أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فنون وعلوم إنسانية

خرافة «نظرة» الموناليزا

بقلم: ستيفاني باباس

من المعروف أن المرأة التي تصورها لوحة ليوناردو دافنشي الأشهر تبدو وكأنها تنظر إلى المشاهدين، وتتبعهم بعينيها بغض النظر عن مكان وقوفهم في الغرفة. ولكن هذه المعرفة الشائعة، كما اتضح، خاطئة؛ فعينا الموناليزا لا تتابعان المشاهدين على الإطلاق. ووجدت دراسة حديثة أن المرأة المرسومة في اللوحة الشهيرة تنظر في الواقع بزاوية 15.4 درجة إلى يمين المراقب. وبمعنى آخر، كما قال مؤلف الدراسة غيرنوت هورستمان Gernot Horstmann، عالم النفس الإدراكي Perceptual Psychologist من جامعة بيليفيلد Bielefeld University في ألمانيا: «إنها لا تنظر إليك». هذا مثير للسخرية إلى حد ما لأن الظاهرة الكاملة لنظرة شخص ما في صورة فوتوغرافية أو لوحة، التي تبدو كأنها تتبع المشاهد تسمى «تأثير الموناليزا».
كان هورستمان والمؤلف المشارك لدراسته، عالم الحاسوب سيباستيان لوث Sebastian Loth، يدرسان هذا التأثير للتعرف على تطبيقاته في إنشاء تجسيدات الذكاء الاصطناعي عندما ألقى هورستمان نظرة طويلة على الموناليزا وأدرك شيئاً ما «فكرت، انتظر، إنها لا تنظر إليّ».
للتأكد من أنه ليس الوحيد في ذلك، طلب الباحثان إلى 14 شخصاً مشاهدة صور للموناليزا على شاشة حاسوبية. ووضعا مسطرة بين المراقب والشاشة وطلبا إلى المشاركين ملاحظة الرقم الموجود على المسطرة، الذي يتقاطع مع نظرة الموناليزا. لاختبار ما إذا كانت الملامح الأخرى للوحة قد أحدثت أي فرق في إدراك المراقب لنظرتها. غيّر الباحثان مقدار تكبير الصورة، لتغيير ما إذا كان المراقب يرى عيني المرأة أو أنفها أو رأسها بالكامل. ولحساب زاوية نظر الموناليزا إلى المراقب، غيّرا مدى بُعد أو قرب المسطرة من الشاشة أثناء الدراسة. وقد زودهما هذا بنقطتين للعمل عليهما؛ مما مكنهما من حساب الزاوية.
وفي جميع الحالات وجد الباحثان أن المشاركين قرروا أن المرأة في لوحة الموناليزا لم تكن تنظر إليهم بشكل مباشر، بل إلى يمينهم قليلاً. فلماذا يكرر الناس الاعتقاد أن عينيها تبدوان كأنهما تتبعان المشاهد؟ هورستمان ليس متأكداً، وقال إنه ربما كانت لدى الناس رغبة في أن يُنظر إليهم، لذلك يعتقدون أن المرأة تنظر إليهم مباشرة، حتى وهي ليست كذلك. أو ربما، كما قال، أن الأشخاص الذين صاغوا مصطلح «تأثير الموناليزا» لأول مرة ظنوا أنه اسم رائع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى