الزمن
نظرة على بعض الطرق التي نقيس بها قوة الطبيعة التي لا يمكن إيقافها وارتباطها الوثيق بالفضاء
في الأزمنة القديمة، كانت الساعة
الواحدة تعادل 1/12 من مدة النهار،
ويتفاوت طولها عبر المواسم.
الزمن هو شيء نعتبره جميعاً أمراً مفروغاً منه، لكن قد يصعب فهمه تماماً عندما نفكر فيه ملياً. منذ عام 400 للميلاد، أشار سانت أوغسطين Saint Augustine إلى أنه يعرف بالضبط ماهية الزمن، إلا عندما يحاول تفسيره. قد يقول الكثير منا الشيء نفسه حالياً، ولا يزال فلاسفة العالم يتجادلون حول طبيعة الزمن بالضبط وكيف ننظر إليه. لحسن الحظ، صرنا الآن قادرين على تحديدها بعض جوانب الموضوع بدقة أكبر، وذلك بفضل الساعات الفائقة الدقة والنظريات الرياضية المتطورة. تمثل الصفحات القليلة التالية جولة إرشادية لبعض أروع المعالم البارزة للزمن. سنبدأ بالنظر في الطريقة التي تطور بها قياسنا للزمن على مر القرون، بداية من الساعات الشمسية القديمة والتقويمات الصخرية مثل ستونهنج Stonehenge، مروراً بأقدم الساعات الميكانيكية وحتى الساعات والمنبهات الإلكترونية المنتشرة في كل مكان حالياً والتي تعمل بالكوارتز. وبعد ذلك، سنغوص في نظرية النسبية Theory Of Relativity المذهلة لآينشتاين Einstein، والتي توضح الارتباط الوثيق بين المكان والزمن، وكيف يمكن للمراقبين المختلفين أن يروا مرور الزمن بمعدلات مختلفة. أخيراً، سنتعرف على أحدث جيل من الساعات الذرِّية العالية التقنية، وبعضها من الدقة بحيث أنها لن تخسر ولو ثانية واحدة طوال عمر الكون بكامله.
داخل آلية أنتيكيثيرا
مثّل هذا الجهاز المتطور من العالم القديم تقويماً متعدد الوظائف
1 مقبض الضبط Adjustment Knob
لم ينج هذا المقبض، لذلك لا نعرف كيف كان يبدو، لكنه استُخدم لإدخال التاريخ المطلوب.
2 الصفيحة المدرجة الأمامية Front Dial
هي المنتج الرئيسي للآلة، والتي تُظهر حركات الكواكب والبيانات الفلكية الأخرى.
3 التروس Gears
يحتوي الجزء الداخلي من الصندوق على أكثر من 30 ترساً مصممة بدقة لتشغيل الوجهين الأمامي والخلفي.
4 الصفائح المدرجة الخلفية Rear Dials
تعرض صفيحتان مدرجتانDials كبيرتان و 3 صفائح أصغر بيانات فلكية إضافية، إضافة إلى تواريخ الألعاب الأولمبية والألعاب الأخرى.
حاسوب إغريقي قديم
يُطلق على آلية أنتيكيثيرا Antikythera Mechanism أحياناً اسم أقدم حاسوب في العالم، وهي جهاز تقويمي معقّد صنع في وقت ما نحو عام 100 قبل الميلاد. حصلت الآلة على اسمها من حقيقة اكتشافها في حطام سفينة قبالة جزيرة أنتيكيثيرا اليونانية، على الرغم من أنها نشأت على الأرجح في جزيرة أخرى، هي رودس Rhodes. صنعت الآلة من البرونز، وهي في حجم وشكل صندوق الأحذية تقريباً، وهي مهترئة جداً ولكنها سليمة بما يكفي ليرى العلماء كيف كانت تعمل. يؤدي تشغيل المقبض على جانبها إلى تحديد التاريخ المطلوب، والذي يعمل- من خلال مجموعة معقدة من التروس بداخل الصندوق – على تشغيل عدد من صفائح العرض المدرجة على الوجهين الأمامي والخلفي. أظهرت الصفيحة المدرجة الأمامية مواقع الشمس والقمر والكواكب بالنسبة إلى دائرة البروج Zodiac، في حين أظهرت الصفيحة المدرجة الخلفية أموراً مثل كسوف الشمس والقمر – وربما، وهو الأكثر تشويقاً لبعض مستخدميها، تواقيت البطولات الرياضية المختلفة.
يرجع تاريخ أقدم ساعة شمسية
معروفة إلى عام 1500 قبل الميلاد.
بالنسبة إلى شعوب ما قبل التاريخ، كان تتبّع الوقت من السنة أهم بكثير من معرفة الوقت من اليوم. ونتيجة لذلك، فإن أشد محاولاتهم تعقيداً في ضبط الزمن لم تكن ساعات بقدر ما كانت تقاويم Calendars. لقد رصدوا تغيّر موقع الشمس والقمر في السماء من أجل متابعة الفصول، وشيّد العديد من المعالم الأثرية المذهلة حول محاذاة الشمس أو القمر لهذا الغرض. ومن أشهرها محاذاة ستونهنج للانقلاب الصيفي Summer Solstice، على الرغم من أن محاذاة نيوغرانغ Newgrange في أيرلندا للانقلاب الشتوي Winter Solstice – مثير للإعجاب بالقدر نفسه بل وأقدم.
“رصدوا تغيّر موقع الشمس والقمر في السماء”
كان على مصممي أنابيب
التلفزيون السماح بتمدد الوقت.
”إنه يعمل وفقاً للمبدأ الأساسي نفسه، وهو استخدام المياه المتدفقة بدلاً من الرمال“
ظهرت أولى الساعات الميكانيكية في أواخر القرن الثالث عشر. اعتمد هذا الاختراع الأوروبي على منظومة من الأوزان والرافعات والتروس – أو ”آلية الساعة“ Clockwork بمعنى آخر. لم يتسم أقدم هذه الآليات بوجه الساعة المألوف، لكنها ببساطة كانت تدق جرساً كل ساعة. كانت هذه أول أجهزة تحمل اسم ”ساعة“ Clock بالفعل، والمشتقة من الكلمة اللاتينية كلوكا Clocca، بمعنى ”الجرس“.
على مدى القرون التالية، طُوّرت الساعات تدريجياً وحسّنت في اتجاهين: نحو دقة أكبر ومزيد من التطبيقات العملية. في أخريات القرن السابع عشر، حدثت قفزة كبيرة في دقة الساعات، مع اختراع الساعات البندولية Pendulum Clocks. سمحت هذه الساعات بعرض الدقائق وحتى الثواني إضافة إلى الساعات. أما من الناحية العملية، فقد تناقص حجم الساعات بالتدريج، حيث ظهرت ساعات بحجم الجيب لأول مرة في عام 1574، تلتها أول ساعة يد في عام 1812. وفي أوائل القرن التاسع عشر أيضاً، ظهرت في السوق أولى الساعات التي أنتجت بكميات كبيرة، مما جعلها متاحة على نطاق أوسع بكثير عن ذي قبل.
قبل القرن التاسع عشر، كانت معرفة الوقت المحدد مسألة تتعلق بالفضول أكثر من كونها ضرورة. ولكن مع تنامي السفر بالسكك الحديدية، صار لدى الناس فجأة دافع أقوى بكثير لمعرفة الوقت. تعمل القطارات وفقاً لجداول زمنية صارمة، وقد يفوتك القطار إذا تأخرت لبضع دقائق. في الأيام الأولى للسفر بالسكك الحديدية، كان لأجزاء مختلفة من البلاد معاييرها الزمنية المحلية الخاصة، مما تسبب في فوضى كبيرة قبل ظهور المناطق الزمنية الوطنية - مثل توقيت غرينتش المتوسط Greenwich Mean Time في المملكة المتحدة.
وعلى الرغم من هيمنة المنبهات والساعات التقليدية التي تعمل ”بآلية الساعة“ لعدة قرون، فمن المحتمل جداً أنك لا تمتلك واحدة منها في منزلك حالياً. يرجع ذلك إلى الاكتشاف الذي تحقق في أوائل القرن العشرين بخصوص فلز شائع يسمى الكوارتز Quartz. إذا دمجت بلورة منه في دارة مذبذب Oscillator إلكتروني، فإنها تنتج إشارة بتردد محدد بدقة عالية. وقد مكّن هذا الاكتشاف من صنع ساعات أدق بعشر مرات على الأقل من أفضل الساعات التقليدية. صنعت أول ”ساعة تعمل بالكوارتز“ Quartz Clock من هذا النوع في عام 1927، لكنها لم تحدث ثورة فورية. نتج هذا عن أن الأجهزة الإلكترونية في تلك الأيام كانت ضخمة وغير موثوق بها، وقد انقضت عدة عقود قبل أن يجعل جيل لاحق من الإلكترونيات المصغرة ساعات الكوارتز اقتراحاً قابلاً للتطبيق – لدرجة أنها صارت موجودة حالياً في كل مكان تقريباً.
الساعة المائية المصرية
هذه الساعة البسيطة والفعالة موجودة منذ 3,400 سنة على الأقل
1 املأ الوعاء بالماء Fill Pot With Water
لبدء تشغيل الساعة، اسكب الماء في الوعاء ذي شكل القمع حتى يمتلئ حتى حافته.
2 دع الماء يتقاطر Let Water Drip Out
بعد توقف التدفق، يستمر الماء بالتقاطر بمعدل ثابت من ثقب صغير في القاع.
3 اقرأ وقت الفراغ Read Off Time
عندما ينخفض مستوى الماء، قارنه بالعلامات المتدرجة لمعرفة مقدار الوقت المنقضي.
ضبط الوقت
3200 ق.م
صنع الناس في عصور ما قبل التاريخ نوعاً من التقويم في نيوغرانغ، والذي تغمره أشعة الشمس في لحظة واحدة فقط كل سنة.
450 ق.م
كان تقويم المايا في أمريكا الوسطى واحداً من أكثر أنظمة ضبط الوقت تطوراً في العالم القديم.
685 م
ركّبت ساعة شمسية Sundial توضح الأوقات الصحيحة للصلاة خارج كنيسة بيشوبستون Bishopstone Church في شرق ساسكس.
1270
ظهرت أولى الساعات الميكانيكية، التي احتوت على أجراس ولكن من دون عقارب أو أقراص، في شمال إيطاليا وجنوب ألمانيا.
1656
صمم العالم الهولندي كريستيان هيغنز Christiaan Huygens أول ساعة بندولية، ونفّذ التصميم صانع ساعات محلي.
1847
اعتُمد توقيت غرينتش المتوسط Greenwich Mean Time (التوقيت Gmt) باعتباره ”توقيت السكك الحديدية“ الرسمي في معظم أنحاء بريطانيا.
1915
نشر آينشتاين الجزء الأخير من نظريته النسبية، التي أحدثت ثورة في الطريقة التي ينظر بها الفيزيائيون إلى الزمن.
1967
عرضت ساعات اليد الإلكترونية المعتمدة على مذبذبات بلورات الكوارتز لأول مرة.
1989
فاز الفيزيائي نورمان إف. رامزي Norman F. Ramsey بجائزة نوبل لدوره في تطوير الساعات الذرِّية.
2018
سجلت ساعة شبكية بصرية Optical Lattice Clock في المعهد الوطني الأمريكي للمعايير والتكنولوجيا رقماً قياسياً عالمياً جديداً لدقة ضبط الوقت.
نسبية الزمن
في حياتنا اليومية، نعتبر أن الزمن يمر بمعدل ثابت. ويؤكد ذلك حقيقة أن الساعات في معظم أنحاء العالم تظل متزامنة مع بعضها بعضا. ولكن بالنسبة إلى الفيزيائيين، يرجع هذا فقط لأننا جميعاً نتشارك الإطار المرجعي Frame Of Reference نفسه. منذ أن صاغ ألبرت آينشتاين نظريته عن النسبية في السنوات الأولى من القرن العشرين، صار من المعروف أنه يمكن للمراقبين إدراك الزمن بشكل مختلف في أطر مرجعية مختلفة تماماً، إذا انطلقوا في حركة سريعة أو في مجال جاذبية قوي مثلاً.
إحدى الأفكار التي تخلصت منها في نظرية آينشتاين هي فكرة التزامن Simultaneity. فالراصد على الأرض قد يرى حدثين فلكيين يقعان في وقت واحد، على الرغم من أن قائد سفينة فضائية منطلقة بسرعة سيرى حدوثهما في زمنين مختلفين. وبالمثل، قد يحصل المسافرون في الفضاء والراصدون على الأرض على إجابات مختلفة عند قياس مدة حدث ما في موقع ثالث. يحدث هذا التأثير، المعروف بتمدد الزمن Time Dilation، في حالتين مختلفتين: إذا كان الراصدان يتحركان بالنسبة إلى بعضهما البعض، أو إذا وجد أحدهما في مجال جاذبية أقوى. هذه التأثيرات ”النسبية“ ليست غريبة تماماً كما تبدو، لأنها تتعلق فقط بالطريقة التي يرى بها الراصدون مرور الزمن في مكان آخر غير موقعهم. بالنسبة إلى الراصدين أنفسهم، يمر الزمن دائماً بمعدله الطبيعي.
من بين أغرب نتائج النسبية أنها تسمح بإمكانية السفر عبر الزمن. يمكن لحقول الجاذبية القوية جداً المحيطة بالثقوب السوداء أن تشوه الزمكان لدرجة أنه يتطوى على نفسه مرة أخرى. والنتيجة هي ”ثقب دودي“ Wormhole. مثل نظيره التخيلي، يعمل الثقب الدودي في العالم الحقيقي كاختصار بين نقاط مختلفة في الزمكان، ومن الممكن تماماً أن يكون مخرج الثقب الدودي في وقت أبكر من مدخله. يُعرف المسار عبر الزمكان الذي يعود إلى الماضي بـ”المنحنى المغلق الشبيه بالزمن“ Closed Timelike Curve، وقد توصل الفيزيائيون إلى عدة طرق لإنشائه. مع الأسف، كل هذا يتطلب إنجازات هندسية مستحيلة، لذلك يظل السفر عبر الزمن احتمالاً نظرياً بحتاً، وليس عملياً.
1 تباطؤ اضمحلال الميونات تتشكّل جزيئات الميون Muon Particles الفائقة السرعة بفعل الأشعة الكونية التي تضرب الغلاف الجوي العلوي، وهي قصيرة العمر جداً لدرجة أنه لا ينبغي لها أن تصل إلى مستوى الأرض أبداً – لكنها تصل إليه بفضل تمدد الزمن.
2 الساعات على متن طائرة حتى في السرعات العادية، تكون لتمدد الزمن تأثيرات يمكن قياسها على مستوى دون الميكروثانية. وقد تجلى ذلك في عام 1971 عندما حمل العلماء ساعات ذرِّية في رحلات طيران حول العالم.
3 النسبية ونظام تحديد المواقع لتوفير دقة ملاحية على مستوى المتر، تحتاج الأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (Gps) إلى توقيت بدقة النانو ثانية. ولا يمكنها تحقيق ذلك إلا من خلال أخذ التأثيرات النسبية لتمدد الزمن بالاعتبار.
4 مصادم الهدرونات الكبير تدور البروتونات حول المصادم بسرعة عالية لدرجة أنها إذا استمرت لمدة ساعتين وفقا لساعة خارجية، فلن ينقضي سوى ما يزيد قليلاً على ثانية واحدة من زمنها الخاص.
