الحاجز الدموي الدماغي
يحافظ هذا الجدار البيولوجي على سلامة دماغك وأمانه
يمكن القول إن الدماغ هو أهم أعضاء الجسم البشري، فهو من الأهمية بحيث لا يتأثر بالمواد الكيميائية المتقلبة أو العدوى الشرسة. وللحفاظ على خلاياك العصبية آمنة، يقوم جسمك ببناء جدار بيولوجي يسمى الحاجز الدموي الدماغي.
الأوعية الدموية هي الطريق السريع للجسم البشري، فهي تحمل المواد الغذائية والأكسجين إلى الأنسجة، وتزيل الفضلات، لكنها للأسف قد تقوم أيضا بنقل المواد الكيميائية والعدوى الضارة. وفي معظم أجزاء الجسم، يمكن للمواد الكيميائية العبور بحرية من خلال جدران الأوعية الدموية، فتتسرب بين الخلايا خروجا إلى الأنسجة، لكن لحسن الحظ لا يحدث هذا في الدماغ. ولمنع الملوثات غير المرغوب فيها من الدخول، تكون الخلايا المبطنة للأوعية الدموية محبوكة معا بشكل وثيق بواسطة بنى تسمى “الوصلات المحكمة” Tight junctions. وتقوم خيوط شبيهة بالشبكة بشبك غشاء خلية ما بغشاء التي تليها، مما يشكّل سدادة تمنع أي تسرب عبر الشقوق.
وتلتف حول هذه الخلايا خلايا تعرف بالخلايا الحوطية Pericytes، والتي تمتلك القدرة على الانقباض مثل العضلات، فتتحكم في كمية الدم الذي يمر عبر الأوعية الدموية. وخارج الخلايا الحوطية، يوجد نوع ثالث من الخلايا، هي الخلايا النجمية Astrocytes، تبرز منها أقدام طويلة تُنتج مواد كيميائية تساعد على صيانة الحاجز.
وتحتاج بعض الجزيئات الكبيرة، مثل الهرمونات، إلى الدخول والخروج من الدماغ، وهناك مناطق يكون فيها الحاجز ضعيفا فيسمح لهذه المركبات بالمرور. ومن بين هذه المناطق، تكتسب واحدة يطلق عليها اسم “الباحة المنخفضة” Area postrema، أهمية خاصة لاستشعار السموم. وهي تعرف أيضا بـ“مركز القيء”، ويمكنك تخمين ما يحدث عندما يتم تفعيلها!
عبور الحاجز
إذا تمكن أي شيء من اختراق الحاجز الدموي الدماغي، فستموت الخلايا الدماغية بسرعة. وفي الواقع أن الماء وبعض الغازات تمر عبره بسهولة، كما يمكن للخلايا أن تحمل الجزيئات المهمة، مثل السكريات، ومن ثم تمررها عبر الحاجز. ويمكن أيضا للجزيئات التي تذوب في الدهون أن تنزلق عبر الحاجز، مما يسمح لمواد كيميائية مثل النيكوتين والكحول بالمرور بسهولة إلى الدماغ. ولكن، فهناك مشكلة: تتسم معظم الأدوية بكونها أضخم أو أعلى شحنة من أن تتمكن من المرور، وإذا كان المريض مصابا بحالة عصبية مثل الاكتئاب أو الخرف، فإن معالجة الدماغ بشكل مباشر تمثل تحديا حقيقيا. يعمل الباحثون على إيجاد طرق لاختراق الحاجز، بما في ذلك حقن العلاجات مباشرة في السائل المحيط بالدماغ، مما يعطل الحاجز عن طريق جعل الأوعية الدموية مسرّبة، وحتى تصميم جزيئات تشبه “حصان طروادة” لتهريب العلاجات إلى داخل الدماغ.