الخدع المثيرة للمغامرين
سنلقي نظرة فاحصة على بعض أشد الأعمال البهلوانية خطورة، والتي تتحدى الموت، ويبدو أنها تتعارض مع قوانين الفيزياء
بقلم: تشارلي إيفانز
من الصعب أن تشاهد الحركات البهلوانية المثيرة للسيارات في أفلام مثل «فاست آند فيوريوريس»، و«المهمة المستحيلة» دون أن تتخيل نفسك خلف عجلة القيادة وأنت منطلق في الشوارع وتؤدي تلك القفزات. ولكن الخدع المثيرة أكثر من مجرد سحر تُنشئه رسوم الحاسوب؛ فهي مهنة المغامرين المحترفين الذين يخاطرون بحياتهم لأداء هذه الحركات البهلوانية العالية السرعة. وبالنسبة إلى سائقي السيارات المغامرين، لا يكفي مجرد استخدام سياراتهم للتوجه إلى الشاطئ أو التجول في المدينة- فهم يبحثون عن الإثارة والمخاطرة. فقد ظهر أداء الحركات المثيرة بالسيارات لأول مرة في القرن التاسع عشر، عندما اشتهر أحد سعاة التلغراف في ولاية كونيتيكت بسبب الحيل التي كان يقوم بها على دراجته القديمة. كما نُسب إليه الفضل لاحقاً كأول من أدّى حركات بهلوانية على العجلة الخلفية لدراجة حديثة. وبعد ذلك، جاء اختراع الدراجات النارية والسيارات، والتي سرعان ما شهدت استخدام المغامرين الباحثين عن الإثارة لسياراتهم بطرق متزايدة الجرأة. وبدأت الكرنفالات تستضيف بانتظام مجموعات من السائقين المغامرين، أو «البهلوانيين»، فاكتسبت الرياضة مزيداً من الاهتمام، وبحلول عام 1915 ابتُكر «جدار الموت». وكما يوحي اسمه فقد عُرفت الخدعة الجديدة بخطورتها بمساراتها شبه العمودية، تتمثل فكرة الحركة البهلوانية بأن يبدأ السائقون عند الجزء السفلي من الأسطوانة، ومع تسارع حركتهم، يمكنهم القيادة أفقياً حول الجزء الداخلي من المسار (وهو أمر نتوقع أنه مرعب بالقدر نفسه الذي يبدو عليه). وبدأ استخدام الحركات المثيرة بالسيارات في السينما بعد ذلك بفترة وجيزة، حيث استهل فيلم «ثاندر رود» الذي عُرض في عام 1958 عصر مطاردات السيارات المعتمدة على الحركات المثيرة، والذي مهّد الطريق أمام الأعمال المثيرة الشهيرة اللاحقة على شاشاتنا، مثل الانقلاب المثير للشاحنة من إخراج كريس كوربولد في فيلم «دارك نايت» أو الحركات المثيرة باستخدام العديد من السيارات فوق الجسر في فيلم «ديدبول».
فهذه الحركات المثيرة ليست من الأعمال التي ينفذها الناس على عجل ومن دون أي تخطيط. وكل حركة بهلوانية تراها يتم التدرّب عليها وتُحسب مدتها بكل دقة، سواء في الأفلام أم في العروض البهلوانية الحية. وغالباً ما ستقوم الفرق المنسقة بالتدريب باستخدام دُمى خاصة للاعتياد على الحيلة قبل أن يجربها السائق المغامر في الواقع. كما يستخدمون الحواسيب للتنبؤ بالمسار وحساب السرعات ومواقع الهبوط. وكانت أول حركة بهلوانية بالسيارات في تاريخ السينما تستخدم التكنولوجيا للمساعدة على التخطيط هي الدوران الحلزوني لجيمس بوند James Bond بمقدار 360 درجة في منتصف الهواء باستخدام سيارة هورنت إكس، وذلك في فيلم «الرجل ذي البندقية الذهبية» الذي عُرض في عام 1974.
تخضع السيارات التي تنفذ الأعمال البهلوانية المثيرة في الأفلام لكثير من التعديلات خلف الكواليس، والتي تُحجب بعناية عن الكاميرا. عادة ما يقوّى هيكلها بشدة لحماية السائق؛ فيستبدل معظم هيكل السيارة بالفولاذ الثقيل الذي يمكنه تحمل حتى عشرة حوادث اصطدام. ويتم أيضاً تركيب أقفاص مانعة للانقلاب (والتي تكون خارج إطار اللقطة مباشرة) لحماية كل من السائق والمركبة، ومن ثمَّ منع الجانبين والسقف من التجعّد. وتشمل التعديلات الفريدة الأخرى على عربات الحركات البهلوانية تلك التي أدخلت على الدراجة النارية للبهلوان الأسترالي روبي ماديسون، فأحيطت بجنيحات صغيرة لزيادة مساحة سطح الدراجة قليلا. ويعني هذا أنه إذا لم يتوقف أو يبطئ سرعته، فبوسعه قيادة دراجته على الماء. وشملت حركاته البهلوانية الانطلاق عبر سطح المحيط قبالة تاهيتي وركوب الأمواج العملاقة على متن دراجته النارية. وفي حين بدأ تنفيذ الأعمال البهلوانية على السيارات كصناعة تتعلق بالأفلام والكرنفالات، ينشط أولئك البهلوانيون الشجعان على اليوتيوب ووسائط التواصل الاجتماعي، ويحققون شهرة عن طريق دفع عقولهم وأجسادهم إلى أقصى حدودها على متن عرباتهم المختارة. أنتج نجم اليوتيوب، ديفين غراهام، بعض مقاطع الفيديو التي تحبس الأنفاس، بما في ذلك المشي على جناح طائرة واستخدام لوح التزلج على الجوانب الشديدة الانحدار للوديان العميقة. ويمكنك أيضا أن تجد هناك بعض الحركات المذهلة لسائقة الدراجات النارية سارة ليزيتو والبهلوانة الجسورة جيسي غراف. ومثلها مثل مقاطع الفيديو الاحترافية، فهذه العروض لا تخلو من المخاطر. فهناك كثير من المبادئ العلمية وراء الحركات المتقنة والقفز عبر الوديان والانعطاف السريع للسيارات، والتي يؤديها السائقون المغامرون، والتي يدور معظمها حول تعلّم كيفية الحفاظ على مركز منخفض للجاذبية، وحساب مسار وحركة المقذوف، وتصميم وبناء مركبات معدّلة. ويتطلب أداء الحركات البهلوانية أعصاباً فولاذية وتزامناً تامّاً بين السائق والمركبة، في حين تزأر المحركات وتهتف الحشود. ولكن مستوى التدريب على الحركة المثيرة هو ما يحدد نجاحها. مستوى المهارة والتحكم في العربة، والفهم العميق للفيزياء، وآلاف الساعات المخصصة لتدريب الجسم هي السبب في تمكّن المغامرين الذين يبدو أنهم لا يعرفون الخوف من تنفيذ أعمالهم المثيرة بنجاح، ولهذا السبب ننصحك بعدم تجربة أيٍّ من تلك الحركات بمفردك.