إرفين شرودنغر
تعرفوا على الفيزيائي المؤثر الذي أثارت مناقشته حول القطة جدالاً عبر المجتمع العلمي
عندما تفكر في الفيزيائي النمساوي إرفين شرودنغر، قد يتحول عقلك أولاً إلى تجربته الفكرية الشهيرة: القطة المسمومة في صندوق. ومع ذلك، وكجزء من مساهماته في ميكانيكا الكم، فمن أشهر مآثره وضعه ‘لمعادلة شرودنغر’ Schrödinger equation.
وخلال عشرينات القرن العشرين ظهر مجال ميكانيكا الكم، إلى جانب سباق تضمن جميع كبار العلماء لإيجاد طرق لوصف وشرح حركة بعض أصغر لبنات الكون. وصُقلت قدرات شرودنغر العلمية بالدراسة والعمل في العديد من الجامعات الكبرى إلى جانب علماء من أمثال ألبرت آينشتاين. وأثناء عمله أستاذاً في جامعة زيوريخ، تعمق في أبحاث الفيزياء النظرية؛ مما مكَّنه من تجميع بعض أهم النماذج في حياته المهنية.
وتحقق أول إنجازاته الكبرى عندما بدأ بدراسة حالات الطاقة المختلفة للإلكترونات في الذرة. وباستخدام فرضية سابقة مفادها أن الجزيئات في ذرة تتحرك في موجات – على غرار حركة الموجات الضوئية – كان شرودنغر أول من نظَّم تلك البيانات في معادلة لإثبات كيفية حدوث ذلك. وكثيراً ما تُقارن المعادلة بقانون نيوتن للحركة من حيث أهميتها لميكانيكا الكم.
استُخدمت معادلة شرودنغر، بتطبيقها في مجالي الفيزياء والكيمياء، للتعامل مع أي مشكلة تتعلق بالتركيب الذري، مثل تلك التي توجد فيها موجات الإلكترونات في الذرة. إضافة إلى ذلك، فقد أثبتت معادلته الموجية حدوث التراكب Superposition: وهي حالة تتضمن جميع الحلول الممكنة. ولأن معادلاته كانت خطية وبها أكثر من عاملين متغيرين، فيتولد عنها طيف من النتائج المحتملة.
وبإحداثه ثورة في الطريقة التي يُنظر بها إلى ميكانيكا الكم، ركّز شرودنغر مرة أخرى على التراكب في تجربته الفكرية الأشهر. ولهذا الغرض، فقد طلب إلى الناس تخيل قطة داخل حاوية مغلقة، بجانب القطة عداد غايغر Geiger counter، وسُمٍّ، ومطرقة ومادة مشعة. وفي هذه الحالة، وبسبب العملية العشوائية التي تتحلل بها المادة المشعة، لا توجد طريقة لمعرفة متى سيحدث ذلك. وعندما تتحلل سيكتشف عداد غايغر النشاط الإشعاعي؛ مما يؤدي إلى تشغيل المطرقة لإطلاق السم الذي يؤدي في النهاية إلى موت القطة.
ونظراً لأنه لا يمكن رؤية هذه العملية، فلا يمكن إعلان القطة حية أو ميتة على نحو قاطع. ولهذا السبب، فقد أوضح شرودنغر أنه يجب افتراض أن القطة موجودة في حالتين اثنتين- حية وميتة- حتى يُفتح الصندوق وتُكشف محتوياته.
وفي أواخر حياته استمر شرودنغر بنشر الكتب والكتابة في المجلات الأكاديمية. وفي واحد من أشهرها، الذي حمل عنوان «ما الحياة؟» What is Life، استخدم خبرته في فيزياء الكم للتعمق في عالم البيولوجيا واستكشاف الكيفية التي يمكن بها أن تفسر نتائجه استقرارَ البنية الوراثية. وبينما أدت التطورات والأبحاث اللاحقة في هذا المجال إلى تعديلات على نتائجه، فإن أبحاثه لا تزال تُستخدم في تعريف الطلبة بميكانيكا الكم.
وبفضل تجارب شرودنغر وعملياته الفكرية وكتاباته العلمية الغزيرة، يُعدَّ شرودنغر واحداً من أفضل علماء الفيزياء في عصره. وقد حصل على التقدير خلال حياته بمنحه العديد من الجوائز المرموقة عالمي العلوم والفلسفة على حد سواء.