قد يبدو علم الفلك الحديث عالما مختلفا عما كان عليه قبل بضعة عقود فقط. وعلى الرغم من أن الهدف النهائي واحد، فإن طرق رصد الأجرام السماوية تغيرت بصورة جذرية إلى حد ما. وقد استُبدل العديد من الأدوات والمعدات التي كان الفلكي يحتاجها للتنقل عبر سماء الليل بالمعدات المحوسبة التي تحدد مواقع الأجرام على الفور.
ليس هذا بالضرورة أمرا سيئا، إذ يمثل تبسيط علم الفلك وفتحه أمام جمهور أوسع وسيلة رائعة لإشراك المزيد من الناس في تلك الهواية الرائعة. ومع ذلك، يفضل البعض أيام الصفاء المفعمة ببيانات الميل والإحداثيات، لذلك دعونا نلقِ نظرة على الكيفية التي يمكنك من خلالها التنقل عبر سماء الليل من دون الاستعانة بالبرامج الحاسوبية الحديثة والمعقدة. يدور علم الفلك حول منظومة الإحداثيات السماوية التي اخترعت منذ آلاف السنين عندما كان فهمنا للكون أقل بكثير مما هو عليه الآن.
توجد الأرض في المركز الدوّار للكرة السماوية، حيث يحتل كل من النجوم والكواكب مواقع على تلك الكرة في أوقات معينة، فيما يشبه خطوط الطول وخطوط العرض الأرضية. تبدو هذه الكرة وكأنها تدور يوميا (في حين أن الأرض هي التي تدور في الواقع)، ومن ثمَّ تغيّر الأجرام مواضعها. واعتمادا على موقعك على الأرض، ستكون واقفا على خيط ميل مختلف يشبه نوعا من خطوط العرض. وعند خط استواء الأرض، يبلغ الميل º0، في حين يبلغ الميل في القطب الشمالي º90+ (والعكس صحيح بالنسبة للقطب الجنوبي). يقسّم الميل إلى دقائق قوسية (تتألف الدرجة الواحدة من 60 منها، ويشار إليها بالرمز 60′) وثوان قوسية (60 في الدقيقة القوسية الواحدة، وتكتب هكذا 60″). ويوجد النجم القطبي، مثلا، عند ميل قدره
“19 ‘8 º89+. وبالمثل، يستخدم الصعود المستقيم لقياس خط الطول الفعال لنجم معين. ويقاس الصعود المستقيم بالساعات من 0 إلى 24، إذ تتوافق الساعة الواحدة مع º15 من الدائرة التي هي سماء الليل الكروية. وهي تنقسم إلى وحدات زمنية، بدلا من الأقواس أو الدرجات، وتكتب بالساعات والدقائق والثواني. لذلك، مثلا، قد ترى جرما يعرّف على أن له صعودا مستقيما يبلغ 18س36 د 56.3 ث. ويظل الصعود المستقيم والميل ثابتين بالنسبة إلى أي مراقب في أي مكان على الأرض، إذ إنهما يهتديان بالقطبين السماويين الشمالي والجنوبي للأرض. وباستخدام كليهما، ستتمكن من العثور على موقع أي جرم سماوي تقريبا في سماء الليل.