أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
التاريخ

أسرار الشاشة الفضية

من المَشاهد التي تحبس الأنفاس حرفياً إلى التشريح المستحيل، كيف كانت المؤثرات الخاصة تُنفذ خلال عصر السينما الصامتة؟

بقلم: إيلسا هارفي

تختلف التجارب الحالية لإنتاج ومشاهدة الأفلام عن تلك التي كانت موجودة قبل قرن من الزمن. وعند دخولك إلى السينما المحلية في منطقتك، فأنت تعلم أن تجربتك ستكون مطابقة تقريباً لتجربة أحدهم في المدينة المجاورة. وتُنتج الأفلام كحزمة كاملة من العناصر المرئية والصوتية، وتكون جاهزة للتوزيع على نطاق واسع عند إصدارها. وتُعرض الأفلام على شاشات ضخمة تحتوي على غرفة العرض وتضع المشاهدين في قلب الحدث.
ففي أوائل القرن العشرين كانت الروائع التي تُعرض بالأبيض والأسود على شاشات السينما صامتة تماماً، مما استلزم جلب موسيقيين يعزفون ألحانهم مباشرة لإضافة عنصر إضافي من الدراما. وكان هذا عصر السينما الصامتة، ومثّل حقبة ناجحة بشكل ملحوظ لهوليوود.
قبل زمن طويل من توفر تقنيات الصور المنشأة حاسوبياً Computer-generated imagery (CGI) كان على مخرجي الأفلام في هذا الوقت إيجاد طرق لكتابة قصص مثيرة مع الحفاظ على اللقطات المرئية قابلة للتصديق. ففي حين تُظهر الرسومات المعدلة حاليا مهارات متقدمة، ويمكن أن تجعلنا نغادر دار السينما ونحن نشعر بالرهبة، إلا أن المؤثرات التي نُفذت منذ قرن من الزمن هي من بعض النواحي أكثر إثارة للإعجاب. كيف استطاع الممثلون التأرجح من المباني أو تحدي الجاذبية أو تنفيذ أفعال تتحدى العلم بأجسامهم، على الرغم من الإمكانيات التقنية المحدودة؟ ربما لم يكن بوسع الكلاسيكيات القديمة استخدام الصور المحوسبة إلى درجة الكمال، كما هو الحال في أفلام العصر الحديث، لكنها امتلكت طرقا بسيطة ولكن فعالة لخداع العينين. ومعظم الأساليب المستخدمة في المؤثرات الخاصة حاليا هي مجرد اختلافات مطورة من تلك التي استُخدمت في أفلام هوليوود الكلاسيكية.
بعض أفضل المشاهد التي ظهرت على الشاشة هي أكثرها تطرفاً، سواء بفعل الخطر المتزايد أم تقلبات الحبكة الدرامية أم الكوميديا الفريدة أم العواطف الجياشة. وكان من الضروري إخراج الشخصيات من الحياة اليومية وتعريضها لمواقف لا يختار أحد أن يضع نفسه فيها. لكن الممثلين لم يكونوا أغبياء. فقد كان تعليقهم من المنحدرات، أو التلاعب بأجسامهم أو وضعهم في بيئات خطرة يتطلب اختيار وضع الكاميرا ببراعة وتنفيذ خدع مبتكرة. ومن دون محتوى منشأٍ حاسوبياً، كان على الممثلين أن يتسموا بخفة حركة مذهلة يمكن تصديقها كما كانوا متعددي المهارات والمواهب. وفي الوقت نفسه، اختُبرت واستُكشفت مهارات استخدام الكاميرا وبناء المشاهد لإيجاد أفضل زوايا التصوير وإعداد مواقع واقعية لتصوير الأفلام. واستمر عصر السينما الصامتة من منتصف تسعينات القرن التاسع عشر إلى أواخر عشرينات القرن الماضي، لكن هذه لم تكن نهاية هذا النوع من الأفلام. وحتى بعد أن صارت “الأفلام الناطقة” شائعة، استمر إنتاج الأفلام الصامتة بنجاح إلى عقد آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى