسي لتلسكوب هابل، ولكن مع مجال رؤية أوسع، مما يجعلها مثالية لتعقب الكوازارات.
بقلم: جينيفر ناليفسكي