العالم الغريب للسفن الهوائية
كآلات طيران رائدة خلبت ألباب جيل بكامله، للسفن الهوائية تاريخ قصير لكنه مفعم بالإثارة
من المؤكد أن المستقبل المقبول للسفر الجوي يتمثل حالياً في الطائرات حصرياً، لكن في نهاية القرن التاسع عشر كانت مفاتيح السماء بين يدي السفن الهوائية Airships. تطفو فوق الغيوم على مهل، كثيراً ما تُنسى قصة آلة الطيران هذه وتُهمّش لصالح إنجازات الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، لكنها تظل جزءاً رئيسياً من تاريخ البشرية في مجال الطيران.
جنون المناطيد يعصف بأوروبا
1784
كان جان بيير بلانشار Jean Pierre Blanchard فرنسياً يحلم بالطيران. وكان ذا عقل مستفسر، حاول دون جدوى صنع طائرات ومروحيات تعمل بالطاقة اليدوية قبل أن يحقق الشهرة بفكرة أخرى للطيران: مناطيد الهواء الساخن Hot-air balloons. في مارس 1784، حلق بلانشار لأول مرة في السماء بمنطاد منزلي الصنع، بعد سنة واحدة من أول رحلة طيران ناجحة بالمنطاد للأخوين مونغولفييه Montgolfier brothers، وفي عام 1785، تعاون مع الطبيب الأمريكي جون جيفريز John Jeffries، وانطلق من قلعة دوفر محلقاً فوق القنال الإنجليزي إلى فرنسا. استغرقت الرحلة البطيئة ساعتين ونصف الساعة وكانت الأولى من نوعها في العالم. تسببت رحلات بلانشار في إطلاق ”جنون المناطيد“ Balloonmania بين أفراد الجمهور، فصُنعت جميع أنواع تذكارات المناطيد. لكن بلانشارد تعرض لنهاية مؤسفة عندما أصيب بنوبة قلبية في الجو في عام 1808. وتسبب سقوطه على الأرض من ارتفاع 15 م في إصابة جسيمة لم يتعاف منها أبداً، وتوفي في العام التالي.
تغير في الاتجاه
1852
قبل 51 سنة فقط من غزو الأخوين رايت Wright brothers للسماء، نفّذت أول رحلة طيران بمحرك في التاريخ. نجح المهندس الفرنسي هنري غيفارHenri Giffard في حل مشكلة كبيرة في السفر بالمناطيد: الدفع المحكوم والقابل للتوجيه. من دون ذلك، كان الطيران بالمنطاد هو في الأساس رحلة في اتجاه واحد. بصنع أول سفينة هوائية في العالم تعمل بمحرك ويمكن توجيهها، والتي عرفت باسم ”المنطاد القابل للتوجيه“ Dirigible - من كلمة فرنسية بمعنى ”قابل للتوجيه“، فتح غيفار العالم لمفهوم الطيران بمركبات أخف من الهواء. كان الغاز المستخدم في المناطيد حينئذ هو الهيدروجين، والذي كان شديد الاشتعال وخطيراً، لكنه أخف من الهواء، مما يمكّن للمناطيد المملوءة من الطفو في الجو. لتزويده بالطاقة، استخدم غيفار محركاً بخارياً مصمماً خصيصاً مع قمع متجه للأسفل وأبخرة عادم مختلطة لتقليل فرصة حدوث شرارة – والتي يمكن لواحدة منها فقط أن تبخّر الهيدروجين المتطاير. بلغت قدرة المحرك 3 أحصنة ويمكنه بلوغ سرعة قصوى تزيد عن 9 كم/س، وكان المحرك بقوة المكواة Iron الحديثة نفسها.
فقدان السلطة
1863
اتبع سولومون أندروز Solomon Andrews، وهو طيار ومخترع للسفن الهوائية، نهجاً غير تقليدي لصنع السفن الهوائية. استخدمت مركبته، المسماة أيريون Aereon، التيارات الهوائية للدفع بدلاً من المحرك للانزلاق عبر الهواء. لم تنفذ هذه الفكرة الجديدة بالكامل أبداً، حيث أفلست الشركة بعد الحرب الأهلية الأمريكية. وكذلك فشلت محاولة إعادة تطبيق هذا المفهوم في ستينات القرن العشرين.
