أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فلك وعلم الكونيات

مراقبة النجوم المتغيرة

ليس من المعروف جيدا أن أكثر من نصف النجوم في سماء الليل متباينة السطوع...

من الغريب أن نفكر في أن كثيرا من النجوم تتباين في السطوع، لكن معظمها لا يتباين إلا بمقدار ضئيل. وفي كثير من الأحيان يكاد يصعب اكتشاف هذا التباين بالعين البشرية. وحتى شمسنا هي عبارة عن نجم متغير خلال دورتها التي تستغرق 11 عاما، فمع زيادة وانخفاض عدد البقع الشمسية، يقل ويزيد الضوء المنبعث منها. ومع ذلك، فهناك بعض النجوم التي تُظهر تباينا كبيرا في السطوع، فتتحول من نجم متوسط السطوع في سمائنا إلى حجم لا يمكن اكتشافه إلا بواسطة التلسكوبات المتوسطة والكبيرة في أوقات أخرى. فما سبب هذا السلوك الغريب؟ هناك عدة أسباب لذلك، وهناك أيضا عدة أنواع من النجوم المتغيرة. ولذلك يمكننا تصنيف العديد من النجوم المتغيرة إلى مجموعات. يتباين بعض هذه النجوم في مدى سرعة تغيّر سطوعها، فبعضها قد يتغير في غضون أيام، في حين أن البعض الآخر قد يستغرق سنوات، أو عقودا أو حتى قرونا لاستكمال دورة واحدة.

يعرف أحد أنواع النجوم المتغيرة بـ”الثنائي الكسوفي” Eclipsing Binary، فيوجد نجمان يدور أحدهما حول الآخر، ومن منظورنا هنا في المجموعة الشمسية يصطفان بحيث يبدو أحد النجمين وكأنه يمر أمام الآخر. وكثيرا ما يكون هناك نجم أكبر وأكثر سطوعا يدور حول النجم الخافت الأصغر، وعندما يمر الأصغر أمام الأكبر، يبدو أن كمية الضوء التي تصل إلينا تتضاءل. وبعد ذلك، يبدو أن النجم الأصغر يختفي وراء الأكبر، ومن ثمَّ يحدث مزيد من الانخفاض في كمية الضوء، ولكنه ليس كثيرا. والنجم الأشهر من هذا النوع من النجوم الثنائية الكسوفية هو الغول Algol الواقع في كوكبة برساوس Perseus. فكل من هذين النجمين قريب من الآخر لدرجة يتعذر معها رؤيتهما بصورة منفردة بواسطة التلسكوبات الأرضية، لكننا نعرف بالتأكيد أن المنظومة تحتوي على نجمين اثنين.

وهناك العديد من الأسباب الأخرى التي تسبب تذبذب سطوع بعض النجوم. وتتباين بعض النجوم في الحجم، فهي تنبض مثل بالون يُملأ بالهواء ثم يُترك فجأة. تعد المتغيرات القيفاوية Cepheid variables من أشهر هذه الأنواع، فهي تنتفخ وتنكمش بصورة منتظمة جدا، لدرجة أنه يمكن استخدامها كجهاز لقياس المسافة. ففي عام 1912 اكتشفت عالمة الفلك هنريتا ليفيت أن قياس السطوع الظاهري للنجوم مقارنة بمعدل تباينها يعني أننا نستطيع معرفة المسافة بينها. وقد استخدم إدوين هابل هذا المفهوم لتقدير المسافة إلى مجرة المرأة المسلسلة.

ويمكن تصنيف النجوم المتغيرة إلى مجموعتين أساسيتين، قصيرة الفترة وطويلة الفترة، مع مجموعة ثالثة من المتغيرات غير النظامية وشبه المنتظمة، لا يوجد فيها نمط لتغير ناتجها من الضوء. ويوجد نوع واحد من النجوم في هذه الفئة، وهو نجم أعجوبة قيطس المتغير. وقد سمّي على اسم نجم أعجوبة قيطس Mira أو أوميكرون قيطس. وهو عملاق أحمر بارد يُصدر نبضات كبيرة تزيد وتقلل من سطوعه. وخلال فترة تقريبية تبلغ نحو 332 يوما، يشهد النجم انخفاضا كبيرا في السطوع حتى تتعذر رؤيته بالعين المجردة. وهناك أيضا نجوم مماثلة لنجم الإكليل الشمالي “ر” R” Coronae Borealis”، الذي يبدو أنه يتلاشى بشكل مفاجئ تماما على فترات غير منتظمة، ومن ثم يتزايد مرة أخرى وصولا إلى سطوعه الأصلي. ويرجع ذلك إلى تراكم غبار الكربون في الغلاف الجوي الخارجي لذلك النجم. ومع تشتت الغبار يستعيد النجم سطوعه. هناك نوع آخر من النجوم المتغيرة، وهو فئة “غاما ذات الكرسي” Gamma Cassiopeiae، التي تتذبذب كمية الضوء المنبعثة عنها بسبب قذفها للمواد حول خط استوائها أثناء دورانها بسرعة كبيرة. ليست هذه سوى مجموعة مختارة من الأنواع المختلفة من النجوم التي قد يتباين سطوعها الظاهري كما نراه من الأرض. وتمثل مراقبة النجوم المتغيرة مجالا رائعا ورائجا جدا لدى هواة رصد النجوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى