البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض
إذا كان الفضائيون يستخدمون الليزر، فقد تتمكن هذه الأداة الجديدة المتقدمة من العثور عليهم متلبسين
بقلم: أندرو ماي
ظل علماء الفلك يبحثون عن أدلة على وجود حضارات فضائية منذ أكثر من 60 سنة. يُعرف ذلك عموماً بالبحث عن كائنات ذكية خارج الأرض (SETI)، وقد انطوى كثير من الأبحاث التي أجريت حتى الآن على بعض الافتراضات المقيّدة إلى حد ما. على وجه الخصوص، نزع ذلك البحث إلى التركيز على اكتشاف إشارات الراديو، على افتراض أن الفضائيين يطلقونها بقوة عالية إما كمحاولة متعمدة للإعلان عن وجودهم، أو لأسباب أخرى خاصة بهم. الافتراض الثاني وراء البحث التقليدي عن كائنات ذكية خارج الأرض هو أن الإشارات من خارج الأرض تتسم بكونها مستمرة وطويلة الأمد، لذلك عندما نوجه تلسكوبنا في الاتجاه الصحيح، ستكون الإشارة هناك في انتظارنا لالتقاطها. لكن ماذا لو كانت مثل هذه الافتراضات غير صحيحة؟ هنا يأتي دور تقنية جديدة تسمى البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض بالليزر Laser SETI.
البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض
بالليزر في منتصف 2019
بغض النظر عن استخدام الأدوات البصرية بدلاً من التلسكوبات الراديوية، يختلف البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض بالليزر عن البحث التقليدي عن كائنات ذكية خارج الأرض من جوانب أخرى أيضاً. سواء استخدمت أشعة الليزر الفضائية للاتصالات أو لتزويد سفن الفضاء بالطاقة، فمن المرجح أن تعمل على شكل نبضات قصيرة وليس بشكل مستمر. إضافة إلى ذلك، فإن حقيقة كونها محصورة في مدى ضيق تعني أنه لن تسنح لنا فرصة لرؤيتها إلا إذا كانت مواجهة لنا تماماً. فلا يستطيع علماء الفلك مسح أجزاء صغيرة من السماء بين الحين والآخر كما يفعلون باستخدام البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض المعتمد على الراديو. ولأي فرصة للنجاح، عليهم أن يرصدوا السماء بكاملها طوال الوقت على أمل التقاط وميض قصير لشعاع ليزري يبثه مخلوق فضائي.
ولحسن الحظ، ليس هذا مستحيلا كما يبدو، لأن البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض بالليزر لديه العديد من المزايا العملية مقارنة بنظيره الراديوي. والأهم من ذلك أنه ممكن التحقيق باستخدام أدوات أصغر بكثير – مجرد كاميرات معدلة – بدلاً من الأطباق العملاقة التي تحتاج إليها التلسكوبات الراديوية. وهذا يجعل البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض بالليزر مشروعاً رخيصاً نسبياً، حيث تبلغ كامل تكلفة الكاميرا نحو 100,000 دولار، ولا تحتاج إلا لطاقم صغير لإعدادها وتشغيلها. ومن المزايا الأخرى لتركيز البحث على إشارات الليزر أنه لا توجد عمليات فلكية معروفة تنتج هذه الإشارات طبيعياً. ما لم تكن هناك ظواهر طبيعية غريبة لم نكتشفها بعد، فإن أي وميض من ضوء ليزري يُرى قادماً من الفضاء العميق يجب أن يكون مصدره حضارة فضائية.
هناك حالياً منشأتان للبحث عن كائنات ذكية خارج الأرض بالليزر، يديرهما معهد البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض SETI Institute، أحدهما في كاليفورنيا والآخر في هاواي. يمسح كلاهما السماء فوقهما على مدار 24 ساعة في اليوم، لكن هذه هي البداية فقط. لتغطية السماء بكاملها تغطية كاملة طوال الوقت، يلزم بناء العديد من المراصد في مواقع أخرى حول العالم.
البصمات التكنولوجية
ركزت الجهود المبكرة للبحث عن كائنات فضائية على البحث عن الرسائل، لكن العلماء أدركوا مؤخراً أن هذه مجرد طريقة واحدة قد تكشف بها حضارة تكنولوجية بعيدة عن وجودها. فهناك آثار أخرى محتملة قد يكتشفها الفلكيون، والتي لا يمكن تفسيرها إلا على أنها ذات أصل تكنولوجي، والمعروفة مجتمعة بـ”البصمات التكنولوجية“ Technosignatures. لكي تكون قوية ويمكن التعرف عليها بما يكفي حتى يمكننا اكتشافها، يُرجح أن تُبعث إلينا الرسالة من الكائنات الفضائية في محاولة مقصودة للتواصل. لكن هذا لا ينطبق على البصمات التكنولوجية الأخرى، والتي قد تكون نواتج ثانوية غير مقصودة لحضارة فضائية ما. فمثلاً، يمكن اكتشاف التلوث الصناعي في الغلاف الجوي لكوكب نجمي، وكذلك تأثير أضواء المدن. إذا كانت الحضارة أكثر تقدماً من حضارتنا، فقد نرى بصمات تكنولوجية تدل على أنظمة دفع السفن الفضائية أو الهياكل المشيّدة الهائلة المبنية حول النجوم.
مشروع بريك ثرو ستارشوت
قد تبدو فكرة وجود حضارة متطورة تستخدم أشعة ليزر فائقة القوة لدفع المركبات الفضائية بين النجوم كضرب من الخيال العلمي، لكنها تكاد تندرج ضمن حدود قدراتنا الحالية. في عام 2016، اقتُرح مشروع تجريبي عرف اسم ”بريك ثرو ستارشوت“ Breakthrough Starshot. وينطوي المشروع على دفع العشرات المركبات الفضائية التي يقاس حجمها بالسنتيمترات، ولكل منها شراع أكبر بكثير يشبه المرآة، توجِّه مسارها مصفوفة من أشعة الليزر العملاقة على سطح الأرض. يمكن لهذه المصفوفة أن تسرّع المسابير إلى 20% من سرعة الضوء في غضون دقائق معدودة، مما يمكنها من الوصول إلى نجم قريب منا خلال سنوات قليلة.