أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

بعثة إلى الشمس

ستلقي المركبة الشمسية المدارية نظرة عن كثب على الشمس لسبر أسرار المجموعة الشمسية.

بقلم: أندرو ماي

عادةً ما تطلق وكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency (اختصارا: الوكالة إيسا (ESA مركباتها الفضائية الخاصة، لكن بعثتها الأخيرة وراء الأرض استخدمت صاروخ أطلس فايف Atlas V الأمريكي، والذي انطلق من قاعدة كيب كانافيرال في فلوريدا في 10 فبراير 2020. والمركبة الشمسية المدارية Solar Orbiter، كما يوحي اسمها، ستدور حول الشمس، ولكن بطريقة لم تحدث من قبل، فهي مصممة للكشف عن بعض الأسرار التي احتفظ بها نجمنا منذ أمد طويل.
وتهيمن الشمس على المجموعة الشمسية بطرق أكثر من مجرد توفير مصدر للحرارة والضوء، فهي تبث أيضاً تياراً مستمراً من الجسيمات المشحونة السريعة الحركة المعروفة بالرياح الشمسية Solar wind، والتي تملأ المجموعة الشمسية ‘بغلاف جوي’ هش جداً يسمى الغلاف الشمسي Heliosphere. وعلى الرغم من أنه ليس ضاراً في معظم الوقت، إلا أنه قد يكون أحياناً مسرحاً لأحداث ‘طقس الفضاء’ Space weather المتطرفة مثل العواصف الشمسية. وقد تكون هذه خطرة على التكنولوجيا التي نعتمد عليها- فقد تُعطل الاتصالات اللاسلكية، وشبكات الأقمار الاصطناعية، وفي الحالات القصوى، حتى شبكات الكهرباء بكاملها. والهدف الأساسي من المركبة الشمسية المدارية هو تزويد العلماء بفهم أفضل للغلاف الشمسي عن طريق الاقتراب بقدر الإمكان من مصدره.
للقيام بذلك، تحمل المركبة أكثر من 200 كغم من الأدوات العلمية، تتألف في مجموعها من 10 أدوات. وتنقسم هذه إلى فئتين مختلفتين ومتكاملتين.
عندما يتعلق الأمر بالأجهزة الفلكية، ستفكر عادة في تلسكوب يسمح لك برصد جرم بعيد جداً. وهذا مثال على ما يسميه العلماء أداة ‘للاستشعار عن بعد’ Remote-sensing، وقد زوّدت المركبة الشمسية المدارية بستة من هذه الأجهزة لمراقبة سطح الشمس.
في فئة مختلفة، هناك أدوات مصممة لإجراء قياسات فورية أو ما يسمى قياس ‘في الموقع’ In-situ- للبيئة المجاورة، وهي شائعة في الأنشطة العلمية مثل التنبؤ بالطقس على الأرض، لكنها أكثر من مجرد أداة غير تقليدية في علم الفلك حيث يكون الجرم المعني بعيداً جداً. فلما كانت المركبة الشمسية المدارية ستطير عبر الغلاف الشمسي الداخلي، فإنها مزودة بأدوات للقياس في الموقع، وهناك أربعة أنواع مختلفة على متن المركبة.
بدلاً من الدوران حول الشمس في دائرة ضيقة، ستدور المركبة الشمسية المدارية في مدار إهليلجي واسع، بحيث يصل إلى مدار الأرض ويغوص إلى الدخل في مدار عطارد. وعند أقرب نقطة يصل إليها، سيكون على مسافة تزيد قليلاً على ربع بُعد الأرض عن الشمس. وفي هذه المرحلة من كل دورة، ستعمل أدوات الاستشعار عن بُعد دورها لالتقاط أفضل الصور العالية الدقة لسطح الشمس. وسيتحرك المسبار بسرعة كبيرة في هذه المرحلة لدرجة أنه سيواكب دوران الشمس نفسها، أي ‘سيحوم’ فعلياً فوق البقعة نفسها على سطح الشمس لعدة أيام.
في المقابل، ستُستخدم أدوات القياس في الموقع على طول المدار- سواء في الجزء الداخلي، أو حتى الأجزاء المجهولة من الغلاف الشمسي والمناطق المعروفة القريبة من الأرض. وهذا سيزود العلماء بصورة جيدة عن كيفية تطور الرياح الشمسية أثناء تدفقها من الشمس.
وهناك تطور جديد في بعثة المركبة الشمسية المدارية. فبالتحليق المتكرر بالقرب من كوكب الزهرة، سيميل المدار تدريجياً بزاوية متزايدة الانحدار بالنسبة إلى مستوى مدار الأرض. وسيزوده هذا بمناظر غير مسبوقة للمناطق المحيطة بقطبي الشمس، وهي المناطق التي يعتقد أنها بالغة الأهمية لتكون الرياح الشمسية، ولكن من الصعب جداً مراقبتها من الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى