أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الإنسان

الحمض النووي الخردة

لماذا يوجد الكثير من الركام في الجينوم البشري؟

الجينات هي التعليمات التي تستخدمها خلايانا لبناء البروتينات والجزيئات المفيدة الأخرى. ومع ذلك، فإن أقل من %2 من «حروف» الجينوم البشري البالغ عددها ثلاثة بلايين يحتوي على الجينات الملائمة. وهذا يترك الأغلبية الساحقة من شيفرة حمضنا النووي دون وظيفة واضحة- فلماذا توجد؟

هذه هي المعضلة التي حيرت العلماء منذ أن تمكنوا من قراءة متوالية الحمض النووي لأول مرة في السبعينات. لدينا نحو 20,000 جينٍ، ولكن إذا كان عدد الجينات في الجينوم يتناسب طرديا مع كمية الحمض النووي، فلابد أن يكون لدينا في الواقع نحو ثلاثة ملايين جينٍ. لكن نقص الجينات ليس وحده هو المحيّر. فمعظم الجينوم البشري ممل ومتكرر، ويعج بملايين النسخ من عناصر تسمى الينقولات Transposons ومتواليات تكرارية أخرى.

قد يُتوقع أن التطور قد تخلص هذه الأشياء، من خلال عملية الانتخاب الطبيعي. فإذا كان قسم من الحمض النووي مفيدا، فسيبقى ويصبح جزءا مستديما من الجينوم. ولكن إن لم يكن كذلك… حسنا، فقد ظل هناك على أية حال، لأن التطور عملية بطيئة وغير كاملة. وتشير الأبحاث الحديثة أيضا إلى أن هذا الحمض النووي «الخردة» قد لا يكون عديم الفائدة تماما. ويعتقد بعض الباحثين أن وفرة الحمض النووي غير المرمّز لدينا هو المكافئ البيولوجي للفافات (الفقاعات) الهوائية Bubble Wrap، والذي يعمل أساسا كنوع من الغلاف الواقي حول جيناتنا، مما يساعد على تخفيف تأثير العوامل المسببة للسرطان مثل الأشعة السينية وغيرها من المسرطنات. وقد تكون بعض الخردة هي في الواقع هياكل بنيوية، وتساعد على المباعدة بين الجينات ومفاتيح التحكم بها بالطريقة الصحيحة، على الرغم من أن هذا يصعب إثباته. وباستخدام تقنيات الهندسة الوراثية، يمكن للباحثين «لصق» جين بجوار المفتاح الذي يفعّله وسيظل يعمل، مما يشير إلى أن التباعد الدقيق ليس بمثل هذه الأهمية.

ومع قيام الباحثين بتطوير تقنيات أفضل لدراسة وظائف أقسام الحمض النووي، سنحصل حينئذ على فكرة أفضل عن المقدار الحقيقي للحمض النووي الخردة لدينا، وعن أسباب وجوده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى