أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
كوكب الأرض

أحافير يبلغ عمرها 1.75 بليون سنة تقدم أدلة على البناء الضوئي

بقلم:جاكلين‭ ‬كوان

اكتُشف‭ ‬أول‭ ‬دليل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬البناء (التمثيل) الضوئي ‬Photosynthesis‭‬ في‭ ‬أحافير ‬Fossils‭‬ يعود‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬1‭.‬75‭ ‬بليون‭ ‬سنة‭ ‬خلت‭. ‬جمع‭ ‬العلماء‭ ‬أحافير‭ ‬من‭ ‬أستراليا‭ ‬وكندا‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ووجدوا‭ ‬أن‭ ‬العينات‭ ‬المجلوبة‭ ‬من‭ ‬أستراليا‭ ‬وكندا‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬البكتيريا‭ ‬الخضراء‭ ‬المزرقة (سيانوبكتيريا) ‭‬Cyanobacteria، ‬وهي‭ ‬أقدم‭ ‬أشكال‭ ‬الحياة‭ ‬المعروفة‭ ‬على‭ ‬الأرض. ‬يعتقد‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬البكتيريا‭ ‬الخضراء‭ ‬المزرقة‭ ‬ظهرت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬منذ‭ ‬2‭ ‬إلى‭ ‬3‭ ‬بلايين‭ ‬سنة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬لتكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الأكسجين،‭ ‬أو‭ ‬البناء‭ ‬الضوئي‭ ‬الأكسجيني ‬Oxygenic‭ ‬Photosynthesis‭‬. وفي‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة،‭ ‬اكتشف‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬أحافير‭ ‬البكتيريا‭ ‬الخضراء‭ ‬المزرقة‭ ‬هذه‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬بني‭ ‬منفذة‭ ‬للبناء‭ ‬الضوئي،‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬أغشية‭ ‬الثايلاكويد Thylakoid‭ ‬Membranes‬، والتي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬أصباغ‭ ‬مثل‭ ‬الكلوروفيل Chlorophyll‭‬ الذي‭ ‬يحوّل‭ ‬الضوء‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬كيميائية‭ ‬بالبناء‭ ‬الضوئي. ‬حُفظت‭ ‬البكتيريا‭ ‬الخضراء‭ ‬المزرقة‭ ‬في‭ ‬طين‭ ‬غريني‭ ‬انضغط‭ ‬بمرور‭ ‬الزمن‭ ‬متحولاً‭ ‬إلى‭ ‬صخور‭. ‬استخدم‭ ‬الباحثون‭ ‬تقنية‭ ‬تسمى‭ ‬المجهر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬النافذ Transmission‭ ‬Electron‭ ‬Microscopy‭‬ (اختصاراً: ‬المجهر Tem) ‭‬لفحص‭ ‬الأغشية‭ ‬والتفاصيل‭ ‬الصغيرة‭ ‬الأخرى‭ ‬المحفوظة‭ ‬في‭ ‬الأحافير‭.‬

بدلاً‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬الضوء‭ ‬لتصوير‭ ‬الأجسام،‭ ‬يستخدم‭ ‬المجهر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬النافذ‭ ‬الإلكترونات،‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬طول‭ ‬موجي ‬Wavelength‭‬ أصغر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الضوء،‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬لنا‭ ‬برؤية‭ ‬تفاصيل‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الذري. ‬ولتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬يقصف‭ ‬العلماء‭ ‬العينة‭ ‬بشعاع‭ ‬إلكتروني. ‬تمر‭ ‬بعض‭ ‬الإلكترونات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يُمتص‭ ‬بعضها‭ ‬الآخر‭ ‬أو‭ ‬يتناثر‭ ‬على‭ ‬الأجزاء‭ ‬الأشد‭ ‬كثافة‭ ‬من‭ ‬الجسم‭. ‬قال‭ ‬إيمانويل‭ ‬جافو Emmanuelle‭ ‬Javaux‬، عالم‭ ‬بيولوجيا‭ ‬الأحافير‭ ‬بجامعة‭ ‬ليغ‭ ‬في‭ ‬بلجيكا: ‬”يخبرنا‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأغشية‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الخلايا‭ ‬هي‭ ‬بالفعل‭ ‬بكتيريا‭ ‬خضراء‭ ‬مزرقة‭ ‬تنفذ‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬الضوئي‭ ‬الأكسجيني. ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬السجل‭ ‬الأحفوري‭ ‬لهذه‭ ‬الأغشية‭ ‬إلى‭ ‬الوراء بـ‭ ‬1‭.‬2‭ ‬بليون‭ ‬سنة“. ‬يعد‭ ‬تحديد‭ ‬الوقت‭ ‬الدقيق‭ ‬الذي‭ ‬طورت‭ ‬فيه‭ ‬البكتيريا‭ ‬الخضراء‭ ‬المزرقة‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الأكسجين‭ ‬من‭ ‬المعالم‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الطبيعي‭ ‬للأرض‭.‬

ارتفع‭ ‬تركيز‭ ‬الأكسجين‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬للأرض‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬45‭ ‬بليون‭ ‬سنة،‭ ‬فيما‭ ‬يعرف‭ ‬بحدث‭ ‬الأكسدة‭ ‬الكبير ‬Great‭ ‬Oxidation‭ ‬Event‭‬. أدى‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الأكسجين‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬ففتح‭ ‬إمكانية‭ ‬التنفس‭ ‬الهوائي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الحياة‭ ‬وزاد‭ ‬من‭ ‬معدل‭ ‬تجوية‭ ‬المعادن‭ ‬ووفر‭ ‬المغذيات ‬Nutrients‭‬ للبيئات‭ ‬المختلفة. ‬ولكن‭ ‬العلماء‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬حدث‭ ‬الأكسدة‭ ‬الكبير‭ ‬قد‭ ‬نتج‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬البناء‭ ‬الضوئي‭ ‬الأكسجيني‭ ‬أو‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أحداث‭ ‬إيكولوجية‭ ‬أو‭ ‬جيولوجية‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬وقعت‭ ‬أولاً. ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الدوافع‭ ‬البيولوجية‭ ‬والفيزيائية‭ ‬الدقيقة‭ ‬لحدث‭ ‬الأكسدة‭ ‬الكبير‭ ‬موضع‭ ‬نقاش‭ ‬عميق‭ ‬بين‭ ‬العلماء. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬البناء‭ ‬الضوئي‭ ‬للبكتيريا‭ ‬الخضراء‭ ‬المزرقة‭ ‬مقبول‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬باعتباره‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬لزيادة‭ ‬تركيزات‭ ‬الأكسجين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العوامل‭ ‬الدافعة‭ ‬مثل‭ ‬الانفجارات‭ ‬البركانية‭ ‬أو‭ ‬انخفاض‭ ‬مستوى‭ ‬الحديد‭ ‬في‭ ‬المحيطات‭ ‬ربما‭ ‬أدت‭ ‬أيضاً‭ ‬دوراً‭.‬

قال‭ ‬غريغ‭ ‬فورنييه Greg‭ ‬Fournier‬، عالم‭ ‬البيولوجيا‭ ‬الجيولوجية‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬ماساتشوستس‭ ‬للتكنولوجيا: ‬”لو‭ ‬كان‭ ‬البناء‭ ‬الضوئي‭ ‬الأكسجيني‭ ‬قد‭ ‬تطور‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬جداً،‭ ‬لكن‭ ‬مستويات‭ ‬الأكسجين‭ ‬تراكمت‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬بكثير،‭ ‬سيشير‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬عمليات‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬دفن‭ ‬الكربون‭ ‬العضوي Burial‭ ‬Of‭ ‬Organic‭ ‬Carbon‬“. واستخدام‭ ‬المجاهر‭ ‬الإلكترونية‭ ‬سيمهد‭ ‬الطريق‭ ‬لإعادة‭ ‬تحليل‭ ‬العينات‭ ‬الأحفورية‭ ‬القديمة‭ ‬الموجودة‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬التصوير‭ ‬نفسها‭ ‬لتحديد‭ ‬متى‭ ‬طورت‭ ‬البكتيريا‭ ‬الخضراء‭ ‬المزرقة‭ ‬أغشية‭ ‬الثايلاكويد‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى