ارتفاع مستويات الاندماج النووي
حقق مرفق الإشعال الوطني National Ignition Facility(اختصاراً: المرفق NIF) التابع لمختبر لورانس ليفرمور الوطني Lawrence Livermore National Laboratory (اختصاراً: المختبر LLNL) أحد أكبر التطورات في الاندماج النووي. في ديسمبر 2022، أجرى علماء مرفق NIF تجربة أظهرت لأول مرة الاندماج النووي كمصدر عملي للطاقة. استخدم الاندماج النووي المنفّذ على الأرض العمليات نفسها التي تجعل الشمس تُشع هذا الكم الهائل من الطاقة، ولكن على نطاق أصغر بكثير.
كتلة الشمس في لبها كبيرة جداً لدرجة أن الجاذبية تُجبر ذرتين من الهيدروجين على الاندماج لإنشاء ذرة من الهيليوم. نتيجة لذلك، تُطلق الطاقة. حاكت التجربة عملية الاندماج النووي تلك باستخدام 192 حزمة من أشعة الليزر العملاقة وجّهت جميعها إلى كبسولة من الهيدروجين بحجم قطعة من الفشار. ضغطت أشعة الليزر الهيدروجين إلى حجم يزيد على 100بليون ضعف حجم الغلاف الجوي للأرض وسخّنته إلى 100 مليونºس. في ظل هذه الظروف، تُجبر ذرات الهيدروجين على الاندماج، مما ينتج منه انبعاث الطاقة.
بتر للساق أجريت منذ 31,000 سنة.
لا تتمثل أكبر مشكلات الاندماج النووي بالقدرة على تنفيذه، بل في توليد طاقة أكثر مما يلزم لإحداث الاندماج. لم تولّد تجارب الاندماج السابقة طاقة أكثر مما يلزم لإطلاق أشعة الليزر… حتى الآن. في تجربة أجريت في عام ،2022 تمكن العلماء من توليد طاقة إضافية تكفي لتشغيل غلاية. وربما لا يبدو هذا كثيراً، لكنها كانت المرة الأولى التي تنتج فيها تجربة للاندماج النووي طاقة صافية موجبة. على الرغم من أن هذه التقنية أبعد ما تكون عن كونها مصدراً صديقاً للبيئة ووفيراً للطاقة، يُمثل هذا الفتح العلمي خطوة واعدة في تطوير الطاقة النووية بكميات تجارية.
اكتشاف ماموث محفوظ
في علم الأحافير، تتمثل أهم الفتوحات الكبرى في اكتشاف حيوانات ما قبل التاريخ المحفوظة جيداً، مثل الماموث الصوفي Woolly mammoth. في 21 يونيو 2022، عثر عمال أحد مناجم الذهب في منطقة كلوندايك Klondike بمقاطعة يوكون الكندية على رفات محنطة لماموث صغير يعود إلى العصر الجليدي. يُعتقد أن العينة الصغيرة، المسماة نون تشو غا Nun Cho Ga، تعود إلى ماموث عمره نحو شهر وظلت مغلفة في التربة الصقيعية دائمة التجمد Permafrost منذ نحو 30,000 سنة. كان الماموث الصغير يرعى على الأرجح في الأراضي العشبية عندما علق في الوحل ونفق بسرعة. تحدث التربة الصقيعية عندما تتجمد جزيئات الماء في التربة والوحل وتظل مجمدة لأكثر من سنتين. وتحافظ عملية الحفظ هذه على الأنسجة الرخوة مثل العضلات والجلد وحتى الحمض النووي DNA سليمة حتى اكتشافها. فلا يزال مستقبل نون تشو غا غير مؤكد، لكن علماء الأحافير سيتعلمون من هذا الاكتشاف لسنوات عديدة قادمة. قال الدكتور غرانت زازولا Grant Zazula، عالم الأحافير في يوكون: ”بصفتي عالماً بأحافير العصر الجليدي، كان من أحلامي طوال حياتي أن ألتقي وجهاً لوجه بماموث صوفي حقيقي. لقد تحقق هذا الحلم. نون تشو غا جميل، وهو واحد من أروع حيوانات العصر الجليدي المحنطة التي اكتشفت في العالم“.
محطم الكويكبات
في 26 سبتمبر 2022، اصطدمت مركبة وكالة ناسا الفضائية ”دارت“، وهي اختصار ”اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج“ Double Asteroid Redirection Test (اختصاراً: دارت DART) بهدفها المتمثل في الكويكب ديمورفوس .Dimorphos عند إطلاقها، كانت المركبة الفضائية ”دارت“ تزن 610 كغم، وتحمل نحو 40 غم من وقود الهيدروجين لدفعها في الفضاء. تحصل المركبة على الطاقة من لوحين شمسيين كبيرين جداً، يبلغ قطر كل منهما 8.5م. بصفتها ما يعرفه العلماء بالمُصادم الحركي Kinetic impactor، وجّهت المركبة ”دارت“ باستخدام نظام ملاحي مستقل باتجاه الكويكب ديمورفوس واصطدمت به بسرعة 14,000 ميل/ساعة تقريباً.
لم تهدف المركبة ”دارت“ إلى تحطيم ديمورفوس تماماً، بل إزاحة أطنان من الصخور من سطحه وإخراجها من مدارها حول كويكبه الأم، المسمى ديديموس Didymos. بعد الارتطام، غيّر الاصطدام الكويكب ديمورفوس وقلّص مداره البالغ 11 ساعة و55 دقيقة بمقدار 32 دقيقة. أطلقت ”دارت“ كمركبة فضائية لإثبات المفهوم المتمثل بإمكانية تطوير نظام مضاد للكويكبات للدفاع عن الأرض في المستقبل.
أول مجرة
تبعد المجرة HD1 نحو 13.5 بليون سنة ضوئية، وهي أبعد مجرة اكتُشفت على الإطلاق. في شهر أبريل 2022، بعد 1,200 ساعة من رصد المجرة باستخدام التلسكوبات، بما في ذلك تلسكوب سبيتزر Spitzer، وتلسكوب المسح المرئي والأشعة تحت الحمراء لعلم الفلك Visible and Infrared Survey Telescope for Astronomy (اختصاراً: فيستا VISTA) وتلسكوب سوبارو Subaru Telescope، اكتشف الباحثون أن مصدراً ساطعاً للأشعة فوق البنفسجية كان في الواقع واحدة من أوائل المجرات التي تشكلت بعد الانفجار الكبير. قد تكون المجرة موطناً للنجوم الأولى في الكون، المعروفة بنجوم الجمهرة الثالثة Population III stars، والتي لم تُرصد بعد. ولكن النظريات البديلة تقول باحتمال وجود ثقب أسود فائق الكتلة تبلغ كتلته نحو 100 مليون ضعف كتلة شمسنا في مركزها. ولمعرفة ما يوجد بداخل المجرة المكتشفة حديثاً، سيوجّه تلسكوب جيمس ويب الفضائي باتجاه المجرة HD1 في البعثات المستقبلية.
5 فتوحات في العلاج الطبي
1 مرض ألزهايمر
يستهدف عقار جديد يسمى ليكانيماب Lecanemab اللويحات التي تتراكم في دماغ المصابين بمرض ألزهايمر Alzheimer’s (تنطق آلزايمر)، تسمى النشواني Amyloid، لإبطاء معدل التدهور العقلي.
2 الذكاء الاصطناعي والإنتان
باستخدام الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) AI، أنشأ الباحثون خوارزمية لاكتشاف العديد من عوامل الخطر للإصابة بالإنتان Sepsis، وهو السبب الرئيسي لدخول المستشفيات والوفاة في معظم أنحاء العالم. تمكن الذكاء الاصطناعي من اكتشاف الإنتان قبل 6 ساعات تقريباً من الطرق التقليدية.
3 مكافحة الملاريا
ساعدت اللقاحات التي تستخدم الحمض النووي الريبي المرسال mRNA للتصدي لفيروس كوفيد-19 COVID-19 فرق البحث على تطوير لقاحات تجريبية قد تكون فعالة في كبح جماح عدوى الملاريا Malaria وتقليل قدرتها على الانتشار والعدوى.
4 دواء جديد للتصلب الجانبي الضموري
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على استخدام دواء جديد يسمى ريليفريو Relyvrio لعلاج مرض عصبي يسمى التصلب الجانبي الضموري Amyotrophic lateral sclerosis (اختصاراً: التصلب ASL). أظهرت نتائج دراسة أولية أن ريليفريو قد يبطئ معدل التدهور لدى مرضى التصلب الجانبي الضموري.
5 مكافحة السرطان
صارت فتاة تبلغ من العمر 13 سنة، والمصابة بسرطان الدم Leukaemia، أول مريضة تتلقى علاجاً بالخلايا المناعية المعدلة وراثياً، والتي أدت إلى تعافيها.
زرع قلب خنزير في إنسان
في أول عملية جراحية من نوعها في العالم، زرع جراح القلب بارتلي غريفيث Bartley Griffith في جامعة ماريلاند، بالتيمور قلب خنزير في صدر إنسان. وكان المريض رجلاً يبلغ من العمر 57 عاماً يُدعى ديفيد بينيت David Bennett، والذي نُقل إلى المستشفى بسبب قصور في القلب. كان بينيت واحداً من آلاف الأشخاص الذين ينتظرون الجراحة المنقذة للحياة، لكن العالم يواجه نقصاً في القلوب البشرية المتاحة للزرع. في محاولة أخيرة لمساعدة بينيت، أجرى الجراح عملية زرع للأعضاء بين نوعين مختلفين Xenotransplantation، والتي تأخذ قلب نوع حي وتزرعه في نوع آخر. بالنسبة إلى بينيت، كان ذلك يعني تلقي قلب خنزير معدّل وراثياً.
أكبر عيوب زرع الأعضاء بين جنسين مختلفين هو الرفض Rejection من قبل الجهاز المناعي للمتلقي. للتغلب على مشكلة الرفض، أنتجت شركة ريفيفيكور Revivicor، وهي خليفة الشركة التي أنتجت أول حيوان مستنسخ، النعجة دوللي Dolly the sheep، خنازير معدلة وراثياً بأنسجة قد تقلل من خطر رفض الأعضاء. إلى جانب استخدام دواء تجريبي لمنع الرفض، حققت الجراحة نجاحاً أولياً، فلم يُرفض القلب على الفور.
لسوء الحظ، بعد 60 يوماً من العيش بقلب الخنزير، توفي بينيت. على الرغم من أن الجراحة لم تنقذ حياة المريض، إلا أنها تظل إنجازاً مهماً لعمليات زراعة الأعضاء، لأن القلب لم يُرفض في البداية. قد يوفر مزيد من البحث في زرع الأعضاء بين جنسين مختلفين بديلاً عن البحث عن الأعضاء المزروعة.
نظرة جديدة على الكون
صمّم تلسكوب جيمس ويب الفضائي في عام ،1989 وأُطلق بعد أكثر من 30 سنة، في عام 2021. لكن تلسكوب ويب بدأ في عام 2022 بإرسال أدق صور شوهدت على الإطلاق لمعظم أنحاء الكون. كتلسكوب فضائي، زوّد تلسكوب جيمس ويب بالعديد من الأدوات التي تمكنه من تسجيل والتقاط الأطوال الموجية المختلفة عبر الطيف الكهرومغناطيسي، ومن ثم اكتشاف المجرات والسدم والنجوم بتفاصيل غير مسبوقة. التقط تلسكوب جيمس ويب أول صور للمجال العميق في يوليو 2022، والتي أظهرت منطقة تشكّل النجوم في سديم القاعدة Carina Nebula المعروف بـNGC 3324.
منذئذ، التقط تلسكوب جيمس ويب مجموعة كبيرة من الصور لجميع أرجاء الكون، في محاولة لكشف أسرار الفضاء. ويتمثل أحد أكثر مشروعات تلسكوب جيمس ويب طموحاً برصد أوائل المجرات التي تشكلت بعد الانفجار الكبير Big bang. رصد تلسكوب جيمس ويب حتى الآن المجرات التي تشكلت بعد بضع مئات من السنين فقط من نشوء الكون. إلى جانب استكشاف الفضاء العميق، ألقى تلسكوب جيمس ويب نظرة فاحصة على الأجرام السماوية القريبة من الأرض. من التقاط أوضح صورة لحلقات نبتون ورؤية واضحة للبقعة الحمراء العظيمة Great Red Spot لكوكب المشتري إلى اكتشاف مركبات الغلاف الجوي للكواكب الخارجية التي تبعد عنا بمئات السنين الضوئية، فتح تلسكوب جيمس ويب أعين الفلكيين على العديد من جوانب الكون المختلفة.
تلسكوب هابل مقابل تلسكوب جيمس ويب
الموقع نفسه في الفضاء لكن تلسكوب مختلف
خلايا دماغية مزروعة في المختبر تلعب بونغ
أظهر باحثون، لأول مرة، أن الخلايا الدماغية المزروعة في المختبر يمكنها أداء بعض المهام. فقد زُرعت الخلايا الدماغية، التي أطلق عليها الباحثون اسم ديش برين (دماغ طبق) DishBrain، من خلايا جذعية مأخوذة من أجنة الفئران واستُزرعت في طبق اختبار بتري حتى احتوت على 800,000 خلية. وبعد ذلك، وصّل الدماغ الصغير بلعبة حاسوبية تشبه لعبة بونغ Pong عبر أقطاب كهربائية. أطلقت هذه الأقطاب الكهربائية إشاراتها إما إلى يمين أو يسار الطبق للإشارة إلى الجانب الذي توجد فيه الكرة والمسافة التي تفصلها عن المضرب. تعلمت خلايا ديش برين بسرعة ممارسة اللعبة الإلكترونية بعد 5 دقائق فقط، كدليل عملي على ما يسميه الباحثون الذكاء البيولوجي التخليقي Synthetic biological intelligence (اختصاراً: الذكاءSBI ). قال الدكتور عديل راضي Adeel Razi، مدير مختبر العلوم العصبية والأنظمة الحاسوبية بجامعة موناش Monash University: ”هذه القدرة الجديدة على تعليم الخلايا المزروعة أداء مهمة تُظهر فيها حساً – من خلال التحكم في المضرب لإعادة الكرة عن طريق الاستشعار – تفتح إمكانيات اكتشاف جديدة ذات عواقب بعيدة المدى على التكنولوجيا والصحة والمجتمع“.