ماذا فعل الفيكتوريون لنـا
سنغوص في عصر الابتكار والاختراع والاكتشافات اللانهائية التي شكلت العالم الحديث
بقلم: جودي تايلي وتيم ويليامسون
يدين كل شيء من صور السيلفي إلى الأنظمة الصوتية، ومن حواسيب آي ماك إلى الحليب المخفوق Milkshakes، بوجوده إلى علماء ومهندسي القرن التاسع عشر. فالدراجات النارية والقطارات البخارية وحتى الدراجة المتواضعة مَكَّنت الناس من السفر عبر مسافات شاسعة بسرعة وبتكلفة منخفضة لأول مرة.
وعززت دراسات الميكروبيولوجيا فهمنا للأمراض؛ مما مهد الطريق لعلاجها والتلقيح ضدها، في حين أحدثت الهواتف والإذاعة والتلغراف ثورة في طريقة تواصلنا ومكنت الناس من التواصل عبر البلدان والقارات.
وفيما يلي غيض من فيض من أهم الاختراعات والاكتشافات التي قد نشكر عليها عباقرة العصر الفيكتوري.
الدراجات
على الرغم من وجود تصاميم لعربات تعمل بالطاقة البشرية وتسير على عجلتين وأربع عجلات منذ القرن الخامس عشر، فإن أولى الدراجات الناجحة والآمنة والرائجة التي تعمل بالطاقة البشرية لم تبدأ بالظهور إلا بعدها بنحو 400 سنة. في عام 1817 صمم الأرستقراطي الألماني كارل فون درايس «آلة الركض» Laufmaschine، التي تكونت ببساطة من عجلتين يربطهما إطار خشبي وبها مقعد. ولدفع الآلة، كان الراكب يركض ببساطة على الأرض، ثم يرفع قدميه ويترك بقية العمل للعجلتين.
وبحلول ستينات القرن التاسع عشر طوّرت في فرنسا دراجة ببدالين عرفت بـ«العجلة الثلاثية» Velocipede، وقد مكنت الدراجين من تدوير العجلة الأمامية بالقدمين. وعرفت هذه أيضاً بـ«هزّازة العظام» Boneshaker بسبب الركوب غير المريح نظرا إلى صلابة عجلاتها. وبحلول ثمانينات القرن التاسع عشر كان شكل الدراجة الحديثة قد تبلور، فانتقلت الدواستان إلى مركز الإطار، لتدفعا العجلة الخلفية عبر سلسلة بهدف تحقيق مزيد من التحكم والاستقرار.
البسترة
قبل منتصف القرن التاسع عشر كانت للطعام والشراب فترة صلاحية قصيرة بشكل مدهش، وعلى وجه الخصوص كان الحليب يفسد بسرعة كبيرة، فتصير رائحته كريهة ولا يمكن شُربه ومن ثمَّ يُهدر. وقد تغير هذا مع اختراع البسترة Pasteurisation، وهي عملية تسخين السائل حتى درجة الغليان تقريباً لقتل أكبر عدد ممكن من الجراثيم الضارة قبل تبريده بسرعة. توصّل الكيميائي لويس باستور Louis Pasteur إلى اكتشافه هذا خلال بحثه عن طريقة لتخمير النبيذ. وكان يحاول اكتشاف سبب الطعم الحامض للنبيذ أو تلفه؛ فوجد أن التسخين والتبريد السريع منع أي جراثيم أو ميكروبات من أن تسبب التلوث. ومكنتنا دراساته أيضاً من تحقيق أكبر لدور الأحياء المجهرية أثناء التخمير Fermentation. ومنح العالم الفرنسي اسمه لاكتشافه، الذي يعد حاليا مرحلة حيوية في الإنتاج الواسع النطاق لمنتجات الألبان والكحول. إضافة إلى ذلك، فقد أدت أبحاثه في الميكروبيولوجيا، أو نظرية الجراثيم Germ Theory، إلى التوصل إلى فهم أكبر لأسباب الأمراض وعلاجها.
منظومة الصرف الصحي في لندن
في أوائل القرن التاسع عشر كان نهر التيمز بالوعةً نتنة للصرف الصحي الخام. وقد قُتل أكثر من 10,000 من سكان لندن بسبب الكوليرا ما بين عامي 1853 و1854. وأدى صيف حار بشكل خاص إلى شلّ حركة المدينة فيما عرف بـ«كارثة الرائحة الكريهة» Great Stink؛ مما دفع الحكومة إلى التحرك. وبنى كبير المهندسين جوزيف بازالجيت Joseph Bazalgette شبكةً تحت الأرض من «المجارير المعترضة» Intercepting Sewers التي جمعت النفايات المتدفقة إلى نهر التيمز باستخدام الجاذبية ومضخة ضخمة للبخار تستخدم أحياناً. وحُفرت المجارير يدويّاً- لم تكن هناك حفّارات ميكانيكية- وشيدت باستخدام 318 مليون طوبة لُصقت بأسمنت بورتلاند الجديد المقاوم للماء. ومع ذلك، ظلت مياه الصرف الصحي «غير معالجة» حتى ثمانينات القرن التاسع عشر!
صاروخ ستيفنسون
تحققت إحدى الخطوات الرئيسية الأولى في الطريق إلى قطارات الركاب التي تسير بالبخار في عام 1829 عندما حقق «صاروخ» المهندسَيْن جورج وروبرت ستيفنسون George and Robert Stephenson سرعة قصوى بلغت 48 كم/الساعة- وهي سرعة مذهلة في ذلك العصر. وعلى الرغم من أنها لم تكن أول قاطرة تعمل بالبخار، فإن «الصاروخ» Rocket جَمَع بين العديد من خصائص التصميم الفعالة واختير للعمل على واحد من أوائل خطوط السكك الحديدية للركاب في العالم، وهو خط ليفربول ومانشستر للسكك الحديدية.