أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم البيئيةالعلوم الطبيعيةعين على العالم

اكتشاف قناديل بحر تُطلق “قنابل” من السم

بقلم: نيكوليتا لانيس

كشف بحث جديد عن زحف قنديل البحر المقلوب رأساً على عقب Upside-down jellyfish على قاع المحيط، مع أذرعه المهدبة ممتدة نحو السماء وهو يُفرز كرات مخاطية مليئة بالسموم في مياه المحيط، والتي “تلسع” السباحين العابرين.
تبدو قناديل البحر من نوع كاسيوبيا اكزاماشانا (Cassiopea xamachana) مثل نباتات لينة غريبة عالقة في قاع المحيط، والتي تميل إلى التجمع في عناقيد تشبه أحواض الأزهار الغريبة. ويعيش قنديل البحر المقلوب رأساً على عقب في غابات القرم (المانغروف) والبحيرات في جنوب فلوريدا وهاواي والمحيط الهندي والمحيط الهادي ومنطقة البحر الكاريبي. أحياناً ما يشعر السباحون الذين يزورون تلك المناطق بإحساس غريب بالحكة في جلودهم، كما لو أن الماء نفسه يلسعهم. لكن حتى الآن، لم يكن أحد يعرف السبب الحقيقي.
ربما تمكن باحثون نشروا في مجلة كوميونيكيشنز بيولوجي Communications Biology من حل هذه القضية أخيراً. ومن مواقعها في قاع البحر، تنشر قناديل البحر المقلوبة رأساً على عقب ترسانةً من “القنابل” الخلوية المسلحة بخلايا قارصة تسمى الخلايا اللاسعة Nematocytes. وعندما تتلامس هذه القنابل مع سباح عابر؛ فإنها تطلق سُمّاً يهيّج الجلد. ولكن إذا اصطدمت إحدى هذه القنابل بروبيان ملحي Brine shrimp صغير، وهو إحدى الوجبات الخفيفة المفضلة لقنديل البحر المقلوب رأساً على عقب، فإن سُمَّها يقتل الحيوان عند ملامسته.
ربما سمع من يعرفون المياه اللاسعة بما يسمى قمل البحر Sea lice، وكثيراً ما ألقي باللوم على هذه المخلوقات في الشعور المؤلم الذي تسببه قناديل البحر المقلوبة. ويُعد قمل البحر من الطفيليات التي تتغذى بالأسماك، لكن المصطلح بمثابة تعبير “جامع” لأي شيء يجعل الماء يلدغ.
لم يخضع أي من التفسيرات المقترحة للتدقيق. وقالت شيريل أميس Cheryl Ames، الباحثة المشاركة في المتحف والأستاذة المشاركة في البيولوجيا البحرية التطبيقية من جامعة توهوكو Tohoku University اليابانية: “ظننا في البداية أن هذا ربما كانت قطعاً من لوامس قناديل البحر الأخرى” الطافية في الماء، والتي ربما انفصلت أثناء حدث هائل للتفريخ، وهو ما يمكن أن يحدث.
مع استمرار اللغز دون حل، فقد أدرك العلماء أنهم كلما تعرضوا للسع، كانوا يسبحون بالقرب من قنديل البحر المقلوب رأساً على عقب عند انخفاض المد في حين تضخ قناديل البحر سحباً ضبابية من المخاط. ولمعرفة ما إذا كانت قناديل البحر الغريبة هذه هي الجاني، فقد درس الباحثون عينات من مخاط قناديل البحر تحت مجاهر عالية الدقة، فوجدوا كرات صغيرة مليئة بالهلام تطفو داخل السائل الذي بدا أنه ممتلئ بالخلايا والطحالب.
كشف الفريق عن دراسة شاردة من عام 1908 ذكرت وجود الكرات الغريبة، لكن هؤلاء الباحثين تعرفوا بشكل خاطئ على تلك البنى باعتبارها طفيليات تصيب قنديل البحر. بتحليل الجزيئات والبروتينات الموجودة في الكرات، أكد فريق أميس أن الكرات جاءت من قنديل البحر وانتشرت من زوائد بشكل الملعقة على أذرع الحيوانات.
تغطي الخلايا القارصة التي تسمى الخلايا اللاسعة الطبقة الخارجية من الكرات غير المستوية؛ عند لمس هذه الخلايا، يتسرب السم من هياكل خيطية طويلة على أسطحها، مما يؤدي إلى لسع الكائنات غير الحذرة التي تصطدم بها. وإضافة إلى الخلايا اللاسعة، فإن الخلايا مغطاة بخيوط تشبه الشعر تسمى الأهداب Cilia ترصع سطح الكرات. وتتموج هذه الأهداب في الماء وتعمل كمراوح صغيرة تُطلق الكرات في كل اتجاه. وقد أطلق الفريق على الكرات الحرة الحركة اسم “الأجسام الكسيوبية” Cassiosomes، على اسم جنس الكسيوبيا Cassiopeia.
وإذا رأيت قناديل بحر مقلوبة أثناء السباحة، فقد يكون من الأفضل الاستمتاع بالمخلوقات اللينة من مسافة بعيدة لتجنب الطفو عبر غيومها المليئة بالكرات اللاسعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى