على الساحل الشمالي لمصر، وفي مدينة الإسكندرية الصاخبة، توجد سراديب الموتى بكوم الشقافة. فقد استوحي الاسم العربي للمقبرة من اسمها اليوناني لوفوس كيرا Lofus Kira، والذي يعني “تل الشدف الفخارية”.
واكتشفت كهوف المقابر هذه في عام 1900، لكن لم يعثر عليها فريق من علماء الآثار، بل حمار ضال! إذا صدقت تلك الحكاية، فقد سقط حمار ضال سيئ الحظ وابتلعته الأرض المتصدعة على قمة تل في موقع قرية قديمة كانت تعرف آنذاك باسم راكوتيس، فعُثر على ما مجموعه 300 جثة في البداية.
وبنيت المقبرة أصلا خلال العصر اليوناني الروماني خلال مطلع القرن الثاني الميلادي، واستخدمها المصريون حتى القرن الخامس الميلادي. وشيّدت الأعمدة الحجرية والجدران يدويا من الحجر الجيري الصخري المجلوب من المناطق المحيطة (وهي أحجار تتشكل طبيعيا من الرمال وجسيمات الأصداف)، وذلك باستخدام أدوات بسيطة. وعند النزول من المدخل السطحي، يؤدي درج أسطواني طوله 10 أمتار إلى التريكلينيوم Triclinium، وهي قاعة مآدب رومانية لأسر المتوفين، وقاعة مستديرة.
وكانت جثث الموتى تٌنزل إلى أسفل عمود الدرج ومن ثم تنقل إلى المقبرة الرئيسية إلى مكان راحتها النهائي. ولم تكن كوم الشقافة هي المقبرة الوحيدة في الإسكندرية القديمة، فكانت المقابر المبنية تحت الأرض جزءا من “مدينة الموتى” في مصر القديمة. ومن المفترض أن المقابر الأخرى تعرضت للدمار نتيجة للزلازل والنمو الحضري.