تتضاعف خلايا الإشريكية
القولونية كل 20 دقيقة
”لا تؤدي هذه العملية إلى تعقيم المنتج الغذائي تماماً“
تستخدم البسترة لمكافحة مسببات الأمراض الضارة التي توجد داخل الأطعمة النيئة، والتي يشار إليها كثيراً بالميكروبات المسببة للتلف ،Spoilage microorganisms والتي يمكن أن تُنقل إلى أجسادنا عندما نتناول هذه الأطعمة في حالتها الخام. توجد مسببات الأمراض مثل الإشريكية القولونية E. coliوالسالمونيلا Salmonella في الحليب الخام، وعند تناوله قد تسبب مشكلات صحية خطيرة. لتدمير وإزالة مسببات الأمراض الضارة من بعض الأطعمة، مثل الحليب، يسخّن إلى درجات حرارة عالية أقل من º100س. تُفسد الحرارة البروتينات والإنزيمات الموجودة في مسببات الأمراض وتفككها، فتقتلها وتسمح للبشر بتناولها دون تعريض صحتهم للخطر. بمجرد تسخين الطعام، يبرّد ويخزّن. يؤدي تخزين المنتجات المبسترة في ظروف باردة مثل الثلاجة إلى خلق بيئة لا تستطيع فيها الميكروبات التكاثر والنمو، مما يُبطل عَمل البسترة بشكل فعال. لا تؤدي هذه العملية إلى تعقيم المنتج الغذائي تماماً، ولكنها تزيل ما يكفي من الميكروبات المسببة للتلف بحيث تكون آمنة للأكل وتطيل عمرها الافتراضي. بخلاف قتل مسببات الأمراض الضارة، وجدت دراسات أن البسترة يمكن أن تغير تركيز الفيتامينات بشكل طفيف في بعض المنتجات. ففي الحليب تزيد من تركيز فيتامين ،A ولكنها تقلل من مستويات فيتامين B12 و .Eتحدث بعض أشكال البسترة قبل وقت طويل من صنع الطعام، مثل البيض. في عام 2017، حدّثت وكالة معايير الغذاء Food Standards Agency نصائحها حول البيض، فسمحت بتناول البيض النيئ أو البيض المطبوخ قليلاً المنتج بموجب قانون الأسد البريطاني .British Lion Codeيأتي البيض المنتج بموجب هذا القانون من دجاج مطعّم ضد السالمونيلا، مما يقلل من خطر نقل البكتيريا. البيض المنتج خارج قانون الأسد غير مناسب للأكل نيئاً ويجب طهيه بالكامل قبل تناوله.
في حين أن غالبية الأطعمة، مثل الحليب والجبن والمكسرات وشراب العنب، مبسترة وآمنة للاستهلاك، إلا أن هناك بدائل مصنوعة من منتجات غير مبسترة آمنة للأكل. تُصنع العديد من الأجبان الطرية من الحليب غير المبستر أو الخام، ولكن بدلاً من إخضاعها للبسترة، يلزم تعتيق هذا النوع من الجبن عند درجة حرارة ثابتة لإيقاف نمو البكتيريا الضارة. في كندا، يشترط القانون أن يعتّق الجبن لمدة 60 يوماً على الأقل عند درجة حرارة º2س قبل بيعه. فعادة ما تتطلب عملية البسترة درجة حرارة تبريد ثابتة لمنع نمو الميكروبات المفسدة، لكن هذا ليس هو الحال دائماً. يُعرف الحليب الذي يوضع في علب كرتون غير مبردة بالحليب المعالج بالحرارة الفائقة Ultra-high temperature (اختصاراً: الحليبUHT). وتتضمن هذه النسخة المتطرفة من البسترة تسخين الحليب بسرعة إلى درجات حرارة لا تقل عن º135س ثم تبريده بسرعة إلى درجة حرارة الغرفة. وتقتل هذه العملية جميع مسببات الأمراض pathogens الموجودة في الحليب، وتعقمه بشكل أساسي، ومن ثم يُعبأ في وعاء معقم لمنع نمو أي بكتيريا جديدة. يمكن بعد ذلك تخزين الحليب المعالج دون الحاجة إلى تبريده، ويمكن تناوله لعدة أشهر. فعلى الرغم من أن الطرق التقليدية للبسترة لا تزال هي الطريقة السائدة لمعالجة منتجات الألبان وغيرها من المواد السريعة التلف، إلا أن هناك عمليات غير حرارية ناشئة، مثل المعالجة بالضغط العالي High-Pressure Processing(اختصاراً: المعالجة HPP) والمجالات الكهربائية النبضية Pulsed Electric Fields (اختصاراً: المجالاتPEF)، والتي تُستكشف كخيار بديل. تتعرض الأطعمة المعالجة بالمجالات الكهربائية النبضية في درجات الحرارة المحيطة لمجالات كهربائية نبضية تحيّد الميكروبات المفسدة، في حين تستخدم المعالجة بالضغط العالي ضغطاً شديداً لتثبيط الميكروبات المفسدة وإطالة العمر الافتراضي للمنتج.
باستور الرائد
اشتُقت كلمة ”بسترة“ من اسم الرجل الذي اكتشفها في عام 1865. اخترع الكيميائي وعالم الميكروبيوجيا الفرنسي لويس باستور Louis Pasteur هذه العملية وحصل من أجلها على براءة اختراع بعد دراسة العلم وراء التخمير ومحاولة معالجة ”مرض“ شراب العنب، الذي كان يدمر مزارع الكروم في فرنسا. بعد أن اكتشف ميكروباً يحول الكحول إلى خل، يُدعى الغلالة المخاطية الخلّيّة (مايكوديرما أسيتي) Mycoderma aceti، ونشر ”نظرية الجراثيم“ في عام 1861، كلف الإمبراطور نابليون الثالث Napoleon III باستور بمهمة فهم المرض الذي كان يحول شراب العنب إلى خل. عن طريق تجربة الأطعمة التي تعرضت للهواء بعد فترة من التسخين وتلك التي لم تتعرض له، افترض باستور أن الجراثيم الموجودة في الهواء هي المسؤولة عن تلف بعض الأطعمة وشراب العنب. اكتشف أن تسخين شراب العنب إلى درجة حرارة تزيد على º55س يقتل الميكروبات ويطيل عمر شراب العنب قبل أن يفسد.
بقلم: سكوت داتفيلد