الفلكيون يحدِّدون مواقع 100,000 حاضنة نجمية
بقلم: بن تيرنر
الحواضن النجمية Stellar nurseries هي مراجل الغازات والغبار التي تتشكل فيها النجوم، أكثر تنوعاً بكثير مما ظنه الفلكيون في البداية. رسم علماء الفلك في مشروع الفيزياء ذات الدقة الزاويّة العالية في المجرات القريبة High Angular Resolution in Nearby Galaxies (اختصاراً: المشروع PHANGS) مخططاً منهجياً لأكثر من 100,000 حاضنة عبر 90 مجرة، ووجدوا أن كل واحدة هي أكثر تميزاً عن الأخرى بأكثر بكثير مما كان يُعتقد في البداية.
قد يستغرق تشكُّ ل النجوم عشرات الملايين من السنين، فتنمو من سحب متصاعدة من الغبار والغازات المضطربة إلى نجوم أولية خافتة التوهج قبل أن تتجسد أخيراً في صورة أجرام سماوية عملاقة من البلازما، والتي تستمد طاقتها من الاندماج مثل شمسنا.
ولكن مدى سرعة استنفاد هذه العملية لمخزون الحاضنة من الغازات والغبار- وعدد النجوم التي يمكن أن تتشكل لاحقاً في موقع بعينه- يعتمد على موقع الحاضنة النجمي في المجرة.
قال آدم ليروي Adam Leroy، الأستاذ المساعد في علم الفلك في جامعة ولاية أوهايو: “اعتدنا الاعتقاد أن جميع الحواضن النجمية في كل مجرة يجب أن تبدو متشابهة إلى حد ما، لكن هذا المسح كشف أن هذه ليست هي الحال، وأن الحواضن النجمية تتباين من مكان إلى آخر. هذه الحواضن مسؤولة عن بناء المجرات وصنع الكواكب، وهي جزء أساسي في قصة نشأتنا”.
استغرق المسح 5 سنوات، وأُجري عبر قسم من الكون يُعرف باسم الكون القريب Nearby universe بسبب قربه من مجرتنا، استخدم تلسكوب مصفوفة مرصد أتاكاما الملليمتري/ تحت الملليمتري الكبير Atacama Large Millimeter/ submillimeter Array (اختصاراً: مرصد ألما ALMA) الموجودة في صحراء أتاكاما في تشيلي. بمسحهم في الجزء الراديوي من الطيف الكهرومغناطيسي، بدلاً من الجزء البصري، يمكن للفلكيين التركيز على التوهج الخافت المنبعث من غبار وغازات السحب الجزيئية المظلمة والكثيفة، على عكس الضوء المرئي من النجوم الفتية الناشئة منها. سمح هذا للباحثين بدراسة كيفية تشكُّ ل النجم من سحابته المحلية.
وكما قالت الباحثة الرئيسة في المشروع PHANGS، إيفا شلنيرر Eva Schlnnerer: “لفهم كيفية تشكل النجوم، علينا ربط تشكُّل نجم بعينه بموقعه في الكون. يشبه ذلك ربط شخص بمنزله وحيِّه ومدينته ومنطقته. إذا كانت المجرة تمثل مدينة، فإن الحي Neighborhood هو الذراع الحلزونية، والمنزل هو وحدة تشكيل النجوم، والمجرات القريبة هي المدن المتجاورة في المنطقة. لقد علمتنا هذه الملاحظات أن ‘الحي’ له تأثيرات ضئيلة، ولكنها واضحة على مكان وعدد النجوم المتشكَّلة”.
وقالت آني هيوز Annie Hughes، عالمة الفلك في معهد أبحاث الفيزياء الفلكية وعلم الكواكب Institut de Recherche en Astrophysique et Planétologie (اختصاراً: المعهد IRAP): “تميل السحب في المناطق المركزية الكثيفة من المجرات إلى أن تكون أضخم وأشد كثافة واضطراباً من السحب الموجودة في الضواحي الهادئة من المجرة… تعتمد دورة حياة السحب أيضاً على بيئتها. يبدو أن مدى سرعة تشكيل السحابة للنجوم والعملية التي تدمر السحابة في النهاية يعتمدان على مكان وجود السحابة”. بعد ذلك، سيحاول الباحثون معرفة ما يمكن أن يعنيه هذا الاختلاف بالنسبة إلى تشكُّل النجوم والكواكب، وكذلك بالنسبة إلى موقعنا في الكون.