5 توائم وكالة ناسا عندما نفّذ رائد الفضاء سكوت كيلي Scott Kelly مهمة في محطة الفضاء الدولية، كان تباطؤ الزمن يعني أن عمره نقص بنحو 5 مللي ثانية عن شقيقه التوأم، مارك Mark، الذي ظل على الأرض.
تمدد الزمن في الثقوب السوداء
هذا ما ستراه إذا شاهدت مركبة فضائية تسقط في ثقب أسود
1 سفينة الفضاء تقترب من ثقب أسود
طالما ظلت السفينة على مسافة آمنة من أفق حدث الثقب الأسود، سيكون تشوّه الزمكان صغيراً نسبياً، وتُرى الأحداث وهي تقع بالمعدل نفسه من قبل راصد خارجي وطاقم السفينة.
2 سفينة الفضاء تسقط باتجاه أفق الحدث
من منظور الطاقم، لم يتغير شيء، فهم ما زالوا يسافرون بالسرعة نفسها. لكن راصداً خارجياً يرى أن السفينة تتباطأ، وإذا تمكن من رؤية ما بداخلها، فإن ساعة السفينة ستتباطأ أيضاً.
3 سفينة الفضاء تصل إلى أفق الحدث
بقدر ما يتعلق الأمر بمرور الوقت، فإن الطاقم لن يرى أي شيء خاص في هذه المرحلة. لكن بالنسبة إلى الراصد الخارجي، فإن السفينة تتوقف تماماً وتتجمد في مكانها في أفق الحدث Event Horizon.
تلسكوب أفق الحدث
للساعات الذرِّية أهمية قصوى بالنسبة للطريقة التي يعمل بها صفيف التلسكوبات الممتد على مستوى العالم
1 جرم فلكي Astronomical Object
قد يكون هذا مجرة بعيدة أو جرماً صغيراً في مجرتنا، مثل الثقب الأسود المركزي.
2 إشارة راديوية Radio Signal
تستقبل جميع التلسكوبات الراديوية الموجودة في المصفوفة Array الإشارة نفسها.
3 أطباق التلسكوب الفردية Individual Telescope Dishes
يسجل كل تلسكوب زمن وصول الإشارة باستخدام ساعة ذرِّية Atomic Clock.
4 أزمنة وصول مختلفة Different Arrival Times
تصل الإشارة إلى التلسكوبات في أزمنة مختلفة، يفصل بينها أجزاء من الثانية.
5 فصل التلسكوب Telescope Separation
يجب أن تكون المسافة بين التلسكوبات، أو خط الأساس Baseline، معروفة بدقة شديدة.
6 حساب خط الأساس Baseline Calculation
يوفر الاختلاف في أزمنة الوصول، كما تسجلها الساعات الذرِّية، قياساً دقيقاً لخط الأساس.
مراقبة الثقوب السوداء
سيطلع كثير من الناس على الصور المذهلة للثقوب السوداء الهائلة التي يلتقطها تلسكوب أفق الحدث. لكن ربما لا يكون معروفاً جيداً هو الدور الرئيسي الذي تؤديه الساعات الذرِّية في الحصول على هذه الصور. لتحقيق الدقة العالية بشكل مذهل، واللازمة لرؤية المنطقة المحيطة بالثقوب السوداء، احتاج علماء الفلك إلى تلسكوب راديوي هائل بحجم الأرض. ما استخدموه في الواقع هو ثاني أفضل شيء - أطباق فردية مثبتة في إسبانيا، وأريزونا، وهاواي، وتشيلي، والقارة القطبية الجنوبية، وكلها متصلة بطريقة تجعلها تعمل كأداة واحدة عملاقة. تُعرف هذه التقنية من الناحية الفنية بقياس تداخل خط الأساس الطويل جداً Very-Long-Baseline Interferometry، وتتطلب معرفة دقيقة جداً بزمن وصول الإشارة إلى الأطباق المختلفة. وفي حالة تلسكوب أفق الحدث Event Horizon Telescope، توفر ذلك ساعات ذرِّية حديثة تسمى أجهزة ميزر الهيدروجين .Hydrogen Masers
”تتطلب هذه التقنية معرفة دقيقة جداً بزمن وصول الإشارة إلى الأطباق المختلفة“
السيزيوم هو ألين جميع
العناصر الصلبة.
تعتبر الساعات الذرِّية من أدق الساعات في العالم، حيث تستغل العلاقة بين الزمن وتردد الموجات الكهرومغناطيسية. التردد Frequency، المعبر عنه بالهيرتز، يعني ببساطة عدد دورات الموجة في الثانية. ومن ثمَّ، إذا عرفنا التردد الدقيق لموجة ما، وتمكّنا من حساب عدد الدورات، سيمكننا حساب طول الثانية بالضبط.
الخطوة الأولى هي توليد موجة ذات تردد معروف بدقة- وهنا يأتي دور الذرات. تستجيب الإلكترونات الموجودة داخل الذرة تفضيلياً لترددات معينة، مما يجعلها تقفز من مستوى طاقة إلى آخر. ولإعطاء مثال محدد، فإن التردد البالغ 9,192,631,770 هيرتز يؤدي إلى تحول مهم في الطاقة في ذرات السيزيوم. لذلك، إذا أطلقنا موجة راديوية على مجموعة من ذرات السيزيوم وضبطنا ترددها بحيث تخضع جميعها لهذا التحول، فإننا نعلم أننا حصلنا على نقطة التردد. أضف عداداً إلكترونياً لحساب عدد دورات الموجة، ثم احسب ثانية في كل مرة يصل فيها هذا العدد إلى الرقم السحري 9,192,631,770، وحينها نحصل على ساعتنا الذرِّية.
ركزت الساعات الذرِّية الأولى على السيزيوم Caesium لأسباب عملية بحتة، لأن هذا التردد البالغ 9,192,631,770 هيرتز – أو ما يزيد قليلا على 9 غيغاهيرتز – كان يمثل الحد الأعلى لما كان ممكنا من الناحية التقنية حينئذ. ولكن يمكن حالياً بلوغ ترددات أعلى بكثير، وقد ظهر جيل جديد تماماً من الساعات الذرِّية التي تستخدم عناصر مثل السترونشيوم Strontium والإيتربيوم Ytterbium.
حفظ الوقت بدقة فائقة
ساعة الروبيديوم Rubidium Clock
دقة الخطأ حتى: ثانية واحدة كل 300 سنة
تعتمد أصغر وأرخص الساعات الذرِّية على عنصر الروبيديوم Rubidium. وتُستخدم على نطاق واسع في أبراج الهاتف المحمول وأجهزة الإرسال التلفزيوني.
ميزر الهيدروجين Hydrogen Maser
دقة الخطأ حتى: ثانية واحدة في 300,000 سنة
ميزرات الهيدروجين هي ساعات ذرِّية متخصصة تستخدم في تطبيقات معينة، مثل أقمار غاليليو الاصطناعية Galileo Satellites التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
ساعة السيزيوم Caesium Clock
دقة الخطأ حتى: ثانية واحدة كل 100 مليون سنة
عندما يحتاج العلماء إلى ضبط الوقت بدقة عالية، فإنهم يستخدمون ذرات السيزيوم. لقد تحسنت دقة ساعات السيزيوم بشكل مطرد منذ اختراعها.
ساعة الشبكة البصرية Optical Lattice Clock
دقة الخطأ حتى: ثانية واحدة كل 15 بليون سنة
تعمل هذه الساعة بالليزر وباستخدام ذرات السترونشيوم على شبكة بصرية ثلاثية الأبعاد، وهي أدق تقنية لضبط الوقت تستخدم حالياً.