دباغة الجلود
اكتشف الطرق التاريخية المستخدمة لإنتاج هذه المادة المتعددة الاستخدامات من جلود الحيوانات
إن الدفء الذي توفره السترة الجلدية، أو الراحة التي تشعر بها عند الجلوس على مقعد جلدي، هما نتيجة لعملية معقدة. صُنع الجلد أول مرة عندما سعى الصيادون إلى تحقيق أكبر استفادة من المواد المتاحة حولهم. في حين تأتي غالبية الجلود العصرية من الماشية، غير أنها نشأت أولاً من جلد أي حيوان بري تقريباً.
بعد تتبعها لأكل لحومها، بدأ البشر يجربون أجزاء مختلفة من الحيوانات. يعني هذا أن القطع الصغيرة التي لم يستفيدوا بأكلها لن تذهب سُدى بالضرورة. عولجت الجلود وقطعت وشكِّلت لصنع الملابس والأدوات، كما يحدث حالياً تماماً.
يُعَد التحضير المناسب للجلد ضرورياً لتحويل المواد القابلة للتحلل إلى مادة تُعمَّر طويلاً. يشمل ذلك تشبيع الجلد بمركبات كيميائية تسمى العفص Tannins. توجد هذه الكيماويات بتركيزات عالية داخل النباتات، ولذلك فإن الدباغة بالخضراوات واحدة من أقدم طرق إنتاج الجلود. يرتبط العفص بالبروتينات الموجودة في جلد الحيوان ويمنع أليافها من التفكك. ويُعتقَد أن الإغريق القدماء توصلوا إلى أول تركيبات نباتية ناجحة لدباغة الجلود.
”تُجهَّز الجلود وتُقص ثم تُشكَّل لصنع الملابس“
من إهاب إلى جلد
تتبع العملية القديمة التي لا تزال مستخدمة على نطاق واسع حاليا
هل كنت تعلم؟
بدأ البشر يبحثون عن طرق لحفظ الجلود أول مرة خلال العصر الحجري.
تقنيات قديمة
كانت هناك خيارات كثيرة لحفظ الجلود. وكان ينبغي أن تحتوي المواد المستخدمة في الدباغة على المواد الكيميائية والإضافات
المناسبة لتحويل إهاب الحيوانات إلى جلد جاف. ولما كانت الدهون تعمل بنحو جيد في هذه العملية، وكانت الأدمغة الدهنية للثدييات التي تُصاد كانت غالباً بالحجم المثالي لتوفير كمية المادة المطلوبة لتغطية الجلد، فقد كانت خياراً مثالياً. بعد اصطياد حيوان، تطلَّب الأمر عملاً يدوياً شاقاً لعصر الدماغ على الجلد. تعود السجلات التي توثّق هذه الطريقة في الأساس إلى الأمريكيين الأصليين. عند إزالة الشعر واللحم من جلود الحيوانات منذ آلاف السنين، كان من الشائع نقعُها في البول أو التبول على أشد أجزاء الجلد صلابة. يرجع ذلك إلى أن درجة الحموضة العالية للبول يمكنها تفتيت هذه المادة العضوية وفصلها عن الجلد. لترقيق الجلد وتقليل الشحوم، كما استُخدِم روث الحيوانات، بما في ذلك براز الكلاب وروث الدجاج والحمام. يحتوي روث هذه الحيوانات على إنزيمات محللة للبروتينات تكسر البروتينات الطويلة السلسلة للكولاجين وترقق ألياف الجلد.
الاستخدامات المبكرة
أشيرَ إلى الجلد أول مرة في نحو العام 1300 قبل الميلاد، لكن هذه المادة استُخدمت لتدفئة البشر وتوفير الراحة والحماية قبل ذلك بفترة طويلة. استُخدمت الجلود لصنع الملابس لحماية البشر من العوامل الجوية، والأحذية لتمكينهم من المشي بنحو أكثر كفاءة على الأراضي الوعرة، والحقائب لتسهيل نقل أمتعتهم. تُصور مصنوعات يدوية وأعمال فنية قديمة من العام 5000 قبل الميلاد تقريباً استخدام الصنادل والقفازات والحاويات. نظراً إلى كونه خامة قوية الاحتمال ومريحة، كثيراً ما يُستخدَم الجلد لتغطية المقاعد في المركبات. على مر التاريخ لم يختلف ذلك كثيراً عن اليوم، إذ استخدمت الجلود على نطاق واسع لصنع السروج في عربات النقل التي تجرها الخيول، واعتباراً من العصور الوسطى في صنع الكراسي وأنواع الأثاث الأخرى.