مولد منطاد زيبلين
1909
كان الكونت فرديناند فون زيبلين Ferdinand von Zeppelin صانعاً للطائرات حقق ريادة في تصميم السفن الهوائية الصلبة في مطلع القرن العشرين. انصهر شغفه بالسفر الأخف من الهواء في بوتقة الحرب الأهلية الأمريكية عندما رأى، أثناء عمله كضابط مراقبة، أول منطاد يعمل بالهواء الساخن. بعد سنوات، أي في عام ،1891 عندما كان يبلغ من العمر 52 سنة، اشتعل حماسه مرة أخرى عندما استقال من الجيش وكرس كل اهتمامه للسفن الهوائية. دفعته خلفيته كجندي لإيجاد تطبيقات عسكرية لمناطيده، ويقال إنه شعر بخيبة الأمل عندما أسست أول شركة للطيران التجاري في العالم في عام 1909، وهي الشركة الألمانية للسفر بالسفن الهوائية Deutsche Luftschiffahrts-Aktiengesellschaft (اختصاراً: ديلاج DELAG)، بينما كانت لا تزال في مهدها، ركزت الشركة غالباً على مشاهدة المعالم السياحية، واصطحاب الركاب في جولات ترفيهية حول الريف الألماني. مع تزايد الاهتمام بمناطيد زيبلن، حملت شركة ”ديلاج“ أكثر من 34,000 مسافر على متن أكثر من 1,500 رحلة جوية ما بين عامي 1910 و1914 . على الرغم من وجود حقول هبوط وحظائر تخزين في جميع أنحاء ألمانيا، لم تتمكن شركة ”ديلاج“ من تنفيذ خدمة منتظمة المواعيد بين المدن بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى. وحتى مع هذه الانتكاسة، جرّب آلاف الأشخاص السفر بالسفن الهوائية.
”على الرغم من وجود حقول هبوط وحظائر تخزين في جميع أنحاء ألمانيا، لم تتمكن شركة “ديلاج” من تنفيذ خدمة منتظمة المواعيد بين المدن بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى“
مشهد محفوف بالمخاطر
من عام 1914 إلى عام 1918
في بداية القرن العشرين، كان لدى القوى العالمية الكبرى آمال كبيرة في تكنولوجيا المناطيد القابلة للتوجيه وما يمكنها أن تجلبه إلى المجهود الحربي. منحت السفن الهوائية القوات الجوية عبر العالم قاذفة استراتيجية فعالة وطويلة الأمد، والتي يمكنها البقاء في الجو لساعات في كل مرة. كان الألمان أول من استوعب الفكرة، ومنذ عام 1915 تغلب منطاد زيبلين بريطانيا على الحماية التي كان يوفرها القنال الإنجليزي وأرهب مواطنيها في حملة قصف جوي إستراتيجي. لم يكن القصف المتعمد للمدنيين معروفاً من قبل، فكان الغضب الشعبي عارماً.
قد لا يبدو كيس طاف من الغازات السريعة الاشتعال أفضل الأسلحة لاستخدامها كقاذفة للقنابل، لكن خلال الغارات المبكرة، كان من الصعب جداً تدميرها. حتى أمكن صنع نوع خاص من الذخيرة يجمع بين القذائف المتفجرة والحارقة، كان من المرجح أن تمر الطلقات مباشرة عبر كيس غاز منطاد زيبلين بدلاً من إشعاله. لكن هذه الذروة لم تدم طويلاً، حيث تحسنت تكنولوجيا صناعة الطائرات بسرعة مذهلة. بحلول نهاية الحرب، توقف استخدام السفن الهوائية في الغارات الهجومية، واقتصر استخدامها على المهام الاستطلاعية. لكنها مهدت الطريق لنوع جديد من الحرب: القصف الجماعي للمدنيين.
استئناف إنتاج السفن الهوائية الألمانية
1919
انتهى استسلام ألمانيا في الحرب العالمية الأولى بتوقيع معاهدة فرساي Treaty of Versailles. حظرت المعاهدة على ألمانيا امتلاك أي سفن هوائية يمكن استخدامها لأغراض عسكرية ونصت على تسليم أي سفينة هوائية لا تزال في الخدمة إلى دول الحلفاء. شكل هذا مشكلة لشركة مناطيد زيبلين، فأعيد تخصيص آلتها الجديدة المبتكرة، إل زد 120 بودينسي LZ 120 Bodensee، وسلّمت إلى إيطاليا لدفع تعويضات الحرب. حتى إن الشركة اضطرت إلى اللجوء إلى تصنيع أدوات المائدة من الألومنيوم من أجل البقاء. ولاح بصيص من الأمل عندما تمكنت الشركة من تأمين عقد تصنيع مع الولايات المتحدة لصنع مناطيد إل زد 120، والتي نقلت جواً لتسليمها في أغسطس 1924. انتظرت وصولها حشود متحمسة، وأطلق عليها الرئيس كالفين كوليدج Calvin Coolidge ”ملاك السلام“. بعث هذا النجاح حياة جديدة في شركة زيبلن لصناعة السفن الهوائية Luftschiffbau Zeppelin، حيث خففت معاهدات لوكارنو Locarno Treaties من القيود المفروضة على بناء السفن الهوائية في ألمانيا.
واصلت شركة زيبلن لصناعة السفن الهوائية عملها لصنع واحدة من أشهر سفنها الهوائية في عام :1928 غراف زيبلن Graf Zeppelin. كان طول هذه السفينة الهوائية الضخمة أكثر من 3 أضعاف طول طائرة بوينغ 747 (Boeing 747)، فكانت أكبر سفينة هوائية صُنعت وقتئذ على الإطلاق. أصبحت غراف زيبلن المنتج الرائد لشركة شركة زيبلن لصناعة السفن الهوائية، حيث نفذت رحلات إلى القدس وبريطانيا ومصر والقطب الشمالي، وجعلت ”ديلاج“ أول شركة طيران تقدم رحلات عبر المحيط الأطلسي من أوروبا إلى أمريكا الجنوبية. على الرغم من أن تكنولوجيا الطائرات الثابتة الجناحين كانت تتحسن بسرعة، إلا أن شعبية الغراف زيبلين أبقت السفن الهوائية راسخة في أذهان الجمهور.
أول سفينة هوائية تعمل بالهيليوم
1921
في أول ديسمبر 1921، حلق في السماء منطاد Blimp البحرية الأمريكية C-7.كانت هذه أول سفينة هوائية مملوءة بالهيليوم وليس بالهيدروجين. ولما كان الهيليوم غازاً خاملاً فهو أكثر أماناً لاستخدامه في هذه الآلات المتقلبة، لكنه لم يكن يولّد قدراً كبيراً من الرفع.
تطور الدعاية
1925
مع ازدهار سوق السفن الهوائية، رأت شركة غوديير للإطارات والمطاط Goodyear Tire and Rubber Company فرصة تسويقية ممتازة. في يوليو 1925، أطلقت الشركة أول مناطيدها الدعائية، الذي أسمته كريستند بيلغريم Christened Pilgrim، وحقق نجاحاً باهراً. أسماه رئيس الشركة كذلك تيمنا بأحد المتنافسين في سباق كأس أمريكا لليخوت، حيث رأى أن السفن الهوائية يمكن أن ”تؤدي لمن يعيشون على اليابسة الغرض نفسه الذي تؤديه اليخوت لمن يعيشون بطول ساحل البحر“. خلقت صناعة السفن الهوائية المزدهرة صورة رومانسية حول نفسها، فكان يُنظر إلى مناطيد غوديير كتجسيداً لروح العشرينات الهادرة Roaring Twenties. نفّذت الأعمال الدعائية وأعمال الجرأة المثيرة باستخدام البهلوانات والسائرين على الأجنحة، مما أثار الحشود وأذهلها في جميع أنحاء الولايات المتحدة. حالياً، لا تزال غوديير تحتفظ بأسطولها من السفن الهوائية وتعمل على استبدال جميع سفنها الهوائية بتصاميم شبه صلبة. على الرغم من أن هذه ليست مناطيداً من الناحية التقنية، إلا أن آلات الطيران هذه اشتهرت لدرجة أن اسمها ظل عالقاً في الأذهان.
مأساة في البحر
1925 فصاعداً
بعد الحرب العالمية الأولى، صارت الولايات المتحدة مهتمة بتكنولوجيا السفن الهوائية للاستخدامات العسكرية. بتكليف عدد من المصنعين الألمان والبريطانيين بإنتاج سفنها، بدأت البحرية الأمريكية في بناء أسطولها من السفن الهوائية. لم يكن الخطر بعيداً عن الركب، فوقعت الكارثة الأولى ضمن سلسلة من المآسي في عام 1925 عندما تعرضت حاملة الطائرات شيناندواه USS Shenandoah لعاصفة حطمتها، مما أسفر عن مقتل 14 من أفراد الطاقم. على الرغم من إجراء تحسينات على تصميمات السفن الهوائية، إلا أن واحداً من أكثر الحوادث فتكاً وقع بعد 8 سنوات فقط. علقت السفينة أكرون USS Akron في عاصفة رعدية قبالة سواحل نيو جيرسي وفقدت، ولم يتبق سوى 3 ناجين. تعرضت مثيلتها، السفينة ماكون USS Macon، لمصير مماثل، لكن لحسن الحظ نجا جميع أفراد طاقمها البالغ عددهم 81 شخصاً بفضل أطواف النجاة.
نهاية البرنامج السوفييتي للسفن الهوائية
ثلاثينات القرن العشرين
بداية من الحروب النابليونية، حقق البرنامج الروسي للسفن الهوائية نجاحاً كبيراً، على الرغم من كونه غامضاً بعض الشيء، فلم يتبق منه سوى عدد قليل من السجلات الرسمية. حققت الهندسة السوفييتية بعض النتائج المذهلة بفضل السفينة الهوائية SSSR-V6 OSOAVIAKhIM، التي تجاوزت الرقم القياسي الألماني لطيران التحمل بالبقاء في الجو لمدة مذهلة بلغت 130 ساعة. بعد الحرب العالمية الثانية، تراجعت السفن الهوائية الروسية وتوقف إنتاجها بحلول خمسينات القرن العشرين.
انهيار مشروع السفن الهوائية الإمبراطورية
1930
في أوج مجدها، امتدت الإمبراطورية البريطانية عبر ربع الكرة الأرضية، فكان السفر بين حدودها قد يستغرق شهوراً. تمثل الحل في مشروع السفن الهوائية الإمبراطورية. أُمر بصنع سفينتين هوائيتين في البداية:R100 و R101. لكن اللجنة المكلفة بالمساعدة في البناء تسببت في إعاقة المشروع بفرض قيود غير معقولة وتجاهل تحذيرات السلامة. نظراً لأن كوارث السفن الهوائية السابقة كانت حاضرة في أذهان الجمهور، صنُع الهيكل المعدني للسفينة R101 أقوى بكثير من المطلوب، مما أدى إلى وزن غير ضروري للسفينة الهوائية. وكذلك كانت الطاقة المستخدمة لتشغيلها منخفضة على بشكل محزن، حيث مُنعت المركبة من استخدام محركات البنزين خوفاً من أن تنفجر في حرارة الهند. صمّمت محركات الديزل التي زودت بها السفينة في الأصل للسكك الحديدية فكانت أثقل بكثير مما كان مخططاً له. وبسبب الاستعجال في إطلاق المشروع، أسكتت المخاوف التي عبر عنها المهندسون، وفي 4 أكتوبر 1930، غادرت السفينة R101 كاردينغتون متجهة نحو كراتشي، باكستان. بسبب الأجواء العاصفة والمحركات المعيبة، سقطت السفينة R101 في الأراضي الفرنسية، فانتهى مشروع السفن الهوائية الإمبراطورية وتوقف استخدام بقية الأسطول.
أعلى رصيف للسفن هوائية في العالم
1931
لكونه أحد أطول المباني في نيويورك، كان من المحتم استخدام مبنى إمباير ستيتEmpire State Building لإرساء السفن الهوائية. فشلت الفكرة التي بدت ألمعية لأن مزيجاً من التيارات الصاعدة القوية والافتقار إلى خطوط الإرساء الأرضية جعل المبنى فخاً مميتاً للسفن الهوائية.
كارثة هندنبورغ
1937
في 3 مايو ،1937 غادرت السفينة الهوائية هندنبورغ فرانكفورت فيما أصبح آخر رحلة لها. حلقت على مهل عبر أوروبا والمحيط الأطلسي، فوصلت فوق ناطحات السحاب المتلألئة في نيويورك في 6 مايو. تأخر الهبوط بسبب الظروف الجوية السيئة، وحاولت الهبوط مرة أخرى خلال فترة وجيزة من هدوء الطقس في ليكهورست، نيوجيرسي. اشتعلت النيران في السفينة وتمزقت في انفجار دام 30ثانية فقط. من بين 97 شخصاً كانوا على متنها، قُتل 35 شخصاً، من المدنيين وأفراد الطاقم، إضافة إلى وفاة عامل أرضي واحد. سبب الكارثة حير الخبراء؛ فقد أكد القبطان أنه لا بد أنه كان تخريباً، في حين تضمنت النظريات الأخرى البرق أو ظاهرة طبيعية تعرف بشرر سانت إلمو St Elmo’s fire. يعتقد العلماء الآن أن شرارة واحدة هي التي تسببت في الكارثة.
الحرب العالمية الثانية
من عام 1939حتى عام 1945
كان الطلب على استخدام السفن الهوائية في الحرب العالمية الثانية لا يزال مرتفعاً. لكن الأمريكيين، وليس الألمان، هم من حققوا أقصى استفادة منها. اشتهر هرمان غورينغ Hermann Göring، قائد القوات الجوية الألمانية، بعدم ثقته في السفن الهوائية، وبسبب نقص الألومنيوم، صُهر معظم أسطول السفن الهوائية الألماني في عام 1940. أدركت البحرية الأمريكية، بعد الهجوم على بيرل هاربور Pearl Harbor، أنها ببساطة لا تمتلك السفن أو الطائرات اللازمة للدفاع عن أكثر من 11,800 ميل من السواحل الأمريكية، ومن ثم لجأت إلى السفن الهوائية للمساعدة. استخدمت الولايات المتحدة القوة الكاملة للسفن الهوائية في الصراع وكلفتها بمهام صغيرة لكنها مهمة مثل كسح الألغام والتقاط الصور الاستطلاعية والبحث والإنقاذ والدوريات المضادة للغواصات. مكنها رؤيتها من أعلى إلى أسفل من اكتشاف العلامات المنبئة بوجود غواصات معادية على نحو أفضل من السفن المبحرة على السطح، كما كان بوسعها اعتراض الإحداثيات اللاسلكية للسفن الحربية. على مدى 4 سنوات من الحرب، فقدت سفينة هوائية واحدة من طراز K-74 بنيران الأعداء عندما أسقطتها غواصة ألمانية من طراز يو بوت U-boat. لكن السفينة الهوائية انتقمت منها بدورها، فألحقت بالغواصة أضراراً كبيرة لدرجة أنها لم تعد قادرة على الغوص، وسرعان ما أغرقتها القاذفات.
نهاية عصر
آذن احتراق السفينة الهوائية هندنبورغ بنهاية عصر إنتاج السفن الهوائية التجارية، سواء في ألمانيا أو على الصعيد الدولي. بفضل تكنولوجيا صناعة الطائرات التي سمحت بأزمنة طيران أسرع وسعة شحن أكبر بكثير، انخفض الطلب على السفن الهوائية قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها. على الرغم من أنها ظلت تُستخدم بقدرة محدودة جداً في الإعلانات والتطبيقات العسكرية، إلا أن هذه الآلات كانت بعيدة كل البعد عن أذهان الجمهور. ومع ذلك، قد يشهد الاهتمام المتجدد بها إحياء السفن الهوائية. في عام 1997، عادت شركة زيبلين لصناعة السفن الهوائية إلى الظهور مجدداً، حيث أنتجت أول طراز جديد لها منذ 50 سنة، مع الرحلة الأولى للسفينة زيبلين إن تي 07 Zeppelin NT 07. وفي الآونة الأخيرة، حصلت شركة أخرى، هي إيروسكرافت Aeroscraft، على منحة كبيرة من حكومة الولايات المتحدة لإنتاج الجيل التالي من السفن الهوائية. بغض النظر عن تطبيقاتها السياحية والإعلانية، تعتبر السفن الهوائية مثالية للمهام البحثية والبيئية نظراً لانخفاض اهتزازاتها وقدرتها على نقل البضائع إلى مواقع يتعذر الوصول إليها، والتي قد لا يمكن بلوغها عبر أي طريق أو ميناء أو مدرج للطائرات.
المناطيد وسفن زيبلين الهوائية
1 السفينة الهوائية AIRSHIP
السفينة الهوائية هي آلة طائرة تعمل بمحرك وتُملأ بغازات أخف من الهواء.
2 المنطاد القابل للتوجيه DIRIGIBLE
على الرغم من كونه مرادفاً للسفينة الهوائية، لا يأتي الاسم من إطاره الصلب، بل من الكلمة الفرنسية Diriger، بمعنى ”قابل للتوجيه“.
3 منطاد المراقبة BLIMP
منطاد المراقبة هو سفينة هوائية ليس لها هيكل صلب ويحافظ على شكله بفعل ضغط الغاز الذي يُملأ به.
4 السفينة الهوائية الصلبة RIGID AIRSHIP
لا تحافظ آلة الطيران هذه على شكلها بفعل ضغط غاز الرفع، بل بإطار صلب يحيط بخلايا أو أكياس الغاز.
5 سفن زيبلين الهوائية ZEPPELINS
سفن هوائية صلبة من إنتاج شركة زيبلين لصناعة السفن الهوائية التي أسسها الكونت فون زيبلن.
بقلم: بيتر فولفغانغ برايس