أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
غير مصنف

الحياة المريخ كيف نبحث عن الحياة على سطح الكوكب الأحمر

كيف‭ ‬استكشفنا‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر وماذا‭ ‬سيأتي‭ ‬بعد

في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2016،‭ ‬أعلن‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ – ‬مؤسس‭ ‬شركة‭ ‬سبيس‭ ‬إكس‭ ‬SpaceX‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬جريئة‭ ‬لتوطين‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬المريخ‭. ‬فقد‭ ‬احتل‭ ‬الخبر‭ ‬عناوين‭ ‬الأخبار‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬المنتقدين‭ ‬لأسباب‭ ‬مفهومة‭ ‬،‭ ‬فقد‭ ‬أثار‭ ‬ذلك‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إمكانية‭ ‬استكشاف‭ ‬المريخ‭.‬

يمثل‭ ‬المريخ‭ ‬اليوم‭ ‬عالَما‭ ‬قاحلا‭ ‬شديد‭ ‬الوعورة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬غلافه‭ ‬الجوي‭ ‬المحتوي‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬95‭ ‬٪‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬ودرجات‭ ‬الحرارة‭ ‬المنخفضة‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ – ‬153‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬وغياب‭ ‬المجال‭ ‬المغناطيسي،‭ ‬فليس‭ ‬هذا‭ ‬بالضبط‭ ‬مكانا‭ ‬صالحا‭ ‬للسكنى‭. ‬ولكن‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬بلايين‭ ‬السنين،‭ ‬نحن‭ ‬واثقون‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المريخ‭ ‬كان‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬المياه‭. ‬فيمكننا‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬كوديان‭ ‬نحتتها‭ ‬الأنهار،‭ ‬وأحواض‭ ‬البحيرات‭ ‬الخالية‭ ‬وحتى‭ ‬الخطوط‭ ‬الساحلية‭.‬

أما‭ ‬السؤال‭ ‬الكبير‭ ‬المتبقي‭ ‬حول‭ ‬المريخ،‭ ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حياة‭ ‬على‭ ‬سطحه‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬لاتزال‭ ‬موجودة‭. ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬طول‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬احتوى‭ ‬فيها‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬سطحية،‭ ‬والتي‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬طويلة‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭ ‬لكي‭ ‬تزدهر‭ ‬الحياة‭. ‬لكنه‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬نشوء‭ ‬حياة‭ ‬ميكروبية‭ ‬بدائية‭ ‬هناك‭.‬

البعثتان‭ ‬قادمتان‭: ‬البعثة‭ ‬الأوروبية‭ ‬روفر‭ ‬إكسو‭ ‬مارس‭ ‬2020‭ ‬ExoMars 2020‭ ‬rover،‭ ‬والبعثة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مارس2020‭ ‬روفر‭ ‬Mars 2020‭ ‬rover،‭ ‬ستبحثان‭ ‬عن‭ ‬إجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭. ‬وتمثل‭ ‬هاتان‭ ‬المركبتان‭ ‬المريخيتان‭ ‬بشيرا‭ ‬مثيرا‭ ‬للشكل‭ ‬الذي‭ ‬يرجح‭ ‬أن‭ ‬يبدو‭ ‬عليه‭ ‬عصر‭ ‬استكشاف‭ ‬المريخ‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬تعمل‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬“ناسا”‭ ‬بكل‭ ‬جهد‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬مركبة‭ ‬فضائية‭ ‬وصواريخ‭ ‬جديدة‭ ‬لنقل‭ ‬البشر‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭. ‬ويتمثل‭ ‬هدفها‭ ‬بتعزيز‭ ‬استكشافات‭ ‬الجنس‭ ‬البشري،‭ ‬وربما‭ ‬إنشاء‭ ‬قاعدة‭ ‬دائمة‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ‭.‬

لقد‭ ‬ظهر‭ ‬ماسك‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2016‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬توقّف‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬تماما‭. ‬فقد‭ ‬ذكر‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬صاروخ‭ ‬عملاق،‭ ‬سيبدأ‭ ‬في‭ ‬عشرينات‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬بإرسال‭ ‬100‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬رحلة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هدف‭ ‬توطين‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر‭ ‬قبل‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬الثاني‭ ‬والعشرين‭.‬

لقد‭ ‬عاد‭ ‬المريخ‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الحياة‭ ‬قد‭ ‬وجدت‭ ‬هناك‭ ‬مطلقا‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬فسنقرأ‭ ‬قريبا‭ ‬في‭ ‬الأخبار‭: ‬هبوط‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر‭.‬

روبوتات‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ

كيف‭ ‬نستخدم‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستكشاف‭ ‬الروبوتية‭ ‬لسبر‭ ‬أغوار‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر

في‭ ‬يوليو‭ ‬1965،‭ ‬حلّقت‭ ‬مركبة‭ ‬“ناسا”‭ ‬الفضائية‭ ‬مارينر‭ ‬4‭ (‬Mariner 4‭) ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر،‭ ‬فالتقطت‭ ‬الصور‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬لسطح‭ ‬المريخ‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬تعلمنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬بعثاتنا‭ ‬الروبوتية‭- ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يمر‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬حتى‭ ‬وصول‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭. ‬عندما‭ ‬بدأنا‭ ‬بإرسال‭ ‬البعثات‭ ‬إلى‭ ‬المريخ،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬العلماء‭ ‬متأكدين‭ ‬مما‭ ‬وجدوه‭. ‬لكن‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت،‭ ‬تمكّنا‭ ‬من‭ ‬رسم‭ ‬صورة‭ ‬لما‭ ‬بدا‭ ‬عليه‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الماضي‭. ‬ومنذ‭ ‬تلك‭ ‬الاكتشاف‭ ‬الأولية،‭ ‬فقد‭ ‬تغيرت‭ ‬أهداف‭ ‬مهامنا‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬بحث‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬وعن‭ ‬المياه‭.‬

لقد‭ ‬وصلت‭ ‬مركبتا‭ ‬“ناسا”‭ ‬فايكنغ‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1976،‭ ‬وكانتا‭ ‬أول‭ ‬مسبارين‭ ‬مخصصين‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬النتائج‭ ‬حاسمة،‭ ‬لكنها‭ ‬أشعلت‭ ‬سباق‭ ‬استكشاف‭ ‬المريخ‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إرجاع‭ ‬الصور‭ ‬الأولى‭ ‬لسطح‭ ‬المريخ‭ ‬نفسه‭. ‬ولكن،‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬محاولات‭ ‬فاشلة،‭ ‬سينقضي‭ ‬عقدان‭ ‬آخران‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬حتى‭ ‬البعثة‭ ‬المريخية‭ ‬الناجحة‭ ‬التالية‭. ‬وقد‭ ‬أطلقت‭ ‬ناسا‭ ‬المسبار‭ ‬مارس‭ ‬غلوبال‭ ‬سورفايور‭ ‬Mars Global Surveyor‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1998‭ ‬و2006،‭ ‬قامت‭ ‬بمسح‭ ‬تفصيلي‭ ‬للسطح‭ ‬ووفرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬اللازمة‭ ‬للبعثات‭ ‬المريخية‭ ‬اللاحقة‭. ‬ومن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬قدّم‭ ‬الدليلَ‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬جليد‭ ‬الماء‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ‭.‬

وقد‭ ‬وصلت‭ ‬أول‭ ‬مركبة‭ ‬مريخية‭ ‬أرسلناها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1997‭. ‬وقامت‭ ‬المركبة‭ ‬سوجورنر‭ ‬Sojourner‭ ‬بتحليل‭ ‬الصخور‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ،‭ ‬ووجدت‭ ‬تضاريس‭ ‬مشابهة‭ ‬لكوكب‭ ‬الأرض‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬وصلت‭ ‬أيضا‭ ‬مركبتان‭ ‬حققتا‭ ‬نجاحا‭ ‬كبيرا‭ ‬–‭ ‬هما‭: ‬سبيريت‭ ‬Spirit‭ ‬وأوبرتونيتي‭ ‬Opportunity،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬نشطة‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬،‭ ‬أطلقنا‭ ‬المركبة‭ ‬المريخية‭ ‬كيوريوسيتي‭ ‬Curiosity‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬هبطت‭ ‬في‭ ‬فوهة‭ ‬غيل‭ ‬البركانية،‭ ‬واكتشفت‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬يرجّح‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬بحيرة‭ ‬قديمة‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬ساعدتنا‭ ‬البعثة‭ ‬مافن‭ ‬MAVEN،‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬كيف‭ ‬دمرت‭ ‬الرياح‭ ‬الشمسية‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬للمريخ‭. ‬ولكنه‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬لكي‭ ‬نتعلمه‭ ‬–‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬الجيل‭ ‬المذهل‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬مستكشفات‭ ‬المريخ‭ ‬التي‭ ‬ستطلقها‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأوروبية‭ ‬ESA‭ ‬و‭ ‬ناسا‭.‬

الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المريخ

استعداداتنا‭ ‬لإرسال‭ ‬بعثات‭ ‬مأهولة‭ ‬إلى‭ ‬الكوكب‭ ‬الاحمر

الصواريخ

منتظمة‭ ‬أجل‭ ‬تجاوز‭ ‬مدار‭ ‬الأرض،‭ ‬سنحتاج‭ ‬إلى‭ ‬صاروخ‭ ‬بالغ‭ ‬الضخامة‭. ‬وفي‭ ‬بعثات‭ ‬أبولو‭ ‬إلى‭ ‬القمر،‭ ‬استخدمنا‭ ‬ساتورن‭ ‬فايف‭ ‬Saturn V،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الصاروخ‭ ‬الأقوى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬ولكن‭ ‬لإرسال‭ ‬بعثات‭ ‬إلى‭ ‬المريخ،‭ ‬فسنحتاج‭ ‬إلى‭ ‬معدات‭ ‬أكبر‭ ‬وأفضل،‭ ‬وأولها‭ ‬نظام‭ ‬الإطلاق‭ ‬الفضائي‭ ‬Space Launch System‭ )‬اختصارا‭: ‬النظام‭ ‬SLS) ‬التابع‭ ‬لوكالة‭ ‬“‭ ‬ناسا”‭. ‬وبطوله‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬117‭ ‬مترا،‭ ‬سيقوم‭ ‬صاروخ‭ ‬النقل‭ ‬الثقيل‭ ‬هذا‭ ‬بنقل‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭ ‬والبضائع‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬إرسال‭ ‬أول‭ ‬رحلاته‭ ‬التجريبية‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬استخدامه‭ ‬بها‭.‬

وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬كشف‭ ‬مؤسس‭ ‬شركة‭ ‬سبيس‭ ‬إكس‭ ‬SpaceX،‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك،‭ ‬عن‭ ‬خطته‭ ‬الجريئة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬باستخدام‭ ‬نظامه‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬له‭ ‬اسم‭ ‬“نظام‭ ‬النقل‭ ‬بين‭ ‬الكواكب”‭ (‬ITS‭). ‬وبارتفاعه‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬122‭ ‬مترا،‭ ‬يريد‭ ‬ماسك‭ ‬استخدامه‭ ‬لاستعمار‭ ‬المريخ‭ ‬بنحو‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭.‬

ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تكشف‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬بدورهما‭ ‬عن‭ ‬صواريخ‭ ‬متجهة‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬القادمة‭.‬

محاكاة‭ ‬رحلة‭ ‬إلى‭ ‬المريخ

في‭ ‬28‭ ‬أغسطس‭ ‬2016‭ ‬خرج‭ ‬ستة‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬قبة‭ ‬مؤلفة‭ ‬من‭ ‬طابقين‭ ‬في‭ ‬هاواي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قضوا‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬عزلة‭. ‬لماذا؟‭ ‬كانوا‭ ‬يقومون‭ ‬بمحاكاة‭ ‬ما‭ ‬يمثله‭ ‬العيش‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

كانت‭ ‬المهمة،‭ ‬التي‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬“هاي‭ ‬سيز”‭ ‬HI-SEAS‭ (‬نظير‭ ‬ومحاكاة‭ ‬هاواي‭ ‬لاستكشاف‭ ‬الفضاء‭)‬،‭ ‬مدارة‭ ‬جزئيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وكالة‭ ‬“ناسا”‭ ‬بغرض‭ ‬التحضير‭ ‬للبعثات‭ ‬المأهولة‭ ‬المخطط‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬ثلاثينات‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭. ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬أمضى‭ ‬أعضاء‭ ‬الفريق‭ ‬كامل‭ ‬وقتهم‭ ‬بداخل‭ ‬القبة،‭ ‬فكانوا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ارتداء‭ ‬‘بذلات‭ ‬الفضاء’‭ ‬عند‭ ‬الخروج‭ ‬منها،‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬سيفعل‭ ‬المستكشفون‭ ‬في‭ ‬البعثات‭ ‬المريخية‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬وكذلك‭ ‬كانت‭ ‬اتصالاتهم‭ ‬بالأرض‭ ‬تتأخر‭ ‬بمقدار‭ ‬20‭ ‬دقيقة‭-‬‭ ‬وهو‭ ‬التأخير‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬سيتعرض‭ ‬له‭ ‬مستكشفو‭ ‬المريخ‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬بديل‭ ‬للوجود‭ ‬فعليا‭ ‬على‭ ‬المريخ،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬هو‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تكيّف‭ ‬البشر‭ ‬مع‭ ‬العزلة‭.‬‭ ‬وقد‭ ‬تستمر‭ ‬بعثات‭ ‬“ناسا”‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬إجمالا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬500‭ ‬يوما‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬–‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبعد‭ ‬بزمن‭ ‬طويل‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬وعن‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬الاتصال‭ ‬البشري‭.‬

البشر‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ

ماذا‭ ‬سنفعل‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬عندما‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر؟

من‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬إرسال‭ ‬البشر‭ ‬إلى‭ ‬المريخ،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬ستبدو‭ ‬عليه‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬هو‭ ‬أكثرها‭ ‬عرضة‭ ‬للتخمينات‭. ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬البشر‭ ‬لم‭ ‬يفكروا‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لكن‭ ‬أحدا‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬بعد‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬اليقين‭ ‬كيف‭ ‬سيظل‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬هناك‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فما‭ ‬يبدو‭ ‬قريب‭ ‬الاحتمال‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬البعثات‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬ستضم‭ ‬روبوتات‭ ‬يُتحكم‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬Telerobotics‭. ‬وسيؤدي‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬الدوران‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬حول‭ ‬المريخ،‭ ‬وربما‭ ‬العيش‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬القمر‭ ‬المريخي‭ ‬فوبوس،‭ ‬وتشغيل‭ ‬مركبات‭ ‬مريخية‭ ‬على‭ ‬السطح‭. ‬فمن‭ ‬دون‭ ‬تأخير‭ ‬الاتصالات‭ ‬الذي‭ ‬تعانيه‭ ‬المركبات‭ ‬المريخية‭ ‬التي‭ ‬يُتحكم‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الأرض،‭ ‬فقد‭ ‬يسمح‭ ‬هذا‭ ‬باستكشاف‭ ‬أسرع‭ ‬لكثير‭ ‬لسطح‭ ‬الكوكب‭.‬

ولكن،‭ ‬سيتمكن‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬أقدامهم‭ ‬هناك‭. ‬وإذا‭ ‬صدّقنا‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك،‭ ‬فسيتمتع‭ ‬هؤلاء‭ ‬البشر‭ ‬بالاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬إذ‭ ‬سيعيشون‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬اليابسة‭ ‬ويستخدمون‭ ‬معدات‭ ‬ذكية‭ ‬لتخليق‭ ‬الأكسجين‭ ‬والماء،‭ ‬وحتى‭ ‬جعل‭ ‬الكوكب‭ ‬شبيها‭ ‬بالأرض‭. ‬ولكن،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬علينا‭ ‬الانتظار‭ ‬لكي‭ ‬نعلم‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬خطته‭ ‬لجعل‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬يعيشون‭ ‬هناك‭ ‬قبل‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬ستنجح‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الوكالة‭ ‬“ناسا”،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الخطط‭ ‬أكثر‭ ‬بساطة‭ ‬وأكثر‭ ‬واقعية‭. ‬إذا‭ ‬فكرنا‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬بعثات‭ ‬أبوللو،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬إرسال‭ ‬فرق‭ ‬صغيرة‭ ‬إلى‭ ‬السطح،‭ ‬والبقاء‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ‭ ‬لبضعة‭ ‬أسابيع‭ ‬أو‭ ‬بضع‭ ‬سنوات،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭.‬

ولإنشاء‭ ‬موئل‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬غمر‭ ‬مبنى‭ ‬بصورة‭ ‬جزئية‭ ‬في‭ ‬تربة‭ ‬المريخ‭. ‬سيوفر‭ ‬هذا‭ ‬حاجزا‭ ‬ضد‭ ‬الإشعاع‭ ‬الكوني‭ ‬والشمسي،‭ ‬مما‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الأفراد‭.‬

نحن‭ ‬نعلم‭ ‬بوجود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجليد‭ ‬المائي‭ ‬المحتجز‭ ‬في‭ ‬قطبي‭ ‬المريخ‭ ‬وتحت‭ ‬سطحهما،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭ ‬سيكون‭ ‬أمرا‭ ‬مهما‭. ‬واعتمادا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬نجاح‭ ‬العربتين‭ ‬المريخيتين‭ ‬مارس‭ ‬2020،‭ ‬وإكسو‭ ‬مارس،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬لدعم‭ ‬إنشاء‭ ‬مستعمرة‭ ‬مريخية‭ ‬صغيرة‭. ‬يمكن‭ ‬تنقية‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬مياه‭ ‬صالحة‭ ‬للشرب،‭ ‬أو‭ ‬تحليلها‭ ‬إلى‭ ‬العناصر‭ ‬المكوّنة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنتاج‭ ‬الوقود‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ،‭ ‬سنتمكن‭ ‬من‭ ‬استكشاف‭ ‬سطح‭ ‬الكوكب‭ ‬بصورة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭. ‬وستولي‭ ‬أيام‭ ‬الخُطى‭ ‬الروبوتية‭ ‬المترددة؛‭ ‬فسنتمكن‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬وتحليل‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر،‭ ‬وربما‭ ‬الإجابة‭ ‬نهائيا‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حياة‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ‭.‬

هل‭ ‬يمكننا‭ ‬جعل‭ ‬المريخ‭ ‬صالحا‭ ‬للسكنى؟

منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬يحلم‭ ‬البشر‭ ‬بتحويل‭ ‬المريخ‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬يشبه‭ ‬الأرض‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬أمرا‭ ‬ممكنا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬طرق‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬بتسخين‭ ‬كمية‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الجليد‭ ‬عند‭ ‬قطبي‭ ‬المريخ،‭ ‬ربما‭ ‬باستخدام‭ ‬مرايا‭ ‬كبيرة‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬حول‭ ‬الكوكب‭. ‬وسيطلق‭ ‬ذلك‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬سماكته،‭ ‬ومما‭ ‬يحتمل‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تسخين‭ ‬الكوكب‭ ‬ككل‭.‬

وهناك‭ ‬طريقة‭ ‬أخرى‭ ‬تتمثل‭ ‬باستخدام‭ ‬مصانع‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬لتصنيع‭ ‬مركبات‭ ‬الكربون‭ ‬الكلوروفلورية‭ (‬اختصارا‭: ‬المُركَّبات‭ ‬CFCs‭) ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬والتربة‭. ‬فالمُركَّبات‭ ‬CFCs‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الأوزون‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬والذي‭ ‬يحبس‭ ‬الحرارة‭ ‬الواردة‭ ‬من‭ ‬الشمس،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬بوسعنا‭ ‬خلق‭ ‬تأثير‭ ‬مماثل‭ ‬في‭ ‬سطح‭ ‬المريخ‭.‬

وسنحتاج‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحويل‭ ‬بنية‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الأكسجين‭ ‬والنيتروجين،‭ ‬مثلما‭ ‬يوجد‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬ولكن،‭ ‬فمن‭ ‬بين‭ ‬التعقيدات‭ ‬التي‭ ‬ينطوي‭ ‬عليها‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬مجال‭ ‬مغناطيسي،‭ ‬يتعرض‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬للمريخ‭ ‬باستمرار‭ ‬للعواصف‭ ‬الآتية‭ ‬من‭ ‬الشمس‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فمن‭ ‬يدري‭- ‬فقد‭ ‬نجد‭ ‬حلاًّ‭ ‬لذلك‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

 

‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى