بقلم: أندرو ماي
يجري العمل على بناء تلسكوب جديد ضخم. عند تشغيله في العام 2029، سيرى الكون بوضوح وحساسية لم يسبق لهما مثيل. يُطلق عليه تلسكوب ماجلان العملاق Giant Magellan Telescope (اختصاراً: التلسكوب GMT) على اسم مستكشف القرن السادس عشر فرديناند ماجلان Ferdinand Magellan، وهو تعاون بين مجموعة من المؤسسات العلمية من الولايات المتحدة وأستراليا وكوريا الجنوبية والبرازيل.
على غرار عديد من أقوى التلسكوبات حالياً، لن يستخدم تلسكوب ماجلان العملاق مرآة واحدة لتجميع الضوء من الأجرام البعيدة، بل مجموعة كاملة منها. ستمنحه 7 مرايا متساوية الحجم بقطر 8.4م فتحة فعالة إجمالية تبلغ 24.5م، أي أكبر بعشر مرات من تلسكوب هابل الفضائي Hubble Space Telescope. ونتيجةً لذلك سيتمكن تلسكوب ماجلان العملاق من تمييز التفاصيل الأصغر بعشر أضغاف قدرة هابل، إضافةً إلى تصوير الأجرام الأشد خفوتاً.
يتواصل بناء التلسكوب الجديد في صحراء أتاكاما في تشيلي، والتي أصبحت موقعاً مفضلاً لعلماء الفلك. أحد أسباب ذلك هو المناخ المفرط الجفاف، مما يوفر حتى 300 ليلة صافية في السنة. والسبب الآخر هو الارتفاع الشاهق البالغ 2,550م فوق مستوى سطح البحر، مما يعني أن الغلاف الجوي الذي ينظر التلسكوب من خلاله أقل سماكة. في المصطلحات الفلكية، تكون “الرؤية”- أي عدم وجود تشويه بسبب الاضطرابات الجوية- جيدة جداً. ومع ذلك فإن الرؤية ليست مثالية، كما هي الحال في هابل الموضوع فوق الغلاف الجوي. قد يشكل هذا مشكلة بالنسبة إلى التلسكوب التقليدي، ولكن ليس تلسكوب ماجلان العملاق. سيستخدم التلسكوب حيلة ثورية جديدة تسمى البصريات التكيفية Adaptive optics لجعل أدائه بمثل جودة أي تلسكوب فضائي. يتضمن ذلك استخدام مرايا ثانوية مرنة- يتحكم فيها مئات المشغلات- لتعديل المرايا باستمرار لمواجهة تأثيرات الاضطراب Turbulence، وتحويل النجوم المتلألئة إلى نقاط حادة من الضوء في مثل ثبات أي شيء يرصده تلسكوب هابل.